ولد إزيد بيه..متتاليات الولاء وفرضيات الأزمات " ابروتريه "

ثلاثاء, 2016/03/22 - 00:58
ولد إزيد بيه مع الرئيس في جامعة نواكشوط

لا يبتعد عن الواجهة  إلا ليعود أقرب من دوائر صنع القرار في ظل النظام الحالي  

هكذا يصف أحد الخصوم  تقلبات  وزير الخارجية الحالي الدكتور إسلك ولد أحمد إزيد بيه  في دوائر صنع القرار الموريتاني.

خطوة على الطريق

يستعيد السياسي إسلكو ولد أحمد ازيد بيه شيئا من ألقه بعد وصوله إلى رأس الدبلوماسية الموريتانية في خطوة كانت مفاجئة للجميع خاصة أن سلفه  بوزارة الخارجية لم يمض عليه وقت يذكر داخل مكتبه .

ليست المرة الأولى التى يبتسم فيها الحظ لأستاذ الرياضيات فقد تقلد منصب رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، خلفا لمحمد محمود ولد الأمين ليمسح الطاولة بمن  استطاع من جماعته "الملتحية"،، كما تم ترشيحه لإدارة مصنع السكر الموريتاني السوداني وهو ذات المنصب الذي رشح له ولد محمد الأمين قبل أن تأمره السلطة بحزم الحقائب استعدادا للعمل سفيرا لموريتانيا في العربية السعودية فخلت الساحة من منافس يعتبره ولد إزيد بيه أشد خصومه وألدّ أعدائه .

تولى ولد أحمد إزيد بيه إدارة ديوان الرئيس الجمهورية قبل أن يترك المكان لصديقه وصفيه "  ولد باهيه " وهو المنصب الذي كان يأمُل الاستقرار فيه خاصة أنه عُوض به عن رئاسة الجامعة والذي مارس فيه سلطة كاملة علي القصر ووزواره وعلى لقاءات الرئيس ببعض مقربيه.

وكان أن وجه تحذيرا لإحدى النافذات بعدم دخول القصر إلا بإذنه، فكان جوابها قبسا من كلمات الخليفة هارون الرشيد "الجواب ما ترى لا ما تسمع " ليغادر الدكتور مكتبه بعد أن أخذ درسا في صلاحيات مدير الديوان وهو الدرس الذي استفاد منه خلفه ولد باهيه ب.

ربما لم تلب كل المناصب طموح خبير الرياضيات فظل يطمح لمنصب أهمّ 

الذكاء الفطري

التقط  ولد  إزيد بيه صور الحياة الأولى في أقصى مناطق الشرق الموريتاني،بعد سنة من الاستقلال  ابنا لأسرة مهاجرة من ولاية إنشيري ومسارب تيرس.

التحق إسلكو ولد أحمد إزيد بيه بالمدرسة الابتدائية في مقاطعة آمرج وذلك بمبادرة من أحد الجيران والوجهاء في حيه بعد ما لاحظ مستوى من الذكاء الخارق عند الطفل .

ختم الولد الذكي الفترة الابتدائية متفوقا لكن بعض الوجهاء في آمرج حاولوا منعه من الرتبة الأولى قبل أن يتدخل السيد الشيخ ولد بيبه الذي أصر على إنصاف الطفل الصغيرالذي كان يفرض التفوق رغما عن الجميع فكان الأول علي شعبة الرياضيات علي المستوى الوطني ليظل موقف ولد بيبه عالقا بذهن الشاب فأعطاه  مكرمة كانت عبارة عن  تأشرة للحج بعد وصوله إلى منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية.

بين الإبتدائية  في آمرج والتربع على رأس الدبلوماسية الموريتانية  سنوات كثيرة وأحوال متعددة، صرفن إلى الشراء والابتياع .

عبقري الرياضيات

يحمل الدكتور إسلكو ولد ازيد بيه شهادة الدكتوراه في الرياضيات من أعرق الجامعات الفرنسية وقد درّسها في موريتانيا والإمارات بعد أن درَسها في فرنسا، كما حصل على جائزة شنقيط عن كتاب له في علم الرياضيات .

 

في الغربة ربط ولد إزيد بيه علاقات قوية مع حركة "ضمير ومقاومة"، ومع نهاية الحقبة الطائعية عاد ولد إزيد بيه إلى موريتانيا ليلتحق بآخر حلقات الحزب الجمهوري والأحزاب القريبة منه.

