
افتتح المجلس الوطني لحزب الوطن دورته العادية الثانية هذا مساء السبت بالمقر المركزي للحزب تحت شعار فى سبيل دولة القانون .
وتعقد هذه الدورة باسم عضو المجلس الوطني المرحوم ودهه ولد اسنيكل عرفانا من رفاقه بتاريخه النضالي الطويل .
وقد كان الافتتاح مناسبة لرئيس المجلس الوطني محمد ولد ݤـايه عبّر فيها عن ترحيبه بالحضور واصفا الظرف الذي تعقد فيه الدورة بالعصيب على المواطن والدولة، معلنا بذلك افتتاح دورة المجلس الوطني.
رئيس الحزب الأستاذ محمد الكوري ولد العربي تحدث عن رؤية الحزب حول جملة من القضايا المطروحة لاسيما التعديلات الدستورية التي يصر النظام على فرضها من جانب واحد، منددا بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المواطن الموريتاني، حيث أكد أن الحزب يعي تماما درجة الهشاشة الاجتماعية والتنافر السياسي والإفلاس الاقتصادي والقحط الثقافي الذي تعيشه بلادنا.
وأعرب رئيس الحزب عن رفضهم في حزب الوطن لأي شكل من أشكال العبث في الدستور، محذرا من تداعيات الاستقواء بالأجنبي عسكريا أو اقتصاديا .
وجاء فى كلمة الرئيس :
" بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد
السيد، رئيس المجلس الوطني المحترم ؛
السادة نواب رئيس المجلس الوطني الموقرون ؛
الرفاق والرفيقات .. والإخوة . . والأخوات، أعضاء المجلس الوطني ؛
الرفاق والرفيقات .. والإخوة والأخوات الذين شرفونا بحضورهم الجلسة الافتتاحية لمجلسنا الوطني الموقر؛
السلام عليم ورحمة الله وبركاته..
ينعقد المجلس الوطني في دورته الثانية العادية ، طبقا لأجلها القانوني المحدد ،في أجواء وطنية غير مريحة، حتى لا نقول مقلقة على مصير بلدنا. وكما انعقدت الدورة الأولى لهذا المجلس ، كما نتذكر، في ظروف سياسية وطنية مشحونة على خلفية مساعي النظام وقتها لعقد مؤتمر حواري إقصائي من جانب واحد، يأتي ، اليوم، انعقاد هذه الجلسة في جو مشحون أيضا بعدما بلغ الانسداد السياسي ذروته إثر رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية ؛ وإعلان رئيس الدولة في مؤتمره الصحفي الأخير تجاوزه لقرار هذه المؤسسة الدستورية وعزمه تجاهل المجلس الدستوري، صاحب الاختصاص في الحسم في مسائل النزاعات الدستورية، بتنظيم استفتاء شعبي على تلك التعديلات من جانب واحد؛ وهو ما يفتح بلادنا على مزيد من التأزيم والتعقيد في أوضاعها السياسية، المتأزمة أصلا.
أيها الرفاق.. والرفيقات، والإخوة والأخوات.
كما تعلمون ، فقد تبنى حزبنا خط المعارضة منذ 16 / أكتوبر/ 2016 تمشيا مع توجيهات الأغلبية الساحقة لأعضاء المجلس الوطني وكادر شباب حزبنا في المكاتب المركزية للحزب بتاريخ 30 / سبتمبر ، و 1 / أكتوبر/ 2016 ؛ حيث خول المجلس الوطني لقيادة الحزب اتخاذ تبني خط المعارضة في الوقت الذي تراه مناسبا لذلك. وهكذا، عندما اتضح أن النظام ، عبر مختلف أجهزته وعلى لسان كبار أعوانه ، وخاصة الوثيقة المقدمة من الحزب الحاكم، يتجه نحو تغيير الدستور لنسف أهم المكاسب الديمقراطية للشعب الموريتاني، في طليعتها مواد مدة المأمورية الرئاسية،فإننا قد اعتبرنا ذلك نكوصا عن تلك المكاسب وتمهيدا لاسترجاع حكم الفرد، الذي ناضل في سبيل إنهائه شعبنا في ظروف قاسية. ومن هنا، أعلنا تحول حزبنا من " التموقع الوسط" بين النظام والمعارضة إلى تبني خط المعارضة السياسية للنظام القائم، دون الانضمام للأطر التنظيمية ، حتى الآن، لقوى المعارضة، مع أننا نتفق معها في الخطوط العامة ، خصوصا ما يتعلق بالموقف من النظام وأجندته الأحادية، في مقدمتها سعيه لتعديل دستور البلاد في ظروف أزمة وطنية سياسية واجتماعية واقتصادية. وها هو النظام ، على لسان أعلى شخصية فيه، يصر على تجاوز المؤسسات الدستورية في البلاد مما أثار مخاوف وطنية جدية ليس على واقع المكتسبات الديمقراطية التي تحققت لشعبنا فحسب ، وإنما على مستقبل استقرار البلاد برمتها، واحتمال انزلاقها نحو الاضطراب السياسي في ظروف إقليمية ودولية ملتهبة. وسيكون اجتماع مجلسنا الموقر فرصة لتعميق النقاش في شتى أبعاده لهذه الأزمة السياسية المتطورة نحو الأسوأ باضطراد.
