بعد أن جرّعتنا مرارة الظلم والأسى، لا يمكن للجنة المسابقات أن تسكت أصواتنا عن فضح فسادها، ونقد تلاعبها بالمعايير، وكشف توزيعها للمقاعد بشكل انتقائي.
قبل أن تسير اللجنة عبثا في هذا الاتجاه، عليها أن تتصالح مع ذاتها، وأن تدرك أنها غير قادرة على الجمع بين إقصاء النخبة، وقمع آرائها، فهيهات أن يحصل ذلك، وهل نحن مخطئون في هذا الامر؟
ما كتبه البارحة على صفحتي الخاصة، أؤكده من جديد، وأتمسك به، ولم يكن في مستوى آخر، سوى مساهمة بسيطة في النضال من أجل العدالة والمساواة: قيم دولة القانون، التي لطالما، تنكرت لها اللجنة، يوما بعد يوم، لتؤكد لنا انخراطها في قيم ما قبل الدولة!
استغرب بداية، أن ينسب إعلان للجنة المسابقات، دون أن يوقعه أحد، ولكن أتفهم أن مضمونه المخجل، والمسئولية عن قلب الحقائق، ربما حالا دون نسبته لاحد محدد، تفاديا للإحراج، واستعدادا لنفي صحة الإعلان بعد أي طارئ.
مزاعم يكذبها التواتر:
لن أناقش ادعاء اللجنة أني لست أستاذا جامعيا، فكل الشواهد تكذبه، منذ ثمانية سنوات، وما كلية القانون، ومنسقيات ماستر، والمعهد العالي للبحوث والدراسات الاسلامية، والمدرسة الإدارية، منكم ببعيد، لكن سأناقش نفي اللجنة عني صفة الاكاديمية، فإذا كانت الاكاديمية – دون الحديث عن أصلها اليوناني- بأبسط دلالاتها، هي اتباع منهاج للبحث العلمي لإنتاج المعرفة، فإن نفيها عن شخص له إسهامات معتبرة في مجال اختصاصه، لا يصدقه الدليل.
كيف لا يكون أكاديميا من قدم للجنة عشرات البحوث المنشورة في مجلات دولية؟
من يكون الأكاديمي، إذا لم يكن ذلك الذي لديه عشرات الندوات والمؤتمرات الدولية؟
كيف لا يكون أكاديميا من يحمل صفة محكم في العديد من المجلات الدولية؟
من هو الأكاديمي في نظركم يالجنتنا الموقرة؟
هل يشترط لصفة الاكاديمي في قاموسكم، أن يكتتب في مسابقة، شابها ماشابها، وعابها ما عابها؟؟
أدعوكم لوضع اسمي على محرك البحث كوكل، وعلى قاعدة البيانات العربية "معرفة" وعلى دار المنظومة، والمنصة الجزائرية للمجلات العلمية، والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، والمراكز المغربية، وقبل كل ذلك، المركز الموريتاني للدراسات والبحوث القانونية والاقتصادية والاجتماعية، لتعرفوا من يكون كاتب السطور!!
بكل تأكيد لن تجدوا مقالا صحفيا على موقع كريدم.
تأكيد حقائق:
أما بخصوص ما أوْرَدْتُه من معلومات عن الزميلين الفاضلين، فهي حقائق ثابتة لا تقبل النفي، فأحدهما موجود في فرنسا، والآخر موجود في إسبانيا، ولم يشاركا في المرحلة الأخيرة، ووضع اسمهما - افتياتا-على لائحة الانتظار فيه انتقاص من قامات علمية، لا يناسبها غير التصدر، ويزري بها، أن تجد نفسها - دون سابق إنذار- في لائحة الانتظار، كما أن هذا الافتيات، يعد احتقارا مزدوجا للنظم القانونية وللمتسابقين، ودليلا قاطعا على العبثية التي سادت هذه المسابقة!!
أؤكد مرة أخرى على أنّ غياب الزميلين، أثبتُ من الموت، ولدينا من الأدلة القاطعة، ما لا يمكن للجنة نفيه "والنافي مقدم على المثبت" إلا بدليل قاطع، أعرف أن اللجنة، تدرك خطورة تزوير التوقيع، ونسبة أشياء لأشخاص غير معنيين بها، وكان عليها بدلا من تكذيب الحقيقة، أن تعلن خطأها في مَوْقَعَةِ الزميلين، وكل ابن آدم خطاء، لنقول لها: عفا الله عما سلف!
