قال النائب السابق محمد المصطفى ولد بدر الدين إن الفقر ارتفع في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى 42% بين السكان الموريتانيين وفق آخر تقارير البنك الدولي وفق تقديره، واعتبر بدر الدين أن حصيلة خمس سنوات من حكم ولد عبد العزيز تمثل تراكما من الفساد والعجز .
نص المقابلة
السراج: بشيئ من الاختصار كيف تقيمون حصيلة النظام القائم خلال السنوات الخمس
بدر الدين : نحتاج لكثير من الاستفاضة للحديث عن تقييم واسع ومنهجي، ورغم أن أنصار الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتحدثون عن إنجازات هائلة، وصلت قبل أكثر من سنة لأكثر من 70% من برنامج ولد عبد العزيز، إلا أن الصورة الواقعية عكس ذلك تماما.
وعلى سبيل المثال فقد وصل ولد عبد العزيز إلى البلاد والدخل القومي للبلاد يقدر ب 800 مليار من الأوقية، أما الآن فقد فقد وصل إلى 1300 مليار أوقية، إن هذه الزيادة لا علاقة لها بأي إنجاز سياسي أو اقتصادي للحكومة والنظام الحالي، ولكنها جاءت طفرة بسبب الارتفاع الكبير لأسعار المواد الأولية (الحديد، النحاس،الذهب، السمك) فقد ارتفع الحديد من 62 دولار 2008 إلى 600 دولار الآن، أما الذهب فقد ارتفعت أونصة الذهب من 400 إلى 1800 دولار.
وهذا هو التفسير الوحيد للفائض الذي في الخزينة والبنك المركزي، علينا الآن أن نتساءل عن تأثير هذا الفائض على حياة المواطنين، لقد كانت السياسة الدولية العامة تقتضي تراجع الفقر إلى نسبة 28% في موريتانيا سنة 2015، لكن نسبة الفقر الآن تناهز 42% وفق آخر تقارير البنك الدولي
لنتساءل عن البنى التحية، فأهم طرق موريتانيا هي طريق الأمل وهي فاسدة في أغلب أجزائها، وخصوصا مقطعها المعدوم بين كيفة والطينطان، وكذا طريق روصو – نواكشوط، تعيش وضعية بالغة السوء.
صحيح أن الحكومة أنشأت بعض الطرق، الضعيفة المهترئة التي ذاب أكثرها تحت أولى المطر.
أما قطاعا الصحة والتعليم، فقد اعترف ولد عبد العزيز شخصيا بأنهما قطاعان منهاران، والانهيار أكبر في الشفافية، حيث تراجعت موريتانيا خمس نقاط إلى الأسفل في مؤشر الشفافية العالمية.
أما في الشأن السياسي وبناء المؤسسات فإن الأزمة واضحة، الجميع يعرف أن البرلمان الجديد لا يداني سابقه في الكفاءات ولا في القوة، وأننا مقبلون على أول انتخابات رئاسية لا يشارك فيها رموز المعارضة.
السراج : لكن هل مجرد مشاركة رموز المعارضة في الانتخابات يمنحها المصداقية الكافية؟
بدر الدين : اللعبة الديمقراطية تداولية بين المعارضة والحكومة، المعارضة في موريتانيا معروفة برموزها وأحزابها، نتذكر أنه في 2007 شارك 19 مرشحا في الرئاسيات يمثلون مختلف رموز المعارضة، والموالاة، أما الآن فنحن أمام انتخابات رئاسية لا يشارك فيها أي من رموز المعارضة المعروفين، وربما تكون انتخابات يشارك فيها بعض رموز الفساد وهم على كل حال يمثلون جزء من المجتمع.
السراج : المعارضة انتقلت من أحزاب محددة إلى كم هائل من القوى والتشكلات، هل أثرت هذه الكثرة إيجابيا على خطاب وقوة المعارضة؟
بدر الدين : المعارضة سابقا كانت – كما الآن- متنوعة تضم أحزابا إيديلوجية، وأحزاب شخصيات، وأحزاب محصورة في رؤسائها، وتبقى الديمقراطية والانتخابات هي المجال الذي يمكن من تصفية هذا الكم واستغلال هذا التنوع.
السراج : تتفقون مع الموالاة في الترحيب بكل مغاضب للنظام، كما يحتفي النظام بكل قادم من المعارضة، ألا ترون أنكم تمنحون صك غفران لمن تتهمونهم سابقا بالفساد؟
بدر الدين : تحديد المعارضة هو الحزب أو الجماعة أو الشخص الذي يعمل ضد النظام السياسي القائم بالطرق السياسية السلمية، والمعارضة متنوعة جدا، لكن هذا هو التعريف العام لها.
