رفقا بالمعارضة

سبت, 2019/03/02 - 23:03
سيد المختار علي: ناشط سياسي

إن الدول السائرة في طريق النمو دول مستهلة ليس على مستوى الاقتصاديات فقط ، بل على كل المستويات تقريبا ، حيث طال روح ونفس الاستهلاك عندنا حتى مفهوم الدولة نفسه الذي رحل تحت وطأة إكراهات دولية معروفة وتمت محاولة توطينه في بيئات تتأبى احتضان إلا ما هو فوضوي وعشوائي ( لا مركزي ) . وفي سياق مفهوم الدولة بدواله ومنحنياته المختلفة تتنزل الديمقراطية باعتبارها آخر ما اجترحه العقل السياسي الغربي في صيرورته نحو النضج  والاكتمال بوصفهاالآلية المثلى لإدارة الشأن العام  والتناوب السلمي على السلطة . ويتساكن داخل الانظمة الديمقراطية : سلطة وصلت بتزكية و توكيل ظرفي من شعوب أرادتها وصية على أمرها ، ومعارضة تخالف السلطة الرؤية والمنهج في تحقيق الدولة الحلم التي ترقد في اذهان الناخبين وغيرهم من أفراد الشعب .إننا نعيش في رحاب نظام فتي بقطبيه  مازال في مرحلة المناغاة السياسية  مما يحتم علينا اخذ الحيطة والحذر حتى لا نجهز عن غير قصد على تجربتنا ، فالسنن الطبيعية للأشياء تستلزم التدرج والسير حسب التتالي الحسابي وليس الهندسي ( الطفرات ) . ويعلمنا علم النفس أن عدم التوازن بين الطموح والقدرات يؤدي إلى الاحباط  . قرأت للبعض وهو يهاجم المعارضة و يستنزل اللعنات عليها ويجتهد في الصاق الصفات والنعوت القدحية بها لمجرد أنها لم تفرز لحد الساعة مرشحا توافقيا  .  وهنا أقول رفقا بالمعارضة .يجب علينا  أن نشفق على معارضتنا التي ما زالت في مرحلة التخلق والتكون و أن لا نحملها مسؤولية  ما لا يقره منطق السياسية وواقع الحال. وهنا أثير اسئلة للنقاش :

هل كتب على الاحزب  قدرا وقضاءا سياسيا لا تستطيع الانفكاك منه : أن تظل في المعارضة أو الموالاة ؟

هل تماسك المعارضة غاية  أم وسيلة لغاية تتعالى عليه ؟هل يستساغ  أن لا يجنح أي حزب لمصلحة وطنية ظنيةتترائ  له في الافق المنظور لمجرد الحفاظ على جسم المعارضة من التشظي ؟ هل انصلاح الامر مرهون برجالات المعارضة ، ألا يمكن أن يتحقق الاصلاح المنشود بقوة  نابعة من رحم النظام ومن سدنته الخلص ، أو من قوة لم تكن متخندقة سياسيا أصلا ؟ لا يفهم من هذا أننا ندعو إلى تفتيت المعارضة وتمزيق جسدها ولا ننظر لذلك، بل نريد لها التماسك ورص الصفوف واستفراغ الجهد في فرز مرشح موحد إن أمكن وإذا لم تستطع ذلك فليس ذلك دليلا على فشلها بل عنوانا على تعددها وتنوعها .إن المعارضة ليست نزهة سياحية مترفة ، بل هي موقف و رؤية تستدعى منازلة انظمة –غالبا- ما تكون فردية وشمولية في أوكارها وشعابها وبين رجلها ورجالها وعلى أديم تضاريس المعارضة الموحشة يختبر الرجال وتحت أشعة شمسها اللافحة يفصح المرء عن معدنه ( أقول هذا من خبرة 8 سنوات في المعارضة ) . ولا أحد بخس بالمعارضة ، بل إنها مكفرات ذنوب الساسة ومحك اختبارهم .سيد المختار علي.