بدأ إسلك ولد أحمد إزيد بيه مساره السياسي بالتقرب إلى رئيسة حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والوحدة الناها بنت مكناس، المكلفة حينها بمهمة في رئاسة الجمهورية، قبل أن تقطع الأقدار حبل التقارب مع حزب بنت مكناس بسبب الانقلاب، ليُيمم – شأن كثير من السياسيين – وجهه إلى تكتل القوى الديمقراطية، وينشط في حملته السياسية في آمرج، وهنالك استطاع الرجل أيضا تجنيد عدد من الشباب والشابات في ولاء سياسي انتقل لاحقا ليأخذ أبعادا أمنية واستخباراتية تعمل في مكان عمل الرجل وتنتقل معه بين فترات التعيين والراحة .

استطاع ولد إزيد بيه الوصول إلى رئاسة الجامعة بعد أن فاز على منافسه الدكتور " حوبه "  تحت رعاية لجنة برئاسة المدير الحالي للديوان أحمد ولد باهية، وسرعان ما كافأ ولد إزيد بيه زميله ولد باهية، بتعيينه مستشارا له.

 وخلال إدارته لرئاسة الجامعة، ظل ولد إزيد بيه في صراع مفتوح مع الوزيرة السابقة للتعليم السيدة نبغوها بنت حابه، التي كثيرا ما شكت من التقارير  التي يكتبها ولد إزيد بيه عن النقابات الطلابية و من الأساتذة.

على رأس المساندين

تنفس ولد إزيد بيه الصعداء بعد الإطاحة بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، فلم يعد ملزما بمراجعة المرأة القوية بنت حابة في كل شيء ، ليخرج لاحقا في مسيرة طلابية شارك فيها عمال الجامعة بعد توقف الدراسة فيها بأوامر منه وبمشاركة اتحاد طلابي محسوب عليه ليؤدوا التحية والمساندة للقادة العسكريين الجدد في البلد.

وبسرعة وطد ولد إزيد بيه علاقاته مع الجهاز العسكري الجديد ورئيسه محمد ولد عبد العزيز، حيث كان ولد إزيد بيه هو من اقترح تعيين أحمد ولد باهية وزيرا للتعليم لاحقا.

رجل صناعة الأزمات

حمل ولد إزيد بيه في إدارته للجامعة على طرفين، أولهما المحسوبون على سلفه محمد ولد سيديا ولد خباز، والثاني كان مع الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا المحسوب على التيار الإسلامي، حيث أخذ على عاتقه إبعاد كل الذين جاء بهم ولد خباز وخصوصا المنتمين أصلا إلى قطاعات غير التعليم الجامعي، فيما بدأ حربه مع الاتحاد الوطني بإنشاء واحتضان مؤسسات نقابية أخرى، واعتماد أجنحة طلابية كان من أبرز ها حينئذ كل من طارق ولد نوح، وإطول عمروولد محمد فال ومحمد ولد الشيخ ولد امخيطير المعتقل حاليا بسبب الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم. لينفجر الأمر لاحقا بعد زيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للجامعة والاستقبال "الخاص" الذي حظي به فخامته على يد الطلاب الغاضبين المناوئين للانقلاب.

قبل الزيارة عمل ولد إزيد بيه خلال اجتماع عقده مع قادة عدد النقابات الطلابية  إلى أن يرفضوا حديث الأمين العام للاتحاد الوطني حينها الطالب محمد محمود ولد عبد الله أمام رئيس الدولة وهو ما جرت سفنه بما لم تشته رياح الرئيس المزُور ولا الزائر حيث اكتوى رئيس الجامعة بكلمات ولد عبد الله قبل الرئيس ولد عبد العزيز وهو ما أغاظ رئيس الجامعة واعتبره غير مسؤول .

لاحقا أخذ ولد إزيد بيه على نفسه العهد بالانتقام ليوم إهانته وإهانة ضيفه الزائر ، لتتوجه إليه لاحقا اتهامات عديدة بتدبيرالكثير من الأزمات كانت أولاها ما عرفت بأزمة فندق الخيمة والتي تولى تنسيقها إطول عمرو محاولا إقناع بعض مناضلي الاتحاد الوطني بإعلان الانفصال لكن السحر انقلب وصرح الطلاب أمام الصحفيين بعكس ما أراد الرئيس.