السراج : أنتم شخصيا انتقدتم بقوة وزير الصحة السابق واتهمتموه بالفساد، لكن أصبح لاحقا قياديا معارضا مكينا بعد مغاضبته للنظام؟
بدر الدين : وزير الصحة المذكور كان ينفذ برنامج محمد ولد عبد العزيز، وقد انتقدناه بقوة حينها، رغم أنه لم يكن المسؤول بشكل مباشر وقوي عن كل الصفقات التي انتقدنا، هذا لا يعني تبرئته من المسؤولية بشكل كامل،خصوصا أنه قبل تطبيق تلك السياسة، التي تمثل البرنامج غير المعلن للرئيس محمد ولد عبد العزيز المرسخ للفساد والمحسوبية.
بعد خروج هذا الوزير من الحكومة واعتذاره رسميا، وبعد اعتذاره، لا يمكن أن نرفض التحاقه بإطار المعارضة.
السراج : أموال الرئيس موضوع جدل دائم منذ فترة، كيف تنظرون إليها؟
بدر الدين : القانون يلزم رئيس الجمهورية، بالتصريح بأمواله عشية استلامه السلطة وحين مغادرته لها، وفي هذا السياق لم يقم ولد عبد العزيز بأي من التصريحين لحد الآن، صحيح أنه تحدث عن حفارته التي يستخدمها لصالح الفقراء كما يقول، لكننا نتذكر في حملته 2009 أنه قال إنه غني وأمواله كثيرة، نعرف أيضا أنه يملك كما هائلا من الأراضي الغالية في نواكشوط " هو يوكل التراب"
ومالم تكن حفارة رئيس الجمهورية قد نبشت له كنزا في تخوم الأرض، فإن أمواله لا تزال موضع جدل يستحق التحقيق ويتطلب منه الالتزام بالقانون والتصريح بأملاكه حين وصل للحكم، وأملاكه الحالية وهو يستعد لمأمورية جديدة.
السراج: بعد الانتخابات الرئاسية، مؤكد أن المعارضة ستكون الخاسر الأكثر وكثير من قادتها سيحالون إلى التقاعد السياسي وتستمر الأوضاع كما كانت
بدر الدين : الخاسر الأكبر سيكون الشعب الموريتاني وليس المعارضة فحسب ولا الأغلبية، متأكدون أن الرئيس ولد عبد العزيز إذا أجل الانتخابات – وهو احتمال مستبعد – فسيكون الأمر بسبب حاجة شخصية بالنسبة له وليس من أجل الشفافية، خصوصا أنه انقلابي وصل للسلطة بالقوة، وأن المحيط العربي الآن يشهد تراجعا في مسار الديمقراطية.
وعليه فإن الخاسر الأكبر سيكون الشعب الموريتاني الذي سيتجرع خمس سنوات جديدة، من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز وإدارته السيئة.
أما بالنسبة للمعارضة فإن المشاركة في هذه الانتخابات – وفي ظل نظام رئاسي متغول- تعتبر ضربا من العبث وإهانة الديمقراطية، وعليه فإن قوة المعارضة ستكون في نزع الشرعية والمصداقية عن هذه الانتخابات الأحادية.
السراج : لكن المصداقية هي آخر ما يفكر فيه المجتمع الدولي وداعمو الرئيس
بدر الدين : يهتم المجتمع الدولي كثيرا بالديمقراطية،وخصوصا الاتحاد الأوربي وفرنسا وقد أبلغوا ولد عبد العزيز برفضهم مراقبة أو تمويل هذه الانتخابات الأحادية، كما أنه في إفريقيا التي يترأسها ولد عبد العزيز يوجد رؤساء أفارقة مهتمون بالديمقراطية.
السراج : ماذا عن رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي
بدر الدين : هذا حدث مهم جدا، ويهتم به كل الموريتانيين، لكنه لا يرجع لأي خصلة من خصال ولد عبد العزيز، لقد كانت رئاسة الاتحاد الإفريقي من نصيب شمال إفريقيا وكانت موريتانيا الدولة الوحيدة المؤهلة لهذه الرئاسة، نظرا للأوضاع الأمنية والسياسية في بقية بلدان شمال إفريقيا.
في تصوري أنه لا تعود لأي ميزة من مزايا ولد عبد العزيز إن لم يكن سيدعي أنه صالح يحصل على الكرامات بعد أن دعواه أنه رئيس الفقراء
السراج : وبالنسبة للمصالحة الموريتانية في مالي؟
بدر الدين : هي أيضا عمل إيجابي نعتبره ضرورة تستحق الإشادة، وتستحق أيضا الاستمرار، على ولد عبد العزيز أن يظهر كرجل صلح وليس ظهيرا للجيش الفرنسي في المنطقة، عليه أيضا أن يعرف أن يرأس بلدا يعيش أزمات سياسية كبيرة، وبالتالي عليه أن يسعى للمصالحة مع شعبه ومع الأطراف السياسية في بلده.
السراج : شكرا لكم