في إحدى حلقات المسلسل الأمريكي الشهير scandal الذي يعطي صورة حقيقية عن السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، عملت جهات معادية للمرشح fitzgerald إلى التصنت عليه، وحصلوا على مقطع صوتي حميمي له مع الناشطة في حملته Olivia Pope داخل غرفة نوم، وتم تسريب المقطع الصوتي، لكن المرشح Fitz نجح في الأخير ووصل للرئاسة.
وخلال ترشح الرئيس الأمريكي السابق Donald Trump عام 2016 تم تسريب مقطع صوتي له، يتحدث فيه بشكل غير لائق عن النساء، واستخدم كثيرا ضده في وسائل الإعلام، لكنه نجح في الأخير، وأنتخب رئيسا للولايات المحتدة الأمريكية، نفس الشيء حصل مع الرئيس الموريتاني المنتخب محمد الشيخ الغزواني خلال الحملة الانتخابية، مع شك كبير في صحة المحادثة المنسوبة إليه.
اليوم تعمل جهات معلومة، على نشر مقاطع صوتية تستهدف الرئيس وبعض رجال الأعمال والسياسة، لكن الملفت للانتباه في القضية، هو نشر مقاطع صوتية للرئيس تتعلق بحديث مع النساء فقط، يتم العمل على إخراج المقاطع الصوتية من سياقها وتفريغها من محتواها، فتكون مجرد كلام بين رجل وامرأة، لا فكرة فيه ولا معلومة، وذلك من أجل نشر فكرة مسممة في ذهن المتلقي البسيط، هؤلاء يحملون نفس الفكرة التي حمل أعداء Fitz في Scandal وأعداء Trump خلال حملته الرئاسية الأولى.
لو وجد هؤلاء في المكالمات المسجلة لديهم، ما يثبت فعلا تلك الأفكار التي يريدون لها أن تنتشر، لنشروه بالفعل، لكنهم لم يحصلوا إلا على قشور وأرادوا أن يجعلوا منها غنيمة لكن القشور لن تكون ثمرة مفيدة في أي حال من الأحوال.
لطالما اقترنت التسريبات مع الرؤساء والمسؤولين، لكن التسريبات المتعلقة بأحاديث شخصية وعلاقات اجتماعية، لم تؤثر منذ الأمد، على من يديرون الشأن العام، ولم تنصع شرخا بينهم مع المواطنين، فهي ليست تسريبات تتعلق بسياسات بلد، ولا بخرق للقانون ولا استخدام للنفوذ في غير محله، من أجل مآرب شخصية ومنفعة لمقربين بغير وجه حق.
وإن النظر إلى الأحاديث التي تجمع أي رجل مهما كانت صفته، مع امرأة معلومة أو مجهولة، على أنها أحاديث تضر بالسمعة وتثير الشكوك، هي نظرة رجعية تختزل العلاقات الإنسانية في نقطة بيولوجية متجاوزة إلا في عقول المكبوتين، وأصحاب الأفق الضيق، فما بالكم إذا كانت المتحدثة أخت أو صديقة أو زميلة أو قريبة..إلخ
أما المواطن البسيط لا تهمه العلاقات الشخصية لم يقود بلده، ومن ذا الذي لا يمتلك علاقات شخصية مختلفة ومتنوعة مسئولا ساميا كان أو شخصا عاديا؟ المواطن يريد الإصلاح والعدل وتجسيد الديمقراطية والعمل على تحسين الظروف المعيشية والخدمات العمومية، والشعور بأن النظام ممثلا في رئيس الدولة يشعر بحالته ويعمل على تحسينها بجد.
وقد أوردت مثالين في بداية المقال، أحدهما غير واقعي، والثاني من صميم واقع إحدى أكبر دول العالم، وما أوردتهما إلا لأؤكد بأن المواطن في الدول المتطورة، يفصل بين المسؤول وعلاقاته الشخصية وربما بعض أخطائه وزلاته في حياته وبين الأماكن القيادية التي يتقدم لها أو يشغلها، وينظر إلى قدرته على الإدارة والعمل، بغض النظر عن الأمور الأخرى، وعلينا أيضا أنكون مثل هؤلاء، نركز على المهم والأهم، ونترك الأمور التافهة، خاصة أننا في ظرفية استثنائية وجهودنا يجب أن تنصب على التقويم والتقييم وتبيان أماكن الضعف والمساعدة في تطوير البلد، كل حسب جهده ومكانته ومستواه.
وأما الضربة القاضية لمن يحاولون الضرب من تحت الحزام، بأساليب قذرة لا يتوانى أصحابها عن أي شيء، تكمن في إرساء نظام الحريات والمساواة وإشراك الجميع، وإعطاء الفرصة للشخصيات النظيفة أصحاب السمعة الجيدة، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإبعاد رموز الفساد والأنظمة البائدة من الواجهة، وبالتأكيد ما تزال الفرصة متاحة لنظام محمد الشيخ الغزواني، في صناعة الفرق، ووضع قطيعة تامة مع الماضي وسماته السيئة.
السالك زيد - صحفي