كل عام نحتفل بعيد الإستقلال المجيد، نحتفل بقيام دولتنا موريتانيا بهذا الإسم و بذلك العلم و على هذه الأرض.
نحتفل بأن لنا وطنا عزيزا إلى قلوبنا، نفتديه بأموالنا و أنفسنا.
نحتفل بأولئك المقاومين الذين قدموا أنفسهم في سبيل الكرامة و السيادة، و من أجل أن نعيش نحن لحظة الإحتفال، و نذوق طعم الإستقلال.
هذا كله حاضر فيك أيها العيد المجيد، فأنت عيد وطن بإمتياز.
لكن قوسا هنالك بقي مفتوحا لم يغلق رغم مرور أكثر من ستة عقود عليك أيها العيد.
لقد أصر المستعمر الغاصب رغم خضوعه لإعلانك في يوم 28 نوفمبر 1960م، أصر على أن ينغص علينا لحظتك الفارقة.
و بقيت ملامح المستعمر تراوح مكانها في إقتصادنا و ثقافتنا.
بقي المستعمر رغم الإستقلال يستغل ثرواتنا، و ينهب خيراتنا تحت شعارات كثر، بعضها في ثوب شرائك، و بعضها في ثوب اتفاقيات، و يستخدم كافة الطرق الخفية و الخلفية لتمرير آليات نهبه، مستخدما الإرث الإستعماري كوصاية علينا، و رغم سعي أنظمتنا المتداولة لتبديد تلك الملامح إلا أنها بقيت واضحة جلية لا تخفى على أي متابع و حتى الآن.
فلم يتم تأميم ميفرما(سنيم)، التي هي شريان الإقتصاد الوطني، إلا بعد 14 عاما، من إعلان الإستقلال.
و بقيت لغة المستعمر هي لغة الإدارات، و العمل، و التعامل، و حتى أنها في بعض المراحل القريبة جدا بقيت هي لغة تعليم الناشئة في المراحل الأساسية و نحن الآن فقط،في محاولة لمعالجة تلك الثغرة المتعلقة بتعليم الناشئة.
و بقيت الثروات تستخرج بأدوات المستعمر من شركات و مؤسسات، و لا ننال منها إلا نسبة في أحسن احوالها لا تتجاوز 10%، عائدات ضرائب محددودةجدا، لا تساوي معالجة المخلفات البيئية التي تلاحقنا لعقود. و بقيت العقول الوطنية تهاجر دون أن تجد مساحة تناسبها في وطنها لبنائه، و بقي الوطن يستورد كل واردة و شاردة، يستورد طعامه و شرابه و دواءه و سلاحه، و حتى ثقافته.
إن مرورك أيها العيد، سيظل يذكرنا بأن لنا وطنا نحتفل به، و في نفس الوقت بأن ذلك الوطن ليس مجرد ذكريات، بل هو واقع معاش يستحق أن يتطور و ينهض و ينمو و يزدهر،
فأنت لست فقط عيد لحظة إستقلال، بل أنت عيد وطن ولد ليتقدم إلى الأمام و يتحرر من براثن المحتل، و ينطلق في سماء الحرية للبناء و الرقي بكل قوة و شموخ.