فراعنة العصر / محمد ولد الطيب

أربعاء, 2017/12/13 - 19:15
الكاتب محمد ولد الطيب

خاضت جل شعوب إفريقيا وآسيا في القرن الماضي صراعا مستميتا من أجل البقاء والتحرر من الغازي المحتل وطرده خارج الحدود لتتفاجأ بعد عقود من وهم الدولة الوطنية أن وكلاء المستعمر _ بأي صفة كانوا ملوكا أو رؤساء مدنيين أو عسكريين لبسوا البزة أو خلعوها، غيرت الأفعى جلدها أو احتفظت به_ ليسوا إلا المستعمر في مسوح وطني من بني جلدتنا ويتكلم لغتنا! مما حتم علي الشعوب استئناف النضال من جديد مع بدايات القرن الحالي في جولة جديدة ضد وكلاء المستعمر وشيعته في بسالة واستماتة منقطعة النظير وبأساليب ثورية حضارية تمثلت في ربيع الشعوب العربي فى جولته الأولى هذه للتخلص منهم واستعادة الأوطان المختطفة، غير أن حصافة الغرب الصليبي العابث بالأمة والمتآمر على وجودها كانت أكبر بكثير مما تفتقت عنه ذهنية إبليس اللعين حين وشح "رمسيس الثاني" فرعونا ولم يهتد لمنحه رتبة جنرال، وضن بها على "نيرون" والحجاج، لتبقى "الجنرال" – الماركة المسجلة_ الاكتشاف الأهم في تاريخ الغرب الحديث لتقويض نهضة الأمة العربية والإسلامية حيث وفرت عليه كلفة وتبعات إعادة الاستعمار والتدخل المباشر، فكانت "الجنرال" عصاه السحرية في سبيل تكريس واقع التخلف والجهل لشعوب ودول العالم الثالث لتظل أوطانهم نهبا للغزاة وبقرة حلوبا بمواردها وخاماتها وسوقا لصناعاته المختلفة المدني منها والعسكري وحقل فئران لتجاربه، ومتنفسا لمشاكله، ومسرحا لعملياته خارج أرضه وتجريب فاعلية قواته وأسلحته المختلفة، إذ كلما خشي أن يشب وطن من أوطان المسلمين على الطوق ويستقل بقراره وثرواته كان "الجنرال" معدا ومهيئا سلفا وفي منتهى الجاهزية في انتظار إشارة البدء، فتتحرك الأذرع الدعائية والتعبوية من مراكز أبحاث، وإعلام عاهر منافق، وأشباه مثقفين مخنثين لئام، وحراس للتدين المغشوش، ومتسيسون مواقفهم رهينة سوق العرض والطلب، ليتوج المشهد بالبيان رقم واحد، ويزاح الستار عن وجه قميء دميم، وفكر سقيم رديء، ولسان عيي بذيء، فى روح أفاك مبير يتصرف ذاتيا وبتلقائية منقطعة النظير في سبيل خدمة أهداف المستعمر يسلب المواطن ضروريات الحياة وحقوق الآدميين ويزرع في الأوطان عوامل الخراب والفناء، فيجعل منها مزرعة له يرتع فيها هو وأبناؤه وأحفاده وعشيره وخدمه وحشمه...، ويلقى إليهم ببعض فتاته فتنجفل جموع الحفاة العراة على وقع المعزوفة الدعائية والمظاهر البراقة الزائفة معلنة الولاء مقسمة على طاعة ولي الأمر الذى ما جاء إلا لأجل "تهذيب الجماهير"، و"الخلاص الوطني"، وتعزيز قيم "العدالة والديمقراطية"، فى إطار "حركة تصحيحية"!، فينتفش هو معلنا: (أنا ربكم الأعلى) و (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، وهكذا (زين لفرعون سوء عمله)، و(كذالك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)،
وقبل أن تكون "الجنرال" رتبة تنال بالعمالة والتبعية لقوي الاستكبار في الشرق والغرب، فقد أصبحت ظاهرة تعبر عن حكم الفرد والاستكبار فى الأرض، فجمال جنرال، والقذافي، والسيسي، وحفتر، والعاهل، وولي العهد جنرال، و"الجنرال" جنرال، والأسد، والنعامة، والقرد، والحمار ...
وقف الحمار بربوة متأمـــــــــــلا *** فإذا الخلائق حوله أقـــــــــــزام فدعاهم أن يسمعوا وبأن يعــــــوا *** فهو الرئيس القائد الصمصـــــام والقرد صفق للخطاب محــــــذرا *** أن الذي يعصي الحمار يــــــلام فالشعب هم من أذعنوا أما الـــذي *** يأبي فألوان العذاب يســـــــــــام والكلب باركه وهدد قائــــــــــــلا *** إن المخالف للرئيس يضـــــــــام والضبع أعلنها لهم متوعــــــــــدا *** للمارقين مشانق ستقـــــــــــــام فالشعب هم من أذعنوا أما الـــذي *** يأبي فألوان العذاب يســـــــــــام واقتيد للتحقيق فهد رافـــــــــــض *** أما النمور فخانها الإقـــــــــــدام واللبوة اختطفت وقيل لليثـــــــــها *** إن الزواج بلبوة لحــــــــــــــرام والصيد صودر لحمه لحمارنــــــا *** ونصيب من غنم اللحموم عظام فشهية الجحش الرئيس تغيـــــرت *** وهوي عن الفك الضروس لجام ما عاد في الأدغال من متمــــــرد *** فمصير من شق العصا الإعـدام الحال هذه للذين حميرهـــــــــــــم *** وضباعهم وكلابهم حكـــــــــــام.

والآن أيها المواطن العربي والمسلم وقد عرفتهم على حقيقتهم فلم تمكنهم ينهشون ويبطشون.