نظّمت جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم ليلة الجمعة ملتقى علميًا حضره رئيس الجمعية فضيلة العلّامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، والأمين العام للهيئة الوطنية للمحامين، وعدد من النقباء السابقين، ورموز المحاماة ورجال القانون في موريتانيا.
أدار الملتقى، الذي حمل عنوان: "لقاء الفقه والحقوق"، المحامي محمد المامي ولد مولاي اعل، حيث قدّم ورقة تأطيرية تناولت موقع المحاماة ودورها في المنظومة القضائية، واختتمها بطرح أبرز الإشكالات التي تواجه المحامين.
وفي كلمته، أوضح الأمين العام للجمعية، الدكتور شيخنا سيد الحاج، أن الملتقى يهدف إلى "إتاحة الفرصة لحماة الحق ورجال القانون للحديث إلى فقهاء الشريعة، ومناقشتهم ومحاورتهم حول القضايا والإشكالات التي تواجههم. فالعلم رحم بين أهله، وهذه مناسبة لتلاقح الأفكار وتبادل الآراء حول ما يهم المتخصصين في هذا الشأن، ولإقامة جسور التعاون، ومناقشة المستجدات، بما يسهم في إحياء عرف علمي أصيل وبناء تجربة عملية جديرة بالاقتداء".
وأكد ولد سيد الحاج على أهمية توثيق العلاقة بين الفقيه والمحامي، مشيرًا إلى أن "الحاجة المتبادلة بينهما تقتضي إفادة بعضهما من بعض. فالمجالان يتميزان بنقاط التقاء عديدة تشمل نبل الأهداف، ودقة المنهج، والانضباط بالقواعد، والسعي وراء الحقيقة، والتعامل مع وقائع متغيرة، مما يجعل منهما شركاء طبيعيين في خدمة المجتمع".
وأضاف أن قيمة العدل في الإسلام "تمثل منظومة حضارية متكاملة، تتسم بأبعاد تشريعية، وأخلاقية، وإنسانية. فهي ترتبط بمبدإ الأمانة وأدائها، وتوزيع المسؤوليات وضبطها، مما يمنح هذه القيم خصوصية وتفردًا".
وأشاد الأمين العام بالدور الريادي الذي يقوم به العلماء والفقهاء والمحامون في إحقاق الحق، وإرساء العدل، ومنع الظلم، والوقوف مع المظلومين، مضيفًا أن التاريخ سجّل لهم "محطات مضيئة وتجارب مشرّفة تدعو للفخر".
من جهته، استعرض العلّامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو في مداخلته تاريخ المحاماة، مشيرًا إلى المرافعة التي قدمها عيسى عليه السلام كما وردت في القرآن الكريم. وأكد أن حكم المحاماة يتوقف على نية صاحبها، إذ قد تكون واجبًا كفائيًا، أو فرضًا عينًا، بل وقد تصل إلى مرتبة الجهاد في سبيل الله.
وتطرق الشيخ إلى العلاقة بين المحامين وموكليهم، موضحًا أن طبيعة العقد بينهما قد تكون عقد إجارة أو جعالة، معتبرًا أن الأفضلية تعتمد على الظروف، حيث قد يكون عقد الإجارة أنسب في كثير من الحالات، بينما قد تفضل الجعالة في أخرى.
كما تناول الشيخ عددًا من الإشكالات المرتبطة بمهنة المحاماة، قبل أن يفسح المجال لمداخلات المحامين، الذين استعرضوا وقائع وإشكالات عملية تواجههم في ميدان عملهم.
ومن أبرز المتدخلين خلال الملتقى العلمي: الأمين العام لهيئة المحامين الكتاب المختار، والنقيب السابق أحمد ولد يوسف ولد الشيخ سيديا، والنقيب السابق إبراهيم ولد أبتي، إضافة إلى المحامين البارزين يرب ولد أحمد صالح، ومحمدن ولد اشدو، والنعمة ولد أحمد زيدان، ومحمد أحمد مسكه، والزعيم ولد همد فال، ومحمد ولد عبيد، وبوميه ولد حمود، وسيدي ولد محمد فال، والشيخ ولد حمدي، وآخرين.
وحظي "لقاء الفقه والحقوق" بصدى واسع في الساحة العلمية والثقافية حيث تمت الإشادة بهذا الملتقى ونوعيته وحاجة الساحة إليه.