المواد الاساسية قبل رمضان بين الغلاء وتدني الجودة

سبت, 2016/05/28 - 14:06
السلع الرمضانية لا زالت معروضاتها محدودة

بين أزقة وممرات سوق المواد الاستهلاكية المعروف شعبيا بسوق "لحموم" كانت المتسوقة مريم تغادر بعدما اقتنت بعض حاجياتها واستفسرت عن أسعار السلع الرمضانية مع اقتراب حلول الشهر ومع ذلك كان تحمل بعض المشتريات من الخضروات والدقيق التي يبدو أن أسعارها كانت فوق طاقتها الشرائية المحدودة كما تقول .

عشرات الباعة من أصحاب العربات اليدوية ومنافذ البيع منهمكون في ترويج سلعهم وجلب الأنظار إليها فيما تسمر آخرون وراء رفوف المعروضات في انتظار زبون متلهف على شراء احتياجاته من المواد الأساسية خاصة في ظل الحديث عن زيادات في أسعار بعض من هذه المواد مع اقتراب شهر رمضان كالسكر والأرز والزيوت..

نشاط وحركة وضجيج متصاعد في واحد من أكبر أسواق الخضروات والمواد الأساسية بنواكشوط لكن الحركة والرواج لا زالت أبعد من مثيلاتها في مثل هذه الأيام من الأعوام الماضية وفق الباعة والمتسوقين.

فوضى العرض والطلب

 غير بعيد كان البائع يرب ولد محمد ينادي على معروضاته من البطاطس والبصل في الوقت الذي تراجع فيه إقبال المتسوقين مع ارتفاع النهار واشتداد الحرارة لا يعرف المراهق يرب بالتحديد أسباب غلاء الخضروات هذا العام فقد ترك التعليم من المرحلة الابتدائية قبل أربع سنوات ليتفرغ لبيع الخضروات في سوق المغرب لكنه لا يتوقع أي انخفاض في الأسعار حتى الأسبوع الأول من الشهر الفضيل وبعدما وصل سعر "ربطة " البصل والبطاطس 8800 أوقية هذه الأيام وكانت في العام الماضي في حدود 7500أوقية تقريبا.

  من أعلى تبدو السوق كفضاء من الأخبية ومظلات الشمس المتراصة في غير نظام تقطعها جيئة وذهابا حركة الباعة والمتسوقين ودافعي العربات اليدوية فيما تزكم الأنوف عفونة الخضروات والفواكه والتي تجذب الذباب وقطعان الماشية بينما تظل محلات الدور الأول من السوق الإسمنتي خاوية على عروشها ولا تجد من يؤجرها ليس بسبب غلاء الإيجار والذي قد يصل70ألف أوقية عن المحل الواحد ولكن بحثا عن موقع بيع أفضل حتى ولو كان نهر الشارع العمومي يقول بائع الخضروات المصطفى ولد أبريك إن العرض في الشارع أقل تكلفة رغم ما يتسبب فيه من زحمة واكتظاظ وإعاقة لأي جهود إنقاذ في حالة الطوارئ –لا قدر الله – لكن صغار الباعة ليسوا المستفيدين وحدهم من هذا الوضع بل السلطات البلدية والأمنية والتي تعمل على تكريسه من خلال تحصيل رسم 500أوقية شهريا عن كل منفذ عرض ، وتفرض عناصر الشرطة إتاوة بمبلغ 200أوقية كل أسبوع على الباعة حتى لا تجليهم عن المكان.

مضاربات وتقلبات في الأسعار

 ترى البائعة فاطمة أن هناك ضعفا في حركة السوق في هذه الفترة التي تسبق رمضان هذا العام مقارنة بالعام الماضي مما جعلها تعزف عن شراء سلع جديدة وتكتفي بعرض رزم من تشكيلات محدودة من الخضروات، فلا أثر للسيولة والنقود وهناك أزمة غلاء في الأسعار تتفاقم عاما بعد آخر، وباعة الخضروات التي لا تتحمل التخزين هم الأكثر تضررا من تقلبات الأسعار وكساد السوق من وجهة نظرها.

أسعار السلع الرمضانية تواصل صعودها مع اقتراب الشهر الفضيل خاصة التمور والبصل والبطاطس ودقيق الحبوب كما يقول المتسوقون حيث وصل متوسط سعر كلغ التمر من النوعيات الرديئة 500أوقية حسب البائع محمد ولد النجيب.

