يشهد قطاع الاتصالات في موريتانيا تحديات تقنية وإدارية كبيرة تنعكس بشكل واضح على جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين. في ظل التطور السريع للتكنولوجيا الرقمية عالميًا، تظل خدمات الاتصالات المحلية دون المستوى، مما يثير تساؤلات حول البنية التحتية، إدارة الشبكات، ومراقبة جودة الخدمة (Qualité de Service, QoS). يتزامن هذا الوضع مع تغاضٍ ملحوظ من قبل سلطة التنظيم الوطنية، مما يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
الخروقات التقنية في خدمات الاتصالات
1. عدم كفاءة البنية التحتية للشبكة (Inefficacité de l'infrastructure réseau)
تعاني البنية التحتية لشبكات الاتصالات في موريتانيا من تقادم المعدات وقلة الاستثمار في التحديثات الضرورية. يلاحظ ضعف كبير في بنية الشبكات الأساسية (Réseaux de base) والنقل (Réseaux de transmission)، مما يؤدي إلى انقطاع متكرر في الخدمات، وبطء في نقل البيانات. على سبيل المثال، تعتمد العديد من المناطق على روابط ميكروويف قديمة وغير مستقرة، بدلاً من استخدام الألياف البصرية (Fibre optique) التي توفر سعات نقل أعلى واستقرارًا أفضل في الاتصال.
2. ضيق نطاق التغطية وجودة الإشارة (Portée limitée et qualité du signal)
تعاني موريتانيا من مشكلة ضيق نطاق التغطية، خاصة في المناطق الريفية والنائية، حيث لا تغطي شبكات الجيل الثالث (3G) والرابع (4G) سوى نسبة محدودة من السكان. بالإضافة إلى ذلك، تواجه المناطق المغطاة مشاكل في جودة الإشارة، حيث تعاني من التداخل (Interférence) وانخفاض قدرة الإشارة (Atténuation du signal)، مما يؤدي إلى تدني سرعة الإنترنت وضعف جودة المكالمات الصوتية.
3. ضعف إدارة سعة النطاق الترددي (Gestion inefficace de la bande passante)
تعاني الشركات من مشاكل في إدارة سعة النطاق الترددي، حيث لا يتم تطبيق تقنيات التشكيل المروري (Gestion du trafic) وإدارة الازدحام (Gestion de la congestion) بشكل فعال. يؤدي هذا إلى بطء في سرعة الإنترنت خلال فترات الذروة، حيث يتم توزيع السعة بشكل غير متوازن بين المستخدمين، مما يفاقم تجربة المستخدم النهائي.
4. الاختناقات في مراكز البيانات (Goulots d'étranglement dans les data-centers)
تواجه مراكز البيانات (Data-centers) في موريتانيا مشاكل في القدرة الاستيعابية والبنية التحتية الخاصة بالخوادم (Serveurs) وأنظمة التخزين (Systèmes de stockage). يؤدي هذا إلى حدوث اختناقات تؤثر سلبًا على أداء التطبيقات والخدمات السحابية (Services Cloud)، مما يقلل من كفاءة العمليات التجارية والوظائف الرقمية في البلاد.
التغاضي من قبل سلطة التنظيم: أسباب وتداعيات
1. ضعف آليات مراقبة جودة الخدمة (Faiblesse des mécanismes de surveillance de la QoS)
تعتبر مراقبة جودة الخدمة من أبرز المهام التي يجب أن تضطلع بها سلطة التنظيم، إلا أن هذه الآليات تبدو غير فعالة في موريتانيا. لا توجد أنظمة متطورة للمراقبة المستمرة لأداء الشبكات، مثل أنظمة مراقبة الأداء في الوقت الحقيقي (Surveillance des performances en temps réel) أو تطبيقات تحليل البيانات الكبيرة (Analytique des big-datas) التي يمكنها كشف المشاكل قبل حدوثها والتفاعل معها بسرعة.
