سطر الموريتانيون بداية مشرفة مع انطلاق الطوفان وأبدوْا تفاعلا منقطع النظير مع أحداثه، وتضامنا شعبيا ورسميا لافتا ضد العدوان الهمجي، حيث اتفقت القبائل والقوى السياسية على التنديد بالمجازر، وحملات التبرع الواسعة التي يمكن أن نقول إن الموريتانيين سبقوا بها غيرهم، ولم يكن غريبا مستوى التفاعل من شعب رغم أنه على هامش الخريطة الإسلامية والعربية، ولا يمتلك كبير تأثير ولاقوة، مع القضية الفلسطينية حيث ظلت منذ عقود قضية مركزية في الشارع الموريتاني توحد الأطياف السياسية والقوى الاجتماعية.
لم يكن جرف مقر سفارة الكيان في نواكشوط في خواتيم العقد الماضي؛ التعبير الوحيد عن التضامن القديم رغم أنه كان إيذانا بمرحلة جديدة من تلاحم الموقف الرسمي والشعبي الداعم لفلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس وأقصاها محرر.
ومع استمرار حرب الطوفان المباركة تراجع التضامن عالميا وإقليميا مع أحداثه ومجازره وخفتت الأصوات وخرست الألسن من هول المشاهد والفواجع، إلا أنه ما كان للموريتانيين أن يتوقفوا أو يكلوا، وهم أهل السابقة في تحية العابرين على جثث الصهاينة يوم 7 من أكتوبر المجيد، والداعمين للقضية بإحسان إلى يوم التحرير الكامل إن شاءالله..
ولعلها استراحة محارب/ين، تشد فيها العزائم وتتنوع الخطط الداعمة للأشقاء، وتدرس الخيارات المتاحة، ففي نواكشوط ينتظر المتلهفون لمناصرة القضية منذ أسبوعين -على الأقل- خروج مسيرة أو وقفة متضامنة، حيث غابت المسيرات والوقفات وتراجع الحضور في الشارع تنديدا ورفضا للإبادة والتهجير في غزة، والتفجير في لبنان الجريحة التي ما تكاسل المقاومون فيها والمجاهدون عن دعم فلسطين.
في الذكرى الأولى للعبور الواثق في السابع من أكتوبر القادم، ننتظر انطلاقة جديدة وتفاعلا يساند القضية ويوسع دائرة التضامن بكافة أنواعه إعلاميا وسياسيا وماليا، وليس القنوت في الصلوات والدعاء في المساجد والقيام في الساحات إلا ألوانا من الدعم يحتاجها المجاهدون وحاضنتهم الشعبية وكل إنسان يعاني ألم الحرب في غزة والضفة ولبنان...
إن موريتانيا بهبتها الشعبية غير المسبوقة وتكاتف جهود علماءها وقادتها ومثقفيها.. قادرة على إحياء الفعل التضامني من جديد بقوة وتنوع وفعالية وإبداع، وما صناعة نساء الريف والبوادي لوجبات الإفطار الصباحي لعرضها للبيع والتبرع بثمنها لغزة، وغيره من صور وأشكال التضامن إلا دليل على أننا شعب يعي مسؤوليته تجاه القضية وحماتها الأبرار..حماهم الله وأيدهم بنصره..