أخيرا جاء النطق بالحكم الابتدائي في قضية ولد المخيطير، ليبعث فينا الأمل من جديد بوضع حد للإجرام و المجرمين، و تحديدا من كان دأبهم التطاول على الأعراف و التقاليد، انتهاك المحرمات و الخروج على المألوف، انتقاد كل ما هو قائم و المزايدة، التشدق بالمثل و التنور و التنوير، صناعة الموضة القائلة بقصور الدين و تخلف المتدينين، الرجوع للمنطق و التمنطق دون امتلاك أدواته، في اعتكاف يرفض أصحابه الاحتكاك أكثر بمن يعيبون عليهم تدينهم و يأنفون عن مجالستهم و يتحينون الفرص لنعتهم بكل صفة شائنة "رجعيين .. متطرفين ... أصوليين" هي إذا حرب وجودية بين الحق و الباطل لها معارك و صولات و جولات ليست بالجديدة، الجديد هذه المرة تجنيد مجموعات من فئات كانت مستضعفة في السالف داخل نظام اجتماعي جعلها في أسفل سلمه و أدنى دركه.
لقد توصلت هذه المجموعات بعد عميق تفكير و مع كثير تأطير من قبل من يطلقون على أنفسهم صفة الحداثيين لقناعة راسخة بأن مشكلتهم "متجذرة في الموروث الإسلامي" و هو استنباط يكسهم جلباب السطحية و السذاجة، فعندما عجز هؤلاء عن كسب معركة إثبات الذات أمام خصم ضعيف هين كالمجتمع، وجهوا سهامهم صوب خالقهم و رسله و تابعيه !!
كل من قرأ تلك الكلمات التي لفقها ذلك التافه وجدها لا شك: متنافرة فيما بينها، جارحة لمشاعر المسلمين كافة، مشكلة مسودة فاقدة للدقة منافية للحقيقة متجاسرة على المعتقد باعثة على العنصرية و الفئوية.
"ها أنا ذا أصنع الرجال على غراري يبكون و يفرحون ويعربدون و يزدرونك كما أزدريك "
جوته مخاطبا رب الأرباب عند الإغريق، فعلا كفر الشاعر الألماني الكبير برب أولئك القوم، لكنه مجد النبي العربي طه عليه الصلاة و السلام و أثنى عليه في كثير من مقولاته و أشعاره، حتى إن بعضا من المشتغلين بالبحث و دراسة موروث الأديب الكبير ذهبوا بعيدا بتساؤلهم! عما إذا كان قد أسلم؟ و إن كان الرسول الكريم في غنى عن شهادة ذلك الألماني و غيره من المخلوقات، فكفاه أن اصطفاه الخالق و بعثه رحمة للعالمين. و لأن ذلك الكويتب و صحبه رفضوا البقاء معنا تحت مظلة واحدة و ظعنوا نحو سراب الحداثة و التقدم، نستشهد لهم بأقوال و مواقف النخب المثقفة من تلك الحضارات التي يصبو هو و أساتذته للتخلق بأخلاق أقزامها، فلو أنهم امتلكوا مثقال ذرة من أدوات التفكير و المنطق لاستنبطوا بأنفسهم الدنيئة أن الإسلام: قمة التحضر و الرقي، الإنصاف و الإنسانية، المساواة و العدل، و أن ما ورد في كتاب الله عز وجل من كلام و سنة المصطفى يحمل الحرية للعبيد و عدم التفريق بين العرب و العجم إلا بالتقوى.
خالد ولد أخطور