2. تأخر في تحديث الإطار التنظيمي (Retard dans la mise à jour du cadre réglementaire)
الإطار التنظيمي الحالي لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية يبدو متأخراً، حيث لا يتم تحديث اللوائح والمعايير بشكل دوري. على سبيل المثال، معايير جودة الخدمة (Normes de QoS) لا تتماشى مع متطلبات تقنيات الجيل الرابع والخامس (4G et 5G)، مما يجعل الشركات غير ملزمة بتقديم خدمات ذات جودة عالية.
3. غياب الرقابة الفعالة على الترددات (Gestion inefficace du spectre radioélectrique)
إدارة الطيف الترددي (Gestion du spectre radioélectrique) من المهام الأساسية لسلطة التنظيم، إلا أن عدم فرض رقابة فعالة على توزيع واستخدام الترددات يؤدي إلى تداخلات غير مرغوب فيها (Interférences indésirables) وتدهور جودة الإشارة. هذا الوضع يعيق استخدام الطيف الترددي بشكل فعال ويؤدي إلى اختناقات في الشبكة.
4. عدم تفعيل سياسة التعويضات للمستهلكين (Politiques de compensation des consommateurs non appliquées)
رغم تدني مستوى الخدمة، لا يتم تفعيل سياسات تعويض للمستهلكين عند حدوث انقطاعات أو تدهور في جودة الخدمة. هذا يؤدي إلى فقدان الثقة بين المستخدمين وشركات الاتصالات، ويزيد من الضغط على سلطة التنظيم لتفعيل هذه السياسات وتطبيقها بصرامة.
التحديات التقنية والاقتصادية
1. الاعتماد على تكنولوجيا قديمة (Dépendance aux technologies obsolètes)
تعتمد الكثير من شركات الاتصالات على تقنيات قديمة لم تعد تلبي احتياجات السوق الحالية. على سبيل المثال، لا يزال استخدام الأنظمة المتقادمة للاتصالات السلكية (Systèmes RTC obsolètes) قائماً في بعض المناطق، مما يحد من قدرة الشركات على تقديم خدمات عالية الجودة مثل VoIP أو الفيديو عبر الإنترنت.
2. تأثير ضعف الاتصال على الاقتصاد الرقمي (Impact de la mauvaise qualité de la connexion sur l'économie numérique)
ضعف جودة الاتصال يعيق تطور الاقتصاد الرقمي في موريتانيا، حيث تجد الشركات الصغيرة والمتوسطة (PME) صعوبة في الوصول إلى الأسواق العالمية عبر الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر هذا الوضع سلبًا على إمكانية تنفيذ مبادرات الحكومة الإلكترونية (E-Gouvernement) التي تتطلب اتصالًا مستقرًا وموثوقًا.
3. التحديات المتعلقة بالأمن السيبراني (Défis de la cybersécurité)
مع تزايد الاعتماد على الإنترنت والخدمات الرقمية، تبرز قضايا الأمن السيبراني كأحد التحديات الكبيرة. تعاني الشركات من ضعف في تطبيق بروتوكولات الأمان (Protocoles de sécurité) وتشفير البيانات (Cryptage des données)، مما يعرض المستخدمين لخطر الهجمات السيبرانية وسرقة البيانات.
إن التحديات التقنية والإدارية التي تواجه قطاع الاتصالات في موريتانيا تتطلب تدخلاً عاجلًا من قبل سلطة التنظيم وشركات الاتصالات على حد سواء. يجب تحديث البنية التحتية وتطبيق تقنيات حديثة لتحسين جودة الخدمة، بالإضافة إلى تعزيز آليات الرقابة والتنظيم لتضمن تقديم خدمات تليق بالمستهلك الموريتاني. في ظل هذه التطورات، ستتمكن موريتانيا من تحسين ترتيبها في المؤشرات العالمية لجودة الاتصالات، وبالتالي تعزيز مكانتها الاقتصادية والرقمية على الصعيدين المحلي والدولي.