
(الحلقة الثالثة) نشكر صحيفة "السراج الأسبوعي" على تبنيها لموضوعنا المعنون بـ"غريب.. مفردات من اللغة العربية مستخدمة في الحسانية" ومنحنا عمودا ثابتا لنصور من خلال هذه الزاوية واقع انسكاب ألفاظ الغريب من بحر العربية "الأم" في خليج اللهجة الحسانية "البنت" بعين باحثة تكتشف وتسبر خفايا المعاجم وتقارن بين المستخدمة أيامنا هذه في بنياتها الاجتماعية الموريتانية، مع تلك التليدة والتي تحتفظ بها الكتب، ونحونا الإيجاز والتلخيص.
تعتبر لفظة خزر في اللهجة الحسانية دالة على فعل النظر بشيء من الغيظ أو الاستهزاء، وهو أن تضيق العينان وينكمش الحاجبان فوقهما، والخزر في الأصل العربي لفظ دال على مرض يضيق العينين وصار يستخدم في ما بعد لوصف من يضيق عينيه كما لو أنه مصاب بالخزر.
وليس هذا إلا مما يدلل على أن اللهجة العربية الموريتانية "الحسانية" أصيلة كل الأصالة لدرجة احتوائها مصطلحات علمية وأسماء أمراض برع العرب قديما في معالجتها واكتشاف حقيقتها وتوصيف الدواء لها.
ففي معجم (لسان العرب) في مادة خزر:
الخَزَرُ، بالتحريك: كسْرُ العين بَصَرَها خِلْقَةً وقيل: هو ضيق العين وصفرها، وقيل: هو النظر الذي كأَنه في أَحد الشَّقَّينِ، وقيل: هو أَن يفتح عينه ويغمضها، وقيل: الخَزَرُ هو حَوَلُ إِحدى العينين، والأَحْوَلُ: الذي حَوِلَتْ عيناه جَميعاً، وقيل: الأَخْزَرُ الذي أَقبلت حَدَقَتاه إِلى أَنفه، والأَحول: الذي ارتفعت حدقتاه إِلى حاجبيه؛ وقد خَزِرَ خَزَراً، وهو أَخْزَرُ بَيِّنُ الخَزَرِ، وقوم خُزْرٌ؛ ويقال: هو أَن يكون الإِنسان كأَنه ينظر بمُؤْخُرِها؛ قال حاتم: ودُعيتُ في أُولى النَّدِيِّ، ولم يُنْظَرْ إِلَيِّ بِأَعْيُنٍ خُزْرِ وتَخازَرَ: نظر بمُؤْخُرِ عينه.
والتَّخازُرُ: استعمالُ الخَزَرِ على ما استعمله سيبويه في بعض قوانين تَفاعَلَ؛ قال: إِذا تَخازَرْتُ وما بي مِنْ خَزَرْ فقوله وما بي من خَزَرٍ يدلك على أَن التَّخازُرَ ههنا إِظهار الخَزرِ واستعماله.
وتَخازَرَ الرجلُ إِذا ضَيَّقَ جَفْنَهُ لِيُحَدِّدَ النظر، كقولك: تعامَى وتَجاهَلَ. ابن الأَعرابي: الشيخ يُخَزِّرُ عينيه ليجمع الضوء حتى كأَنهما خِيطَتَا، والشابُّ إِذا خَزَّرَ عينيه فإِنه يَتَداهَى بذلك؛ قال الشاعر: يا وَيْحَ هذا الرأْسِ كيف اهْتَزَّا، وحِيصَ مُوقاهُ وقادَ العَنْزَا؟ ويقال للرجل إِذا انحنى من الكِبَرِ: قادَ العَنْزَ، لأَن قائدها ينحني.
والخَزَرُ جِيلٌ خُزْرُ العيون.
وفي حديث حذيفة: كأَني بهم خُنْسُ الأُنُوف خُزْرُ العيون.
(...)
وفي نفس المادة خزربمعجم (الصّحّاح في اللغة):
الخَزَرُ: ضيق العين وصِغرُها. رجلٌ أَخْزَرُ بَيِّنُ الخَزَرِ.
ويقال هو أن يكونَ الإنسانُ كأنَّه يَنظُر بمُؤَخِرِها. قال حاتم:
يُنظرْ إليَّ بأعـيُنٍ خُـزْرِ *** ودعيت في أولى النديِّ ولم
وتَخازَرَ الرجلُ، إذا ضيَّقَ جفنَه ليحدِّد النظر كقولك: تَعامى وتجاهَلَ.
وقال الراجز:
إذا تَخازَرْتُ وما بي من خَزَرْ
(...)
تقبلوا تحيـــــاتي ...