بعد أن جرب رئيس الجامعة محاولات عدة مع الوطني تفتقت عبقريته عن  الأزمة العنصرية التي كادت تعصف بالأمن الاجتماعي. والتي بدأت  بوضع لائحتين انتخابيتين في أحد مكاتب التصويت في كلية التقنيات، تتناقضان بعض الشيئ، لتندلع أزمة ـ بدا أنها كانت أقرب إلى التدبيرـ وتغرق الجامعة في أزمة غير مسبوقة، سالت فيها دماء كثيرة، وانتهت بحل أغاظ ولد إزيد بيه كثيرا.

كافأ ولد إزيد بيه اثنين من الطلاب الزنوج الناشطين حينها في تلك الأحداث بمنحة لأحدهما إلى تونس وتعيين الثاني ملحقا إعلاميا برئاسة الجمهورية.

رئيس الخلية

أدار ولد إزيد بيه بجدارة الخلية الإعلامية لرئاسة الجمهورية والتي ضمت عددا من الكتاب الصحفيين تم ترحيل عدد منهم لاحقا إلى وزارة الإعلام، وقد دخلت الخلية  في سجالات قوية مع بعض الصحفيين الموريتانيين، كما ظلت لفترة طويلة توزع الشتائم والسباب في مقالات موقعة بأسماء مستعارة على عدد من السياسيين ورموز المجتمع الموريتاني وفي بعض الأحيان كانت تستغل الظرف السياسي فتهاجم الأحزاب وتتظاهر مطالبة بإغلاق قناة المرابطون وغيرها من المؤسسات.

الحقيبة الدبلوماسية

في حلقات تألقه السياسي وصل ولد إزيد بيه إلى رأس الحزب الحاكم ليحل محل محمد محمود ولد محمد الأمين المحسوب على الجنرال الغزواني،ولكن الأمر لم يتم له فظل خلافه المستحكم مع الكثير من أطر الحزب وخاصة مع الرئيس الحالي سيدي محمد ولد محم - والذي غذته محاولاته فرض السيطرة أيام إدارة الديوان - عقبة في وجه مكوثه بالرئاسة إلي أن  تركها ويمم وجهه شطر وزارة النقل التي كابد فيها الكثير من المشاق مع المديرين التابعين له. 

ظل الوزير الهادئ والمثقف المتحدث بلغات عدة في الوزارات ينظر بعين إلي دوائر يجد نفسه فيها وتوفر له مجالا لإبرازقدراته اللغوية والحسابية وتفتح المجال لصناعة شباب جدد والتركيز علي معارضيه في أي مجال. 

يقول العارفون بالرجل إنه يجيد الهجوم بالكلام لكنه يفشل عند أول نقاش ومحاججة حتي مع الطلاب في الجامعة ويغضب بسرعة عند تذكيره بالماضي الذي جمعه بحزب التكتل.

استطاع أستاذ الرياضيات وخلال الحملة الماضية إقناع حزب الحراك الشبابي من أجل الوطن بترشيح أحد شبابه في الجامعة  ابن أخته يرب ولد ألمين ولد حمادي نائبا عن مقاطعة " امبيكت لحواش " ليدخل الشاب البرلمان كأصغر نائب فيه.

يصل ولد إزيد بيه إلي رأس الدبلوماسية الموريتانية بعد تجارب مع الأقارب والنافذين في المحيط الرئاسي عارفا حدود الصلاحيات ومساحات المعادلات والحلول  وموقنا أن النتيجة الحتمية للأعداد لا تنطبق على السياسة.

يحتفظ ولد إزيد بيه بسجل مخاصميه والذين هم  في ازدياد مع كل مكان تطؤه قدمه  -  حيث تعرف بعض الأطر التنظيمية الداعمة للرئيس خلافا قويا بسبب ما قيل إنه انقلاب مقربين من الرجل على رئيسة في غيابها إلي العاصمة السنغالية دكار- ما جعل البعض منهم يصفه بصانع الأزمات حيث لا يفوت الفرصة للتنكيت عليهم والنيل منهم وهو الذي تساءل خلال زيارة ولد محم إلى فرنسا والولايات المتحدة عن اللغة التي سيخاطبهم بها.

لا يريد ولد إزيد بيه إلا القرب من النظام ولي الأذرع مع الخصوم حسب بعض العارفين به فهو رجل له قدرة على التكيف مع أي محيط يدخله  يهز الرأس لكل ما يريده الرئيس أو المقربون منه  وإن خالف قواعد الرياضيات وأساسيات العمل بعد كا  أيقن  أن الكفاءة وحدها معيار متجاوز في ظل النظام الحالي الذي لم يضعها في سلم الأولويات ولا القواعد.