متحف "اتويزكت" منارة موريتانيا الثقافية

سبت, 2016/05/07 - 09:50

تعرف منطقة آدرار، في الشمال الموريتاني، بأنها حاضنة للحضارات القديمة، وهي تضم اثنتين من المدن المصنفة ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وهما "شنقيط" و"وادان".

في هذه المنطقة، وعلى بعد 13 كيلومترا شمال مدينة "أطار"، العاصمة الإدارية بولاية "آدرار"، يوجد متحف "اتويزكت" الأثري، ولقد أنشئ هذا المتحف في عام 2005 م على يد أحد أبناء "آدرار" الذي أراد تخليد الإشعاع الثقافي لهذه المنطقة ودورها الحضاري والديني من خلال جمع وحفظ ما أمكن من آثار تاريخية صمدت على مر القرون وتقديمه للأجيال.

يقول الخليل ولد انتهاه، محافظ المتحف: إن متحف "اتويزكت" يضم حاليا ما يقارب من 6000 قطعة أثرية منها ما هو قديم من العصر الحجري وما هو حديث، وتشمل هذه القطع أدوات حجرية ومخطوطات قديمة من بينها 100 كتاب تزخر بنوادر الثقافة في شتى فنون المعرفة، وأدوات منزلية قديمة وأخرى كان يستخدمها الإنسان الموريتاني في بيئته البدوية، إلى جانب عملات وطوابع بريدية.

ويضيف ولد انتهاه أن فكرة إنشاء هذا المتحف راودته منذ سنوات بهدف انقاذ "تراث كاد أن يندثر".

ومن بين محتويات المتحف بعض حلي النساء، وميداليات عسكرية وبنادق وقبعات، منها قبعة الجنرال الفرنسي كورو، وعملات موريتانية ابتداء بالفرنك الإفريقي وحتى العملة الحالية (الأوقية) وطوابع بريدية وصور نادرة للرؤساء والقادة.

كما يشمل المعرض معروضات متعددة عن الجيولوجيا الموريتانية من بينها أشكال المعادن وأنواع الصخور، إضافة إلى أجهزة إذاعية قديمة.

ويستقبل متحف "اتويزكت" الأثري زيارات لشخصيات متعددة مثل المسؤولين الرسميين والوفود الدبلوماسية، وعدد من الباحثين والمهتمين بالتراث.

ويعتمد المتحف بشكل كامل على موارده الذاتية والتبرعات المقدمة من بعض الأطراف الحريصة على المشاركة في تطوير ثقافة المحافظة على التراث، خاصة أن الآثار في موريتانيا، والمخطوطات تحديداً، تواجه خطر الاندثار بسبب عوامل طبيعية وأخرى بشرية، فهذه المنطقة عانت لقرون عديدة من الجفاف الذي نجم عنه تصحر زاحف، جعل كثبان الرمال تغطي معظم الأبنية، بما فيها المكتبات، هذا بالإضافة إلى عوامل التعرية الأخرى مثل أشعة الشمس والرطوبة التي تؤدى إلى تآكل صفحات المخطوطات وطمس الكلمات المكتوبة بالحبر التقليدي.

وتولي السلطات في موريتانيا اهتماما خاصاً بالثقافة من خلال زيادة الموارد المخصصة لها والحرص على مواكبة الأنشطة المنظمة في إطارها، كما أنها تنظم مهرجانا سنويا يدعى "مهرجان المدن القديمة" ينظم بالتناوب في إحدى المدن القديمة الأربع المصنفة في التراث العالمي وهي "شنقيط" و"وادان" و"تيشيت" وسط موريتانيا و"وولاته" في شرقها، ويحضر بدء فعاليات المهرجان كبار الشخصيات في موريتانيا من بينهم الرئيس الموريتاني، ويتزامن بدء المهرجان مع ذكرى المولد النبوي الشريف سنوياً وخصصت السلطات ما نسبته 2% من عائدات الجمارك السنوية لتطوير قطاع الثقافة.

ويرتبط متحف "اتويزكت" الأثري بعلاقات شراكة مع المتحف الوطني في نواكشوط الذي يتبادل معه الخبرات والإرشادات ولأفكار نظرا لتقاسمهما لنفس الهدف، ألا وهو المحافظة على التراث، كما تربطه علاقات مماثلة بمتاحف أجنبية، فهو عضو في المجلس الدولي للمتاحف، ما يجعله أيضا عضوا في لجنة المتاحف العربية التي تبعث إليه بالنشرات والمجلات وغيرها وعضو مؤسس في هيئة المتاحف الوطنية الخصوصية وعضو في متاحف غرب إفريقيا وفي الهيئة الإفريقية للمتاحف.

وأشار محافظ المتحف لحاجته إلى الدعم المعنوي والمالي، فضلا عن الحاجة إلي الترميم والعناية بالمخطوطات التي بحوزته من خلال وسائل حفظ ملائمة كالرقمنة الإلكترونية، وطالب بتنظيم دورات تدريبية للقائمين على المتحف في مجال التراث و إشراكهم في الندوات العالمية، ويسعى متحف "اتويزكت" الأثري إلى توسيع نشاطاته عن طريق فتح فرع له في مدينة "أطار" وإنشاء مكتبة للمطالعة للباحثين والزائرين من أجل التعريف بثقافة الموريتانيين وتاريخهم عبر مر العصور.

 

*-  نقلا عن صحيفة عيون الخليج