ثلاثة الخائض فيها كذاب إن صدق / محمد محمود أبو المعالي

اثنين, 2016/02/08 - 10:52
الكاتب محمد محمود أبو المعالي

ثلاثة أمور لا يمكن الخوض فيها بموضعية وصدق في هذا البلد.. وإلا سفهت أحلامك، وبخست أشياءك، واتهمت في وطنيتك وعقيدتك..
إن خضت في أنساب القوم وأردت النجاة بجلدك وعرضك، فكلهم عرب أقحاح، وشرفاء من العترة الطاهرة.. الصلاح متجذر في أصولهم، والفضل سليل في أحسابهم، والشرف حقيقة أنسابهم. 
وإن خضت في التاريخ، فكلهم أبطال عظماء وطنيون ناصحون مخلصون وحدويون تقدميون ثوريون، وأولياء كمّل، وأقطاب يمسكون الأرض أن تميد بأهلها، وعلماء بزوا أهل العلم والنهى في مشارق الأرض ومغاربها.. كانت القبيلتان تخوضان المعركة فتنتصران في كل صولة وجولة.. لا يوجد في تاريخ أي قبيلة منا أو أسرة هزيمة أو غدرة أو انتكاسة أو عمالة.. إنما هي حكاية مجد مؤثل، وقصة عز طارف وتليد، لا نحيد عنه ولا نميل، قهرنا التاريخ فما استطاع ابتلاءنا ولو يوما عصيبا. 
ثالثة الأثافي هي النقد الأدبي في هذه الربوع.. فالخائض فيه عرض نفسه لسهام الاتهام بالتخوين والتبكيت والتبخيس والتسفيه، حتى تتكسر النصال على النصال..فهو الحقود اللجوج الكنود الذي يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وهو سُكيت المضمار الذي عجز عن اللحاق، فطعن في السابق المجلٍّى حسدا وضغينة ووقيعة. 
تلك هي حقيقة أنسابنا وتاريخنا وأدبنا.. لا يرقى الشك إلى عروبتنا وشرفنا، ولم يعرف تاريخنا إلى النصر والمجد والسؤدد، وما أنتج أدباؤنا خير وأبقى من مآثر غيرنا، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يرقى إليه النقد ولو تسلح بكل أدوات الموضعية والعلمية..
إنها الحمية حمية الجاهلية الأولى.. حمية العرق والجهة والقبيلة والأسرة، حمية التاريخ المكذوب والواقع المغلوط.. مالكم كيف تحكمون، أم لكم كتاب فيه تدرسون، إن لكم فيه لما تخيرون.. 
إن في تاريخنا ما يرفع الهام.. وبه ما تشوب لفظاعته الولدان.. أنسابنا خليط كأعراقنا.. وأدبنا بضاعة حاطب ليل، بها الأحشاف والحصرم والزبيب والرطب الجَنيُّ.