من نوادر رمضان
الاثنين, 20 سبتمبر 2010 10:30

نستجم في الحلقة الثانية من سلسلة الأدب الرمضاني مع طرائف وحكايات دونتها كتب الأدب والنوادر، يجمعها علاقتها برمضان ويفرقها اختلاف المحكي عنه من فقيه إلى طفيلي وبين الاثنين مؤذنون وأئمة، سأكتفي بنقل هذه الطرف دون أن أتدخل إلا فيما يتعلق بتقريب أسلوب الأوائل الذي أصبح ـ يا للغة أبي عثمان الجاحظ ـ أرفع من الذائقة المعاصرة.

في ذكر المغفلين من المؤذنين

 

عن أبي بكر النقاش قال حدثنا أن أعرابيا سمع مؤذنا كان يقول أشهد أن محمدا رسول الله بالنصب لرسول الله فقال: ويحك فعل ماذا؟.

وعن محمد بن خلف قال: قيل لمؤذن ما يسمع أذانك فلو رفعت صوتك فقال إني لاسمع صوتي من ميل.

وأذن مؤذن فقيل له ما أحسن صوتك فقال إن أمي كانت تطعمني البلادة وأنا صغير يريد البلادر.

من نوادر السحور

 

وعن شريح بن يزيد قال: كان سعيد بن سنان المهدي مؤذنا بجامع حمص وكان شيخا صالحا يسحر الناس في رمضان فيقول في تسحيره: استحثوا قديراتكم عجلوا في أكلكم قبل أن أأذن فيسخم الله وجوهكم وتحردوا.

عن ابراهيم بن القعقاع قال: انتبه قوم ليلة في رمضان وقت السحور فقالوا لأحدهم: انظر هل تسمع أذانا، فأبطأ عنهم ساعة ثم رجع، فقال: اشربوا فاني لم أسمع أذانا إلا من مكان بعيد

يقتص من رمضان


 

كان لبعض المغفلين حمار فمرض الحمار فنذر إن عوفي حماره صام عشرة أيام، فعوفي الحمار فصام، فلما تمت مات الحمار، فقال: يا رب تلهيت بي ولكن رمضان إلى هنا يجيء والله لآخذن من نقاوته عشرة أيام لا أصومها.

 

يستطيل سورة الفيل

صلى أعرابي خلف إمام صلاة الغداة فقرأ الإمام سورة البقرة وكان الأعرابي مستعجلا ففاته مقصوده، فلما كان من الغد بكر إلى المسجد فابتدأ الإمام بسورة الفيل فقطع الأعرابي الصلاة وولى وهو يقول أمس قرأت البقرة فلم تفرغ إلى نصف النهار، واليوم تقرأ الفيل ما أظنك تفرغ منها إلى نصف الليل

 

فقيه فضحه الادعاء

 

عن ابراهيم بن دينار قال كان رجل يقول إنه فقيه يكنى أبا الغوث وفيه تغفيل، فقلت له ما تقول فيمن نذر صوم عاشوراء فاتفق عاشوراء في رمضان هل يجزئه عنها؟ قال: قد نص الخرقي على انه يجزئه

 

سئل بعض المشايخ المغفلين أتذكر أن حج الناس في رمضان، ففكر ساعة ثم قال: بلى أظن مرتين أو ثلاثة

متمرد على الصوم

 

نظر أعرابيٌ إلى البدر في رمضان ، فقال : سمنت وأهزلتني ، أراني فيك السّلّ .

قيل لبعضهم : أيّ وقتٍ تحبّ أن تموت ؟ قال : إن كان ولا بد ، فأوّل يوم من رمضان .

حدثني العتّابيّ قال: قال قومٌ من أهل أصفهان لابن عبّاد: لو كان القرآن مخلوقاً لجاز أن يموت، ولو مات القرآن في آخر شعبان بماذا كنّا نصلّي التّراويح في رمضان؟ فقال: لو مات القرآن كان رمضان أيضاً يموت، ويقول: لا حياة بعدك، ولا نُصلَي التراويح، ونستريح.

 

 

بكى مائدة فطر الأمير

 

حدث العنزي قال: كان عبد الصمد بن المعذل يستثقل رجلا من ولد جعفر بن سليمان بن علي يعرف بالفراش، وكان له ابن أثقل منه وكانا يفطران عند المنذر بن عمرو وكان يخلف بعض أمراء البصرة وكان الفراش هذا يصلي به ثم يجلس فيفطر هو وابنه عنده فلما مضى شهر رمضان انقطع ذلك عنهما فقال عبد الصمد بن المعذل:

غَدَرَ الزمان وَلَيْتَهُ لم يَغْدرِ

وحَدَا بشهر الصوم فِطْرُ المُفْطِرِ

وثوَتْ بقلبك يا محمّدُ لوعةٌ

تَمْرِي بوادرَ دْمعِك المتحدِّر

وَتَقَسَّمْتَكَ صبابتان لِبينِهِ

أسفُ المَشُوق وخَلَّة المتفكر

فاستبق عينك واحشُ قلبَكَ يأسه

واقْرَ السلامَ على خُوان المنْذر

سَقْياً لدهرك إذ تَرَوَّحَ يومُه

والشّمسُ في عَلياءَ لم تتهوّر

حتى تُنِيخَ بكلكلٍ متزاورٍ

وَتُمدَّ بُلعُوما قَمُوصَ الحَنْجَرِ

وَتُرود منك على الخِوان أناملٌ

تَدَع الخوانَ سَرابَ قاعٍ مُقْفرِ

وَيْح الصِّحافِ من ابن فَرَّاش إذا

أنْحَى عليها كالهِزَبْرِ الهَيْصَر

ذو دُرْبة طَبٌّ إذا لمعَتْ له

بُشُرُ الخِوان بَدَا بحَلِّ المئزر

ودّ ابنُ فَرّاش وفرّاشٌ معاً

لو أنَّ شهرَ الصوم مدّةُ أشهر

يُزرِي على الإِسلامِ قِلّةَ صبره

وتراه يحمَد عِدّة الْمُتَنَصِّر

لا تَهْلِكنَّ على الصِّيام صبابةً

سيعود شهرُك قابلاً فاستبشر

لا دَرَّ دَرُّك يا محمّدُ من فتى

شَيْنِ المغيب وغيِر زَيْنِ المَحْضَرِ

سمر أدبي رمضاني

 