لا يمكن للجنة أن تنجح في التحريش بين الزملاء، بادعائها التشهير، أو لم تعلم أن التشهير من الناحية القانونية، لا ينطبق على هذا الخبر؟ إذ ليس فيه ما يجرح كرامة الزميلين، فهما لم يزورا أي شيء، وملاحظة عدم حضورهما، ليست تشهيرا، وليست مثارا للفتنة "دعوها فإنها منتنة"!
أنصح اللجنة أن تفهم أن التشهير بالمعنى القانوني، لا يتعلق إلا بما يجرح الكرامة بغير حق، وأن تدرك - قبل ذلك - أننا كمتنافسين من حقنا -قانونا- أن ندافع عن شفافية المسابقة، فنحن أصحاب مصلحة، وأصحاب صفة، ومن حقنا أن نلجأ للقضاء، ومن حقنا أن نكشف كل اختلال، ولو اقتضى ذلك ذكر اسم زملاء أعزاء، لا للإساءة إليهم، ولكن لفضح تجاوزات اللجنة، التي تدعي الحياد والنزاهة!
لن أتجاوز هذه النقطة، قبل أن أذكر كاتب اللجنة بخطورة مقولة : " افترى على الله" حسبنا الله ونعم الوكيل، واعوذ بالله أن أكون أكون مفتر، فكيف يكون الإخبار بالحقيقة افتراء على الله عز وجل؟ ألا يكفي أن يكون افتراء على اللجنة؟ وحتى إذا افترضنا أن الخبر كان كاذبا، فهل أن الكذب على اللجنة، هو افتراء على الله تعالى؟ أين تضع اللجنة نفسها؟
أدعوكم لعدم العبث بالمفاهيم، إنها ليست مسابقة، فالافتراء على الله عز وجل أمر خطير، ولا يكون إلا بنسبة إليه مالا يليق بجلاله وعظمته وكبريائه، سبحانه وتعالى، أو بشرعه الحنيف، ألا تعلمون خطورة الافتراء على الله تعالى: ((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ))
شافية أم محسوبية؟
بصفتي متسابقا، عانيت الاقصاء، وإعادة الاقصاء، استغرب دائما ادعاء اللجة للشفافية في كل تصرف، تفوح منه رائحة المحسوبية والتحيز!
تنطبق هذه المفارقة على توزيع لجنة التحكيم لمقاعد "كهدايا" في نهاية المسابقة، استنادا في ما تدعيه إلى المرسوم رقم 2020/106 بتاريخ 27 أغشت 2020، ألم تعلم أنّ الفقرة التي استشهدت بها، تنهض ضدها " يمكن للجان التحكيم ... بطلب من الجهة المستفيدة استغلال المقاعد الشاغرة في تخصص ما، لصالح تخصص آخر في نفس المسابقة، إذا كان لهما المستوى الوظيفي الواحد"
سوف لن أتجاوز تحليل هذه الفقرة، لأثبت للجنة تحيزها في منح المقاعد، فإذا كانت هذه الفقرة، تتيح استغلال مقاعد شاغرة لصالح تخصص ما -وما من صيغ العموم- فلماذا لا توجه لجنة التحكيم مقعد القانون للمدرسة العليا متعددة التقنيات، التي كانت تريد مقعدا للقانون، تم حذفه من الاعلان المعدل للمسابقة؟
لماذا لا يسند مقعد المدرسة العليا للتعليم لتخصص التربية؟ علما بأن التعبير عن الحاجة الذي قدمته المدرسة، - تعتبرونه شرطا- كان يطالب بأستاذين للتربية، وأستاذا واحدا للفقه، فلماذا، يضاف مقعد جديد للفقه، دون التربية في نفس المدرسة؟ هل يمكن فهم هذا التصرف خارج إطار المحسوبية؟؟
وهل أن إضافة مقعد للقانون الدستوري إلا حفاظا على توازنات، بدأتم بها مع بداية المسابقة، وفرضتموها كأمر واقع دون خجل ؟
النصوص واضحة، والشفافية محجة بيضاء، من أبسط قواعدها أن يعلم كل مترشح، ما له من النقاط، وكيف حصل عليها؟ وهل من عجز عن ذلك، وباءت وعوده عن كشف الكشوف بالفشل، سيقدر على الشفافية في إسناد مقاعد، يحتدم عليها التنافس، إنها المفارقة التي تلازم عملكم يالجنتنا الموقرة (( لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)
أقدر للجنة التحكيم سكوتها عن الرد على محاباة الشخصية الحكومة المرموقة، ونحن كمحامين نتعبر السكوت في مقام الرد إقرارا، ولايختلف عنه الرد المتهافت الذي لا يستند لدليل، إننا نسيمه المزاعم، فلاحقيقة إلا برهان!! والنافي -كقاعدة - مقدم على المثبت، عطفا على قضية غياب الزميلين.
