مولاي العربي ..عندما يقطع السجن عمرة رمضان
الخميس, 11 أغسطس 2011 13:43

altalt" أقترح على ولد عبد العزيز أن يسجنني أنا بدلا من مولاي العربي ..أنا جمركي متقاعد ومتقدم في السن ومولاي العربي شاب نظيف ونزيه ..أشهد له بذلك رغم أنني لا أهتم بالشرفاء البيض أحرى الشرفاء السود ، هكذا يختصر الجمركي المتقاعد محمد الشيخ شهادته للمدير السابق لشركة سونمكس مولاي العربي ولد مولاي امحمد ..أحد أكثر الأسماء ترددا في الإعلام المحلي في موريتانيا منذ أشهر.

ربما لم يكن مولاي العربي المعروف ببعده عن الأضواء يتصور أنه سيكون الخبر الأساسي لأغلب وسائل الإعلام في موريتانيا ..وأكثر من ذلك  سيكون متهما بإتلاف مئات الملايين من الأوقية ..وهو الذي تشهد له قطاعات كثيرة من الموريتانيين بالأمانة وحسن التسيير.

السيرة والمسيرة

التقط مولاي العربي ولد مولاي امحمد أولى صور الحياة  بمدينة النعمة شرق موريتانيا في 30 من أغسطس 1969 ليتلقى تعليما تقليديا وقرآنيا في حضن بيته المنتمي للسلالة النبوية.

واصل الشاب الأسمر المملوء حياء وذكاء طريقه الدراسية ليحصل سنة 1987 على شهادة الباكلوريا بتفوق مشهود مكنه من منحة دراسية في فرنسا نال خلالها سنة 1989 دبلوم الدراسات الجامعية العامة من جامعية نيس بفرنسا في تخصص الرياضيات الفيزيائية الميكانيكية.

وفي 1990 كان الفتى الذي شق على الدوام مسارا دراسيا مميزا على موعد مع إنجاز قياسي حيث أحرز بالتزامن شهادتي ليصانص في تخصصي الرياضيات والميكانيكا من جامعة جوزيف فورييه في اغرنوبل. وفي العام الموالي منحته ذات الجامعة دبلوم المتريز في الرياضيات.

وفي سنة 1993 تخرج مهندسا من المدرسة المركزية بباريس ذات الصيت الذائع، وبعد تدريب تكلل بالنجاح في معامل "رينو كليون" عاد ولد مولاي امحمد إلى موريتانيا ليلتحق مباشرة بالشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم".

في اسنيم كما هي كل محطات حياة الشاب مولاي العربي كان التميز وحسن السيرة والصيت الأثر الأبرز الذي يتركه مولاي في نفوس رفقائه فيما كان النجاح وحسن التسيير صفة ملازمة لكل الإدارات والقطاعات التي عمل بها في اسنيم.

خلال عمله في "اسنيم" تقلد ولد مولاي امحمد عددا من الوظائف ظل خلالها مثالا للإطار المخلص كما ترك حيثما حل ذكرا حسنا بأخلاقه العالية وابتسامته الدائمة.

 

في اسنيم عمل نائبا لرئيس مصلحة الإمدادات في "الكديه" حيث ساهم في تسيير إمدادات مقالع الكديه والورشات المركزية كما عمل على تحليل نظام تسيير المخزون لدى اسنيم ليصل إلى أسباب توقف نمو المخزون ويقترح مبادئ جديدة لتسييره.

ومنذ 2000 تفرغ ولد مولاي امحمد للعمل مستشارا حيث أعد دراسات عديدة لصالح أكثر من جهة وحول مشاريع عملاقة، ومن بين زبائن ولد مولاي شركة إسمنت موريتانيا والشركة الوطنية لصيانة الطرق والوكالة الوطنية للنفاذ الشامل حيث أعد دراسات وتقارير تفتيش لصاح تلك الشركة.

كما قدم ولد مولاي خدماته الاستشارية لصالح شركتي "أنير" واسنيم والموريتانية الفرنسية للإسمنت وسوماغاز وموريتل من شركات كبرى عديدة.

بعد 2005 وبعد كثير من الإقناع والضغط قبل المهندس مولاي العربي تولي إدارة سونمكس ..المنهارة بعد عقود كثيرة من الإفلاس السياسي والاقتصادي والأخلاقي لدى القائمين عليها خلال العشرين سنة التي سبقت عهدها الزاهر مع مولاي العربي.

مع مولاي العربي أخذت سونمكس نفسا جديدا وقويا، فبعدما كان حارس بوابة  الشركة التي تسعى لإنقاذ السوق الموريتانية يلجأ كل يوم إلى سلك حديدي يحكم به إغلاق بوابة الشركة، توفرت هذه الأخيرة في أشهرها الأولى على بوابات الكترونية يمكن حينها للحارس أن يطمئن أكثر إلى أن الشركة بخير.

