أصدر الباحث الموريتاني خليهن محمد الأمين، دراسة علمية حول الحرية في النصوص الشرعية أصولها وضوابطها .
وكشف الباحث ولد محمد الأمين في تدوينة على صفحته على الفيس بوك أن هذه الدراسة " تتخذ من النص الشرعي مرجعا حاكما، ومن قضايا الواقع مجالا للنظر والتأمل، ومناطا لتنزيل الحكم".
وأضاف ولد محمد الأمين "حاولتُ أن أعالج من خلالها قضية الحرية التي تعتبر من أبرز القضايا في وقتنا الراهن؛ وذلك من خلال بيان موقعها في الإسلام، وإبراز الأسس الفلسفية لها في النصوص الشرعية، ثم التوقف مع تفريعاتها في مجالات الحياة المختلفة، وعرضها على النصوص الشرعية، وبيان أوجه الرأي فيها".
وشدد الباحث على أن الدراسة شاملة لقضايا الحرية بأشكالها المختلفة؛ فردية، واجتماعية، وسياسية، حتى لا تشذ عنها قضية من القضايا المهمة التي لها علاقة بالموضوع، وأن يكون النص الشرعي هو المعيار المرجعي الذي نزن من خلاله تلك القضايا.
واضاف لهذا "جعلت عنوانها هو "الحرية في النصوص الشرعية.. أصولها وفصولها"؛ وقصدت بأصول الحرية الأسس النظرية الكلية، وبفصولها القضايا الفرعية التفصيلية في مجالات الحياة المختلفة.
وقسمت الدراسة إلى تمهيد، وأربعة فصول. جعلت التمهيد بمثابة مقدمة تضع الموضوع في سياقه النظري من المنظور الشرعي؛ وذلك من خلال البحث عن "جذور الحرية" في النصوص الشرعية، وبيان المضامين الشرعية التي تقابل الحرية بمفهومها المعاصر، وتحديد مفهوم الحرية وأشكالها، ورصد مسار تطورها في الفكر الإسلامي.
وفي الفصل الأول، تناولت أصول الحرية في النصوص الشرعية. وهو أيضا مقدمة نظرية تمهيدية أخرى، ولكنها ترتفع بالموضوع أكثر من الناحية النظرية؛ وتتجاوز موضوع علاقة الإسلام بالحرية التي تكفَّل التمهيد ببيانها، إلى بيان الأصول الفلسفية للحرية في النصوص الشرعية.
وأما الفصول الثلاثة الأخرى من الدراسة فقد تجاوزت التأسيس النظري للموضوع إلى الغوص في الإشكالات الواقعية بشكل مفصل؛ فتناول الفصل الثاني من الدراسة الحرية الفرية، بأشكالها المختلفة؛ حرية الاعتقاد، وحرية القول، وحرية التصرف.
وتولى الفصل الثالث بيان الحريات الاجتماعية بأشكالها المختلفة، ممثلا لها بقضايا يكثر طرحها في هذا السياق، كقضية الرق، وقضية الحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة، وقضية القبيلة من المنظور الشرعي، وقضية الزواج بين الفئات الاجتماعية، وطرحها كحل لمشكل التفاوت الطبقي.
وتكفل الفصل الرابع ببيان الحريات السياسية بأنواعها المختلفة، كما طرحت في السياق الغربي، ممثلة في العلمانية والديمقراطية، كما تناول العلاقة بين الدين والسياسة نظرا لعلاقته الوثيقة بالموضوع.
وقد حرصت على تكثيف الاستدلال بالقرآن والسنة، وعلى عرض وجوه الرأي في مختلف قضايا الدراسة وعرض أدلتها ونقاشها.
كما حرصت على الإكثار من النقول عن المتقدين من العلماء؛ رغم أن ذلك قد يثقل المتن أحيانا، وذلك من أجل بيان أن المعانيَ التي نقررها هنا فهوم قديمة للعلماء، وليست معانيَ جديدةً جاء بها العلماءُ المعاصرون من عند أنفسهم. مع أن كون المعاني هي من استنباط المعاصرين فإن ذلك لا ينقص من قيمتها، فالعبرة بصحة الاستدلال وقوة الحجة والبرهان، لا بأقدمية العالم أو تأخره.
إلا أن الناس في زماننا هذا يذعنون لأقوال العلماء المتقدمين أكثر من إذعانهم للحجة الظاهرة من القرآن والسنة، ومن براهين العقول، ولأجل ذلك أكثرنا من ذكر كلام العلماء القدماء، لا للاستدلال به، لأنه ليس حجة في نفسه، وإنما من أجل بيان أن هذه المعاني التي نذكرها هنا تطابقت عليها فهوم العلماء الأقدمين والمعاصرين، ولأن المتقدمين في عمومهم أجزل صياغة، وأقوى حجة، وأبصر بمقاصد الشرع، وأدق في التعبير العلمي، وأبعد عن التأثر بضغوط الواقع من أغلب المعاصرين.