الصراع مع الكفر يكشف أهل النفاق- في ظلال الوحي ح 4/ إبراهيم أحمد سالم

سبت, 2024/02/03 - 14:27

نزل أول سورة التوبة بعد غزوة تبوك كما نصّ على ذلك ابن كثير ، وقال السمعاني في تفسيره : وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِرِوَايَة الْبَراء بن عَازِب: " أَنَّهَا آخر سُورَة أنزلت كَامِلَة ".

 

ومن المعروف أن الظروف والملابسات التي صاحبت غزوة تبوك تبيِّن أنّها في غاية الصعوبة ومما يدلّ على ذلك قوله تعالى عن البعض :" ﴿وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ﴾وفي المحاور التي تطرقت لها السورة نلاحظ ثلاثة عناصر مهمة :

 

- أصحاب التضحية " المستجيبون " .

- ضعف بعض الأخيار " ﴿لقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِیِّ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ فِی سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ یَزِیغُ قُلُوبُ فَرِیقࣲ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ وَعَلَى ٱلثَّلَـٰثَةِ ٱلَّذِینَ خُلِّفُوا۟ حَتَّىٰۤ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَیۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوۤا۟ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّاۤ إِلَیۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡ لِیَتُوبُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ، یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ".

 

لاحظوا العتاب بالذكر لهم بعد المهاجرين والأنصار والتأكيد على الكينونة مع الصادقين ، هنا لا يقبَل منك التقوى وترك الصادقين ، وهنا ملمح يُذكّرني بملمح يذكره المفسرون عند عتاب النبي صلى الله عليه وسلم " عفا الله عنك لم أذنت لهم "، فذكر عفوه قبل العتاب، وهنا يمكن القول :إنّه ذكر التوبة قبل ذكر الثلاثة فهم صحابة أجلّاء.

 

- المنافقين .

ولكن من الملاحظ أن السورة تكلمت كثيرا عن المنافقين وأخلاقهم وصفاتهم ومواقفهم أخْرَجَ البُخارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبّاسٍ:

سُورَةُ التَّوْبَةِ، قالَ: التَّوْبَةُ هي الفاضِحَةُ، ما زالَتْ تَنْزِلُ: ومِنهم ومِنهم، حَتّى ظَنُّوا أنَّها لَمْ تُبْقِ أحَدًا مِنهم إلّا ذُكِرَ فِيها.

 

ولعل هذا ما جعل حذيفة بن اليمان " وهو الخبير بالمنافقين " يقول : " هي سورة العذاب " لقد لاحظ الكشف لكثير من سرّه، فأوقات الصراع مع العدو الواضح تلمسوا الأعداء الأخفياء واحذروهم، وعلى المؤمن أن يسأل الله السلامة ويحذر ما تكشفه معارك الحق "غزة نموذجا"مع الباطل.

 

وليتذكر ما كشفته غزوة تبوك ، وليرجع كل منا إلى سورة التوبة وليتأمّل صفات المنافقين ، نسأل الله الحفظ.