
موفد السراج
مع بدء موسم الخريف يكون الوضع المعيشي أكثر هشاشة في قرى آفطوط التابعة لمقاطعة أمبود وذلك بعد نفاد الحصاد من الحبوب ومعاناة ظروف صيف قائظ وطويل جف فيه الضرع ويبس الزرع.
الأطفال وكبار السن الأكثر تضررا في هذه الأيام من أمراض سوء التغذية وفقر الدم رغم وجود مراكز للتغذية الجماعية في بعض من هذه القرى.
في كو أهل جعفر 7كلمترات من مركز المقاطعة فم لكليته سجلت حالات من داء الحصبة هذا العام مما أثار مخاوف السكان من عودة قوية للوباء بعد سنوات من انحساره بسبب حملات التطعيم والتلقيح ضد المرض.
الحالات المسجلة وفق السكان لم تقتصر على الأطفال بل الكبار الذين لم يسبق أن تلقوا تطعيما ضد المرض.
في فم لكليته أكبر مراكز التغذية الجماعية حيث يتم توجيه الأطفال المصابين بحالات سوء التغذية من الدرجة الحادة والمتوسطة ويسير الهلال الأحمر الموريتاني بعثات إلى القرى القريبة لوزن الأطفال واكتشاف حالات جديدة كما تقول إحدى المتطوعات في البرنامج.
وفي بغول حوالي 60كم من أمبود يقدر الهلال الأحمر حالات سوء التغذية الحاد ب26 والمتوسطة ب45 في حين يشكك رئيس المركز سيدي ولد أحمد في دقة هذه الأرقام مؤكدا أن المركز سجل في شهر واحد أكثر من 85حالة سوء تغذية متوسطة بين الأطفال و26حالة حادة لسوء التغذية.
وتكمن الأسباب رغم الطابع الزراعي للمنطقة مما يعني وجود غلة لا بأس بها من الحبوب والخضروات في عوامل الفقر حيث تصنف منطقة آفطوط ضمن أكثر المناطق فقرا في موريتانيا.
في قرى عديدة لا يجد السكان سوى طبخ ثمار التوكه " للأطفال وكسرها واستخلاص لبها لإطعامهم خاصة في مثل هذا الفترة من العام.
غلاء المواد الأساسية خاصة الأرز والقمح ومشتقاته والألبان عامل آخر أسهم في تفاقم مشكل سوء التغذية في المنطقة كما يقول الأهالي مؤكدين ضعف استفادتهم من دكاكين أمل لدعم المواد الأساسية والتي لا تكفي لسد احتياجات المركز الموجودة بها أحرى القرى والتجمعات القريبة منها كما يشرح سيد محمد ولد محم من كو أهل جعفر.
في الخريف لا تعفي المهام طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ضعيفة فمهام المساعدة في فلاحة الأرض وجلب المياه من الآبار الضحلة تستنزف جهود الجميع على أمل حياة أكثر رخاء وأقل معاناة خلال موسم الحصاد.
الطفلة تسلم بنت ودادي من قرية بوغول 48 من امبود تبدو سعيدة برحلة جلب المياه من الحفر السطحية في منخفض الوادي المجاور إنها رحلة شبه يومية للطفلة التي لم تكمل عامها الثامن.
في منخفض الوادي الذي يشبه الأخدود تتناثر الحفر لنزح المياه التي خلفتها الأمطار وهي المصدر الوحيد للمياه في بوغول التي تعد من أكبر قرى آفطوط ساكنة لكن الحظ العاثر جعل السكان نهبا لأزمات عطش لا ترحم وللأمراض المعوية والجلدية بسبب شرب المياه الضحلة والاعتماد على هذه الطرق البدائية خلال موسم الخريف.
في المقابل يحرص القرويون على إلحاق أطفالهم بالمحاظر القرآنية الموجودة رغم الشكاوى من قلة المدرسين ومن عدم انتظام الطلاب بسبب الحاجة لهم في أعمال الحرث ومهام الرعي وجلب مياه الشرب من الآبار والحفر السطحية في بطون الأودية ومجاري السيول.
في كو أهل جعفر ولكنيبه وبغول تأسست محاظر قرآنية بدعم من مبادرة تحفيظ القرآن الكريم في آفطوط والتي جربت هذا العام إطلاق حملة لتعليم مبادئ القراءة للأطفال في قرى المنطقة خلال العطلة الصيفية.
يقول محمد يوسف مدرس القرآن بقرية لكنيبه إن هناك ارتفاعا في معدلات ترك الأطفال للمحظرة خلال موسم الخريف مما يعرضهم لنسيان ما حفظوا من السور،وينهك أجسامهم النحيلة في مهام شاقة طوال ساعات النهار، ويزيد من الأعباء الملقاة على المدرس الذي لا يجد أي عون من أولياء الأمور ولا يقدر كثيرون الجهد الذي يبذله في التهجي لصغار الأطفال، ومتابعة برنامج الخفظ للكبار منهم.
في المدن والقرى الكبيرة يعمل الأطفال في مهام توزيع خبر الحطب على رؤوسهم الحاسرة أو من على طاولات قرب محطات النقل بوسط المدنية.
وفي القرى النائية يعملون في البناء والحراثة وحتى في حمل قوالب الطوب وجلب الحطب والماء وغيرها من أشغال شاقة تنتهك حرمة طفولتهم البريئة وتملأ رؤوسهم الصغيرة بهموم ومشاغل الكبار بل وتصرفهم عن حقهم في التعلم والتنشئة الأخلاقية والصحية السليمة.يعلق المدرس إبراهيم ولد حمود من قرية بوغول.



.jpg)
.jpg)