صحابة صهرهم الإسلام (5) "البار ينوي قتل أباه"/ المختار نافع

اثنين, 2025/03/10 - 20:38

من الظواهر التي لفتت انتباه دارسي السيرة النبوية الانقسام الذي وقع في مجتمع المدينة بين جيلين: جيل الشيوخ الذين كثر فيهم النفاق أو تأخر الإسلام وجيل الشباب الذي سارع أغلبه إلى دخول الإسلام والانفعال بقيمه الجديدة وتجسيدها في أمثلة تمشي على الأرض

وقد كان المثال الأوضح لهذا الانقسام في بيت آل أبي بن سلول، الذي خرج منه رأس النفاق عبد الله بن أبي وخرج منه فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، مثل عبد الله بن عبد الله بن أبي وأخته جميلة (وهي بالمناسبة زوجة حنظلة غسيل الملائكة ابن أبي عامر الفاسق أكبر المجاهرين بعداء الإسلام من أهل المدينة، وذلك مثال آخر لهذه الظاهرة)

 

عرف عن عبد الله الإبن قبل إسلامه وبعده بره الشديد بأبيه، لكن ذلك لم يمنعه من البراءة من نفاقه وبعضه في الله، لأنه فهم مقتضيات الولاء في الدين الجديد التي تقطع كل علائق الأرض إذا تعارضت مع الولاء لله ورسوله والمؤمنين:《قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ》سورة التوبة (24)

 

بلغت براءة عبد الله الإبن من أبيه إلى حد أنه كان مستعدا لتنفيذ أي حكم يصدره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله مع خوفه من أن يحمله بروره وتعلقه به أن يقتل أي شخص آخر ينفذ هذا الحكم

 

روى ابن إسحاق "أن عبد الله {الإبن} أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه ، فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني ، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس ، فأقتله فأقتل ( رجلا ) مؤمنا بكافر ، فأدخل النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل نترفق به ، ونحسن صحبته ما بقي معنا"