التهريب .. عصب حياة سكان الشمال الموريتاني (تقرير+ صور)

ثلاثاء, 2015/05/12 - 12:29

الزويرات (موفد السراج) - تعيش حاضرة مدن الشمال الموريتاني مدينة "الزويرات" حالة اقتصادية فريدة من نوعها في البلاد نظرا لانزوائها في الشمال وبعدها عن مراكز الدولة والتأثير الاقتصادي رغم ارتباطها بالعاصمة الاقتصادية نواذيبو بخط سكة حديدية نشط، وبالعاصمة السياسية نواكشوط مطار حيوي.

 

ولعل الطابع المائز لمدينة الزويرات عاصمة ولاية تيرس الزمور، هو الطابع المنجمي والصناعي المرتبط باستخراج خامات الحديد وتركيزها منذ أكثر من خمسين عاما، وتنقل تلك المعادن عبر أطول قطار في القارة الإفريقية إلى المنشآت المنائية على الأطلسي بمدينة نواذيبو، مما جعل اقتصادها مرتبطا إلى حد كبير بالتنقيب والاستخراج وبتجارة المعدن.

 

 

التهريب ينعش تجارتهم

 

لكن هنالك جوانب أخرى في مدينة الزويرات قليل من غير ساكنتها من اطلع عليها، وخاصة تلك الحركة التجارية الكبيرة خارج المراقبة والمتمثلة في بيع البضائع المهربة والتي تساهم إلى حد كبير في انتعاش أسواق المدينة وضخ البضائع في القرى والتجمعات السكنية الممتدة على طول سكة قطار اسنيم، وبين الجبال الصخرية الوعرة.

 

نظرا لبعد مدينة الزويرات والقرى المجاورة لها عن الموانئ التي تزود المواطنين بما يحتاجونه من بضائع وحاجيات صارت البضائع المنقولة إليه غالية إلى حد كبير بسبب تكلفة النقل، وكان سكان هذا الركن القصي من موريتانيا – بدورهم - في أمس الحاجة بضاعة رخيصة وتؤمن لهم لقمة العيش وفرها لهم المهربون الذين يأتون بها عبر الحدود من الجزائر المجاورة.

 

 

المعجنات والتمور أعلى اللائحة

 

نظرا لدعم العديد من مخيمات الصحراويين اللاجئين بجنوب الجزائر وخاصة في مخيمات "تندوف" من قبل الحكومة المستضيفة، فإن أسعار العديد من المواد التي يستهلكها اللاجؤون تخضع لتخفيض كبير، يسهل على المهربين شراء كميات كبيرة من تلك المواد التي على رأسها التمور الجزائرية وأصناف عديدة من المعجنات (الماكارونا، والإسباكيتي) إضافة إلى أنواع غالية من الأدوية التي تجد طريقها إلى مدينة الزيورات لتباع بأسعار معقولة، ثم تشحن إلى العاصمة.

 

وقد تخضع الكميات المهربة من تمور ومعجنات وغيرها من الأدوية وخاصة أدوية الضغط وأمراض القلب للتخزين في مستودعات داخل أماكن معزولة في أحياء مدينة الزويرات لقطع أية محاولة من الجمارك لتعقبها، أو مصادرتها وتغريم مهربيها، فيما تجهز تلك المدة للبيع وبعد الاتفاق مع الزبائن على السعر ومكان التسليم، أو وجهة الشحن.

 

 

"رالي" بير أم اكرين.. !

 

يشبه العديد من السكان وخاصة سكان المناطق الحدودية عمليات التهريب التي تحصل بين الفينة والأخرى بسباقات الرالي التي تقوم بها سيارات نقل رباعية الدفع بين الكثبان والصخور محملة بأطنان البضائع والتي غالبا ما يتم التغاضي عنها من قبل فرق الأمن لتورط العديد من الضباط في رشا يقدمها لهم أباطرة التهريب.

 

وتعتبر نقطة "بير أم اكرين" الحدودية أهم النقاط التي يستغلها المهربون من وإلى موريتانيا في عملهم الذي لا يخلوا من مخاطرة، حيث ينقلون أكياس السجائر لتهريبها وبيعها لتجار صحراويين وجزائريين في الغالب، بينما يعودون بالبضائع من مواد غذائية ودوائية من هنالك، في عربات عابرة للصحاري من نوع "لاندروفير" و"تويوتا هيليكس".

 

 

سفينة صحراء حديثة

 

كانت الإبل منذ الأزل سفينة الصحراء الوحيدة القادرة على عبور مجازات صعبة وشاسعة دون أن تأبه لصعوبة المناخ وارتفاع درجات الحرارة فترات طويلة، لكل العصر الحديث بما بشربه من سرعة صارت سفينة الصحراء بجدارة هي السيارات الرباعية الدفع والتي تفني عمر صاحبها دون أن تركن إلى حافة الطريق، أو ترقد في مرآب الميكانيكي، فكما يستخدمها المهرب يستخدمها المواطن العادي والذي ينقل المسافرين وبضائعهم بين القرى ومدينة الزويرات.

 

في الزويرات تجد الغرائب والعجائب وخاصة ما يتعلق بالسيارات العتيقة من نوع لاند روفر، ولا يساورك شك إذا وجدت إحداها ما تزال بصحة جيدة وبحوزة شاب ثلاثيني أو أربعيني أنه رثها من أبيه، فقد شكلت ثورة في مجال المواصلات في مناطق الشمال الموريتاني وانتشرت على نطاق واسع حتى صار تواجدها هنالك شيئا معهودا وطبيعيا.