عن جعفر بن محمد العاصمي قال: حدثنا عيينة بن المنهال قال حدثنا شداد بن عبيد الله قال حدثني عبيد الله بن الحر العنزي القاضي عن أبي عرادة قال:

كان علي صلوات الله عليه يفطر الناس في شهر رمضان فإذا فرغ من العشاء تكلم فأقل وأوجز فأبلغ فاختصم الناس ليلة حتى ارتفعت أصواتهم في أشعر الناس فقال علي عليه السلام لأبي الأسود الدؤلي: قل يا أبا الأسود، فقال أبو الأسود وكان يتعصب لأبي دواد الإيادي أشعرهم الذي يقول:

ولقد أغتدِي يدافعُ رُكني

أَحْوَزِيٌّ ذو مَيْعة إضْريجُ

مِخْلط مِزْيَل مِكَرٌّ مِفَرّ

مِنْفَح مِطْرَح سَبَوحٌ خَروج

سَلْهَبٌ شَرْجَبٌ كأنَّ رِماحاً

حَمَلْته وفي السراة دُموج

وكان لأبي الأسود رأي في أبي دواد فأقبل علي على الناس فقال: كل شعرائكم محسن ولو جمعهم زمان واحد وغاية واحدة ومذهب واحد في

القول لعلمنا أيهم أسبق إلى ذلك وكلهم قد أصاب الذي أراد وأحسن فيه، وإن يكن أحد فضلهم فالذي لم يقل رغبة ولا رهبة امرؤ القيس بن حجر فإنه كان أصحهم بادرة وأجودهم نادرة.

أشعب إمام في رمضان

 

ولي المنصور زياد بن عبد الله الحارثي مكة والمدينة قال أشعب: فلقيته بالجحفة فسلمت عليه، قال: فحضر الغداء وأهدي إليه جدي فطبخه مضيرة وحشيت القبة، قال: فأكلت أكلا أتملح به وأنا أعرف صاحبي ثم أتي بالقبة فشققتها فصاح الطباخ إنا لله شق القبة! قال فانقطعت فلما فرغت قال: يا أشعب هذا رمضان قد حضر ولا بد أن تصلي بأهل السجن، قلت: والله ما أحفظ من كتاب الله إلا ما أقيم به صلاتي، قال: لا بد منه، قال: قلت: أو لا آكل جديا مضيرة؟ قال: وما أصنع به وهو في بطنك قال: قلت: الطريق بعيد أريد أن أرجع إلى المدينة، قال يا غلام: هات ريشة ذنب ديك، قال أشعب: والجحفة أطول بلاد الله ريشة ذنب ديك، قال: فأدخلت في حلقي فتقيأت ما أكلت، ثم قال لي: ما رأيك؟ قال: قلت: لا أقيم ببلدة يصاح فيها شق القبة، قال لك وظيفة على السلطان وأكره أن أكسرها عليك فقل ولا تشطط، قال: قلت: نصف درهم كراء حمار يبلغني المدينة قال أنصفت وأعطانيه،

عشاق في رمضان

 

كان عبد الله بن العباس يتعشق جارية الأحدب المقين، ولم يسمها في هذا الخبر، فغاضبها في شيء بلغه عنها ثم رام بعد ذلك أن يترضاها فأبت، وكتب إليها رقعة يحلف لها على بطلان ما أنكرته ويدعو الله على من ظلم، فلم تجبه عن شيء مما كتب به ووقعت تحت دعائه آمين، ولم تجب عن شيء مما تضمنته الرقعة بغير ذلك فكتب إليها:

أمَّا سُرورِي بالكتاب

فليس يَفنى ما بَقينا

وأَتى الكتابُ وفيه لي

آمين ربَّ العالمينا

قال: وزارته في ليلة من ليالي شهر رمضان وأقامت عنده ساعة ثم انصرفت وأبت أن تبيت وتقيم ليلتها عنده، فقال هذا الشعر وغنى فيه هزجاً:

يا مَنْ لِهمٍّ أمسى يُؤرِّقُني

حتى مضى شَطرُ لَيْلَةِ الجُهَنِي

عَنِّي ولم أدرِ أنَّها حضرت

كذاك مَنْ كان حُزْنه حُزنِي

إنّي سَقِيمٌ مُوَلَّه دَنِفٌ

أسقَمني حُسْنُ وَجْهِكِ الحَسَنِ

جُودِي له بالشفاء مُنْيَتَه

لا تَهجُرِي هائماً عليك ضَنِي

قال: وليلة الجهني ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قال رجل من جهينة إنه رأى فيها ليلة القدر فيما يرى النائم فسميت ليلة الجهني.

وسيعتب بعض الخليين على هذين العاشقين تطارحهما الصبابة في رمضان ولهم أقول:

لا يعرف الحب إلا من يكابده

ولا الصبابة إلا من يعانيها

أما أنا فألتمس لهم العذر بقول القائل:

لئن جنيت على نفسي سأعترف

قد يغفر الله للعشاق ما اقترفوا

وأستغفر الله العظيم

وإلى حلقة قادمة

من نوادر رمضان

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox