وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
ألمح في الآية إشارة لأهل الدعوات إلى سبيل الله أن لا يغفلوا عن الدائرة الكبيرة الجامعة " المسلمون " وحقوقِها بانشغالهم في الدائرات الدعوية النافعة الضيّقة، وذلك أن الله لما وجّههم للدعوة إليه علِم أن الدعوة ستنشأ منها اتجاهات متعددة للطبيعة البشرية في الاختلاف فأرشدهم إلى قضيتين مهمتين.
الأولى : العمل الصالح لأنه بصلاحه يصبّ في الصالح العام للدين وهذا ملمح مهم في نظر الجماعات بعضها لبعض، وفي هذا إشارة إلى مركزية العمل الصالح والتنفيذ في الدعوات وأن لا يكون شُغلها الشاغل الجانب النظري الذي لا يُنشئ العمل.
الثانية : عدم التأثير السلبي للولاء الضيّق الذي فرضته طبيعة الاختلاف البشري على الولاء العام للمؤمنين الذي عبّر القرءان في سورة الحجرات عنه بالأخوة فقال : ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾ وفي السورة نفسها عظّم تلك العلاقة بأبلغ من الأخوة فقال : "ولا تَلْمِزُوا أنْفُسَكم"فجعل أخاك كأنه نفسك.
نحن المؤمنون نختلف ويرى بعضنا على بعض ملاحظات تختلف في درجاتها من الخطإ هنا لابد أن نُبيِّن الحق ووننكر ما نراه مُنكرا ولكن يختلف الناس في بيان الحق أو ما يرونه حقا على الأصح في اتجاهين :
اتجاه تركيزه على بيان الحق ولا يلقي بالا لعواطف المدعوين ولا يهمّه عونهم على الاستجابة للحق.
اتجاه يُحاول الجمع بين بيان الحق مصحوبا بالأدب وهنا نستحضر قيمة الأدب في الإسلام وفي إيصال رسالته للناس وصاحبه يراعي حق الأخوة بين المؤمنين وهذا الاتجاه الثاني كلّف الأمةَ غيابُه كثيرا من المعارك كنّا في غِنى عنها أو على الأقل في غِنى عن الحجم الذي أُعطيها.