تقريع بحسن النية:
أخيرا، تصر اللجنة دائما على أن تقرعني باعتقادي حسن النية في رئيسة لجنة التحكيم، خلال بداية المسابقة، وليتها وجدت لي تقريعا غير ذلك، أعذرها في هذا التقريع لأنه ربما كان في محله، وأهل مكة أدرى بشعابها!!
إنني كمحام، وكرجل مسلم قبل ذلك، أتمسك بحسن النية، وبمبدأ البراءة الاصلية، وبأصل السلامة، وبالفطرة السليمة، التي فطر الله الناس عليها، والتي لا تقبل الظلم، ولا تنتهجه سبيلا، وهذا ما كان يمنعني من الاتهام دون دليل، أو افتراض التحيز والظلم والفساد في شخص دون اختبار، فعلقت لبعض المدونين بتزكية مبدئية لرئيس لجنة التحكيم، ليست نادما عليها في حينها، لأنني لم أشهد إلا برأي، لم يثبت لدي خلافه.
أما وأنها كشفت عن حقيقة نفسها، وواجهت كل المتسابقين بعجَرَهَا وبجَرِهَا، فنحن لا نتمسك بمبدأ البراء، لمن ارتكب جريمة مكتملة الأركان، كما لا نفترض حسن النية في من أثبت سوء نيته، ولا الحياد في من أكد تحيزه الجهوي، إننا كما كان مالك يقول عن فتواه المتغيرة بالدليل: (( إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ))
من مقام الحقائق، ومن مقام الاختبار، الذي لا يقبل الجدل، فإنني أقول – وبكل ثقة – إنّ سبب انحراف مسابقة التعليم العالي، وعدم شفافيتها وفسادها، يعود إلى تلك التي سبق أن اعتقدت يوما، إنها نزيهة!!
نعم خاب ظني، وصدق اعتقاد غيري، لا لأني لم يحالفني الحظ، كما يزعمون! فقد قاطعت المهزلة، بعد تأهلي للنجاح؛ ومعرفتي بتحديد النتائج سلفا، إنه لولا الحيف، لكنت الأول، ولكني، لم أكن لأمثل أمام لجنة لا يمكنها إسناد علامة محددة (تعطي ملاحظات فقط: جيد، حسن، ضعيف، رئيسة لجنة التحكيم، هي التي تسند 35 نقطة أو 20، أو 0 دون رقيب) ولم يكن من صلاحياتها، تنقيط البحوث.
إن شعارنا للمقاطعة، كان الموت ولا الدنا، مع كوكبة من أصحاب الكرامة، والضمائر الحية من الدكاترة والمهندسين والعلماء، الذين قالوا لا في وجه مُتَحَكِّمَةَ، لم تسمعها من قبل!
كيف لنا أن نتصرف مع شخص مستبد برأيه؟ ماذا نفعل مع شخص لا تُراجع أخطاؤه، ولا يدين بالطاعة لرؤسائه، حتى لرئيس اللجنة الذي عينه، هل نزكي من لا يأخذ رأي خبير، ولا يسمع صوت الضمير؟ وما فائدة خبير صوري لا يحسم رأيه في النجاح؟ ما عسانا أن نصف شخصا، يستخف العاملين معه ليطيعوه؟ ماذا نقول عن شخص أفعاله، تتحدثه عنه بكل أمانة؟ كما تتحدث سبوح المتنبي عن نفسها:
وَتُسْعِدُني في غَمْرَةٍ بَعْدَ غَمْرةٍ *** سَبُوحُ لها مِنها عَلَيْها شَوَاهَدُ
إذا كانت اللجنة، تهتم بآرائي المتناقضة، لدرجة الرد عليها، أو تتخذها مرجعا، فهذا آخر ما أقوله عن رئيس لجنة تحكيمها، وليس رأيا كسابقه، يقبل الخطأ والصواب، إنما هو إخبار بحقائق متواترة، يتناقلها الجميع، ليس المتسابقون وحدهم، وإنما طاقم التعليم العالي بأكمله، والباحثون في الداخل والخارج!!
وختاما، لابد أن كون ممتنا للجنة المسابقات لِحَمْلِي على قول حقائق، لم أكن أفكر يوما في قولها لأحد العاملين في هذه اللجنة الموقرة، أحرى أن أصْفَعَ بها من تُوكَلُ إليه مسئولية جسيمة، وأمانة عظمية، عرضت على السماوات والأرض والجبال (( فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا))
ولله الامر من قبل ومن بعد
وإن عدتم عدنا نواكشوط 18/10/2024