أيها الرفاق.. أيتها الرفيقات، والإخوة .. والأخوات.
إننا في حزب الوطن على وعي تام أن بلدنا في أقصى درجات الهشاشة الاجتماعية والتنافر السياسي والإفلاس الاقتصادي والقحط الثقافي ، فضلا عن انهيار منظوماته التعليمية والصحية ورداءة أداء بنيته الأمنية الداخلية، وتفشي ظواهر القبلية والمحسوبية والزبونية ، وذيوع الرشوة في جميع المرافق العمومية ، وانتشار الأدوية المزورة والأغذية الفاسدة وما أدى إليه ذلك من شيوع أنواع السرطانات والأوبئة الصامتة في غياب تام للسلطات. كما أننا على وعي كامل بالوضعية العالمية المتفجرة وما تسببت فيه من عدم استقرار أغلب دول العالم ، وخصوصا في محيطنا الإفريقي و وطننا العربي ، الذي اختفت بعض أقطاره من الوجود، وبعضها الآخر في طريقه للتفسخ والتشظي بفعل غباء أنظمتها وإصرار بعضها على مواصلة الطرق والأساليب الخاطئة. وإننا، تأسيسا على هذا الوعي، ندرك أن بلادنا في وضعيتها الراهنة أشبه بمن يضع قدمه على لغم متفجر، فإما أن يرفع هذه القدم عن اللغم فينفجر عليه ويهلكه، وإما أن يتريث ضاغطا على اللغم حتى يتسنى له وجود من له الخبرة في تفكيك الألغام ، فينجو بنفسه. وهذا، لا يقدر عليه إلا الشجاع من الناس. إن رئيس البلاد ، اليوم ، مثل ، صاحب اللغم، فإما أن يدرك خطورة العناد والتصرف بردات الفعل وطاعة المزاج، وعندئذ تضيع البلاد ويضيع معها النظام وتعديلاته الدستورية ومكاسبه المادية والمعنوية. وإما أن يرتقي إلى مستوى رجل الدولة ، فيغلب مصلحة البلد ويؤمن مستقبل شعبه وسلمه الأهلي بإشراك قواه السياسية والمدنية الوطنية في صياغة مستقبل بلدها. فحين تتمزق البلاد، لا سمح الله ، لن يبق فيه علم أخضر ولا علم بخطين أحمرين ، ولن يكون فيه دستور بالمرة ؛ بل سيحل الموت والخراب والدم والدموع كألوان كريهة لكل البلاد والعباد، جريا على ما حدث في العراق و ليبيا وسوريا واليمن... والحبل على الجرار. فكل فصيل سيكون له علمه ولائحته التي تنظمه، حين تتحول البلاد إلى مليشيات متناحرة!.
أيها الرفاق.. أيتها الرفيقات، والإخوة .. والأخوات.
إنه لو كان لهذه التعديلات أثر إيجابي في تحسين ظروف حياة المواطنين ، في أي مجال من مجالات معاناتهم ، التي نوهنا عن بعضها أعلاه ، لكنا السباقين إلى دعمها ، حتى ونحن في خط المعارضة ؛ لأن الأمر يتعلق بمصالح شعبنا، التي هي مبرر وجود حزبنا للدفاع عنها. ولو أن هذه التعديلات جرى اقتراحها في مناخ وطني يتسم بالطمأنينة العامة للبلاد لكنا من المبادرين والمشاركين في نقاشها بأسلوب ديمقراطي وحضاري سلمي . ولكن هذه التعديلات ليس لها أي أثر إيجابي على حياة المواطنين ؛ بل إن إهدار المبلغ الطائل في سبيل فرضها ( ستة مليارات من الأوقية ) كان الأحرى به أن يوجه لجهة تخفيف الظروف الصعبة في أي مجال من مجالات معاناة المواطنين. فضلا عن أن هذه التعديلات ليس لها أي طابع استعجالي، وتأتي في سياق أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية في بلادنا لا يمكن جحودها.
وهذه الأسباب ندعوا :
1 - النظام وخاصة رئيس الجمهورية إلى التراجع عن فرض الأجندة الأحادية عموما، وبخاصة في مسألة المس بالدستور في مثل هذه الظروف التي تمر بها بلادنا ؛
2- ندعوا جميع الوطنيين في الأغلبية والمعارضة وخصوصا المنتخبين منهم، سواء بسواء، إلى الوقوف ضد المس بالدستور بأجندة أحادية ؛
3 - نطالب شعبنا بكل شرائحه وعناوينه الحزبية والنقابية ومنظماته الحقوقية للتعبئة ضد هذه التعديلات الأحادية، وخاصة القوى الشبابية ؛
4 – نرفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال الاستقواء بالقوى الأجنبية، سواء كان تدخلا مباشرا أو ضغوطا اقتصادية، في مشاكلنا السياسية والاجتماعية ؛ لأنه ما تدخل الأجنبي في أي بلد إلا اندلعت فيه الحرب الأهلية وحل الدمار والخراب؛
5 – ندعوا جيشنا الوطني إلى حماية البلاد والشعب والدفاع عن المكتسبات الديمقراطية في البلاد، ونرفض أي انقلاب عسكري في البلاد بعد تحريم الاستيلاء على السلطة بالقوة؛
والسلام عليكم ورحمة الله"
