مع دخول العشر الآواخر من رمضان يشمر المسارعون إلى الخيرات عن سواعد الجد اغتناما للأجر، وركضا إلى الله بالتقوى والعمل الصالح والتماسا لليلة القدر التي يجني الموفقون لها أضعاف ما يجنيه تجار السلع والخدمات..
سباق من نوع آخر مضماره الأسواق ورواده التجار الذين ينتظرون فرصة الرواج التي يجلبها اقتراب عيد الفطر على أحر من الجمر..
أسواق وسط نواكشوط ومع اقتراب العيد تعرف انتعاشا وروجا غير مسبوق فحركة الباعة والمشترين تملأ الأرجاء والمترددون على الأسواق بالمئات للظفر بفرصة لعرض أفضل وسعر مناسب وسلع أجود مما يجعل البعض خاصة من النساء يترددن على السوق على مدى أيام ..
نشاط ورواج يبدأ في التصاعد ليبلغ أوجه ليلة العيد.وليعلن عن أفضل مواسم الرواج التجاري في أسواق الملابس.
ذلك الموسم الذي يواكبه الباعة وأصحاب المحلات بإغراق متاجرهم ومحلاتهم، بالبضائع والإعلانات الترويجية، وملصقات الاعلان عن التخفيضات والعروض الخاصة.
إلى جانب متاجر ومحلات آخرى كستها بهجة استقبال العيد حتى قبل حلوله فقام أصحابها بتعليق البالونات والزينة والأنوار الكاشفة لجذب المتسوقين،فيما امتلأت رفوفها بالملابس الزاهية للكبار والصغار ومن مختلف الألوان والماركات .
سباق محموم
بائع "الملابس" أحمد محمود اختار الرصيف المحاذي "الآفاركو" بوسط نواكشوط لعرض ملابس الرجال التقليدية "الدراريع " وبسطها على طول الرصيف فالمهم –حسب قوله- ما يلفت انتباه الزبون ويغريه بالشراء، فباحات الأسواق والأرصفة كلها أصبحت معرضا مفتوحا لبيع الملابس رغم ما يتسبب فيه ذلك من زحامات واختناقات مرورية فلا صوت يعلو فوق صوت باعة الملابس في هذه الأيام.
على مقربة يقوم عناصر من أمن الطرق بتنظيم السير في التقاطع المجاور ولم يضطروا إلى غلق الطريق إلى السوق حتى الآن كما هي العادة في الأيام القليلة قبل العيد.
سباق محموم بين الباعة لاحتلال أي حيز على الرصيف المحاذي للعمارة مما دفع البائع أحمد محمود للتبكير حتى قبل الفجر ليعرض في هذا المكان –على الأقل ضحى يوم واحد فلا أحد يضمن البقاء في مكانه هنا، فالمجموعة الحضرية وحراس البنك المجاور قد يغيرون على الباعة في أي وقت ويصادرون معروضاتهم لأتفه الأسباب.
لكن العرض المجاني ليس حكرا على باعة الملابس فقط بل أيضا الأحذية والأجهزة المنزلية والناموسيات وحتى باعة المشروبات المثلجة والبصام والأدوية التقليدية والصحف والمجلات المستعملة.
ومع ذلك يظل رصيف "آفاركو" صورة مصغرة لأسواق نواكشوط قبل العيد من حيث فوضى العرض والزحام وفي تنوع المعروضات لدرجة تدعو أحيانا إلى الدهشة والعجب.
جديد "العيد"
وإن كان لا معنى لدى العيد في نظر الكثيرين سوى لبس الجديد والتباهي بالثوب القشيب فإن هذا المعنى يظل ناقصا بسبب غلاء أسعار الملابس الجديدة مما اضطر البعض إلى استبدالها بالملابس المستعملة المعروفة محليا "بفكو داي" بالنسبة للأطفال أو الملابس التقليدية المستعملة "كالدراريع والسروايل" والتي أصبحت تباع مقابل ثمن يخضع للمساومة بين البائع والمشترى.
بعض رواد رصيف "آفاركو" يتصيد مثل هذه الفرص كما يقول محمد سالم ولد أحمادن والذي قال إن مثل هذه الفرصة تكون مغرية أحيانا لدرجة أنك تجد أعلى صيحات ملابس "أزبي" تباع بأدنى من ثلث ثمنها لكن المشكل هو في الشكوك حول مدى سلامة مثل هذه العمليات فقد تكون الملابس مسروقة وبالتالي تضع المشتري تحت طائلة المسائلة والشبهات والتواطؤ مع الجناة.
ومما يسهل كشف هذه العمليات الرموز والإشارات التي يضعها الملاك لتمييز ملابسهم وبالتالي فهو ينصح فقط بالشراء من بائع مؤتمن.
البديل "الجاهز"
طاولات وعربات بيع المستعمل تعرف هي الأخرى رواجا مع اقتراب العيد حيث تصبح قبلة العديد من أرباب الأسر لشراء ملابس الأطفال رغم ما في ذلك من تفويت التباهي بموضات العيد الجديدة والتي لا يعلن عنها الباعة إلا في الأيام الأخيرة قبل العيد.
الشاب "عاشور" أحد باعة المستعمل يقول إن الاسعار لا تعرف حدودا فكل الاحتمالات مفتوحة وكل التوقعات مطروحة وقد تكون بالجملة أو المفرد بحسب ما يتم الاتفاق عليه بين الزبون والتاجر…
إقبال متزايد وزحام واكتظاظ تعرفه أسواق وسط نواكشوط قبل العيد لا يحمل في جوهره الكثير للباعة والتجار الذين يرونه أقل من مستوياته عاما بعد آخر، ولا يعني أي جديد للمتسوقين الذين يشكون الغلاء وانتشار المزور وتربتط السوق في أذهانهم بالتحايل والمضاربة والاستغلال والاحتكار،فهل يكون المستعمل البديل الجاهز للباحثين عن جودة أفضل وسعر أرخص يتساءل كثيرون من رواد السوق هذه الأيام ؟؟؟