مع حضور هذا العام للتمور الجزائرية ومعلبات مستوردة من بلدان عربية كالسعودية وتونس .

ويرى ولد النجيب أن أسعار التمر محكومة بمعادلة العرض والطلب فعندما يتوقع ارتفاع الإقبال كما هو الحال في هذه الفترة التي تسبق رمضان يتراجع العرض وترتفع الأسعار ومع تغطية العجز يعود السعر إلى ثباته لكن ذلك لا يلغي تأثير عوامل المضاربة والاحتكار والتي تظل السبب المباشر وراء غلاء التمور على قاعدة أن السوق مواسم وفرص وليس هناك سقف أعلى للربح.

كما أن الاعتماد على الاستيراد وغياب أي سياسات جادة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب والخضروات تشجع حالات انفلات الأسعار وخروجها عن نطاق المعقول يعلق البائع وهو يشير إلى بعض الخضروات التي بلغت أسعارها مستويات غير مسبوقة هذا العام كالفلفل الأخضر "البافوره " بيع الكلغ منه بأكثر من 600أوقية وكذا الليمون الذي كان رمضان الماضي ب200أوقية واليوم بأزيد من 600أوقية في السوق وهو مكون أساسي في مشروبات "البيصام " لدى بعض الصائمين.

وهو ما ينطبق على البطاطا التي تباع في الخشنة اليوم بأزيد من 13000أوقية بعدما كانت رمضان الماضي ب10000أوقية فقط.

 

في انتظار طفرة رمضان

 أكثر ما يميز سوق خضروات "المغرب " كثرة البائعات واللائي هن في الغالب من معيلات الأسر دفعتهن الحاجة إلى هذا العمل رغم ما فيه من مشاق ومخاطر تهددهن بالخسارة في كل وقت فحسب إحدى البائعات فإن حركة البيع ضعيفة حتى الآن وسرعة تلف الخضروات بسبب الحرارة يتهدد معروضاتها المجزأة بالكساد، كما سبق أن عانت من الخسارة أول عهدها بدخول سوق المغرب عندما اقترضت 10آلآف أوقية واشترت منها خضروات سرعان ما تلفت لتكتفي اليوم بتخصيص مبلغ أقل لتجارتها من الخضروات.

فهي وزميلاتها تعملن على بيع الخضروات بالتجزئة والمساعدة بتجهيزها وتقطيعها لمن يرغب مقابل مبلغ 50أوقية عن كل كلغ لتعويض جزء من الخسارة ،فيما يبعن التالف منها لجامعي الأعلاف تعلق إحداهن.

 لكن الشكوى الأبرز لهن هي من دفع إتاوات البلدية والشرطة في مقابل السماح لهن بالبيع وسط الشارع رغم ما يكلفهن ذلك أحيانا عندما لا يجد دافعو العربات ممرا إلا فوق معروضاتهن من الخضروات والتي هي أعز ما يملكن.

صاحبتنا تقول إنها مطلقة وهي من تصرف على أطفالها بعدما هجرهم أبوهم وهي تأتي من الترحيل كل صباح لبيع الخضروات، وهو عمل رغم مشاقه وقلة ريعه يظل أفضل من البقاء في البيت أو استجداء عطف وشفقة الأقارب والجيران.

كانت الشمس في كبد السماء عندما غادرنا سوق الخضروات المعروف شعبيا بسوق المغرب... اكتظاظ وازدحام وصيحات وضجيج و شاحنات نقل تفرغ حمولتها من الخضروات والفواكه فيتلقفها عشرات الباعة والبائعات ليعيدوا توزيعها في جنبات السوق المزدحم أو لتشحن إلى مدن الداخل في رحلة تسويق طويلة لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد.

ومع ذلك يعول الباعة على الأيام المقبلة في رواج معروضاتهم على الأقل من طرف تجار المواد الاستهلاكية في الداخل ولا يعيرون أي اهتمام لتصريحات السلطات باطلاق عملية رمضان في أول أيام الشهر هذا العام وعن رصد أكثر من 900مليون أوقية للعملية التي لا تشمل سوى عدد محدود من المواد الأساسية ليس من بينها بالطبع التمور ولا الألبان السائلة ولا اللحوم والتي تظل حكرا في يد الباعة والموردين ولا تسلم كل موسم من مضاربات وعمليات احتكار تثقل كاهل المواطن الموريتاني يعلق أحد المتسوقين.

ضعف في الاقبال وتذبذب في العرض
تبدو ممرات السوق خالية من أي متسوقين