وعندما كانت مخازن سونمكس في الماضي "شاة بفيفاء" ينهبها الكبار والصغار، استطاع مولاي العربي وضع جميع المخازن تحت الرقابة الكاملة، وفي مكتبه بسونمكس كانت شاشة كبيرة تظهر عمليات نقل وشحن البضائع وكذا عمليات الإيداع والنقل لم يكن بإمكان أي أحد اختلاس حبة قمح لأنه كان بالضرورة تحت رقابة كاميرات تبث صورها في مكتب المدير.

استطاع مولاي العربي ولأول مرة أن ينجز شبكة معلومات ووثائق الكترونية، تمكن مسؤولي الشركة من الوصول إلى الوثائق المهمة وتبادل المعلومات وتنسيق العمل بشكل الكتروني ومرن وسريع، فيما كانت الفواتير والوثائق في السابق عرضة للنهب والنفخ والتزوير لم يعد في عهد مولاي العربي شيء من ذلك ممكنا.

وفي ثلاث سنوات انتقلت سونمكس من الحضيض إلى قمة التميز التجاري والاستيرادي وفي نهاية المطاف حققت سونمكس هدفها الأساسي وهو التحكم في السوق من خلال استيراد أكثر من 50 % من حاجيات السوق الأساسية.

 

مرات رفض مولاي العربي عدة عروض غير نزيهة .. رشاوى إغرءات .. رفض أيضا محاولات أخرى لاستغلال النفوذ . رفض مطالب الوزير الأول السابق بشراء كميات كبيرة من الأرز الفاسد .. لتشتريها مؤسسة تموينية أخرى.

 

ورفض مولاي العربي ضغوط قادة عسكريين آخرين من أجل شراء كميات هائلة من الأرز دون أي مناقصة ... كان العسكري الذي يمتهن التجارة ويسعى للإمارة قد أقنع سماسرته ووكلاءه بأن "الدولة ستشري منهم جميع ما استوردوا من أرز" كان هذا طبعا بعد أن تنصت على مكالمة رئيس الجمهورية وقرارات الحكومة بإطلاق برنامج التدخل الخاص.

 

 

هنا التقت نقمة العسكري والتاجر المرابي وأصحاب الرشاوى ضد مولاي العربي ..ألقو به في غيابات السجن .. استجوبوه كثيرا .. وفي كل مرة كانوا يواجهون رفض الشارع والنخبة للتهمة وقوة الوثائق والأدلة التي لا تؤكد براءة الرجل فقط من تهمة الفساد وفوق ذلك وإنما تكشف غباء وفساد "أنظمة قارون" الجديد.

كانوا قبل ذلك قد عرضوا عليه وظائف سامية تحت ظل الجنرال محمد ولد عبد العزيز لا يغفر الجنرال ذلك الرفض وهو في أمس الحاجة إلى رجل نظيف يضيئ به شمعة في ليل الانقلاب العسكري... يقول أنصار ولد مولاي العربي.

 

سجن مولاي العربي ..ودخل السجن معه فتى أو فتيان يراد أن يكونوا شهودا ضده وعليه .. حسب أنصاره - فيما كان المئات من كل أبناء الموريتانيين يشهدون له .. -والناس شهداء الله في أرضه – بالنزاهة والاستقامة.

من كل حدب وصوب ..جاءت الشهادات ..قال مسيرو المال العام في سونمكس " كان مولاي العربي وحده من يعيد لنا بقية المبالغ النقدية التي يصرفها في أسفاره لمصلحة الشركة .. فيما كان الذين جاءوا من بعده يحملونها تكاليف أسفارهم وأبنائهم ومن لحق بهم"

قال عنه الإمام محمد محمود ولد أحمد يوره "ليس في الدنيا من هو أطهر منه كفا وأصدق لسانا .. حضر معي عدة سنوات درس التفسير ولم أره  إلا صادقا باسما"

وقال عنه بعض النواب  إنه بريئ وإن براءته كالشمس في رابعة النهار.

في سجنه – تماما كما كان حرا طليقا – يرفض مولاي العربي التفوه بأي كلمة سيئة تجاه خصومه الأغبياء، تماما كما يرفض الاستكانة لمن يعتقد أنهم ظلموه وافتروا عليه.

وفي سجنه أيضا يتخلف هذه المرة مولاي العربي عن عادة دائبة، يتعلق الأمر بأمر مهم بالنسبة للشاب الأسمر، وهو أداء عمرة في رمضان... ترى هل سيختلف دعاء مولاي العربي في رمضان 2011 عن دعائه العام المنصرم.. تحت منبر المسجد النبوي؟

 

 

مولاي العربي ..عندما يقطع السجن عمرة رمضان

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox