حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية/د. رقية أحمد منيه

أحد, 2025/05/18 - 18:42
الدكتورة رقية أحمد منيه - باحثة متخصصة في الدراسات الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم.     

 

ملخص محاضرة علمية بشأن

 "حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية ".

 

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل: ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ والمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ والقانِتِينَ والقانِتاتِ والصادِقِينَ والصادِقاتِ والصابِرِينَ والصابِراتِ والخاشِعِينَ والخاشِعاتِ والمُتَصَدِّقِينَ والمُتَصَدِّقاتِ والصائِمِينَ والصائِماتِ والحافِظِينَ فُرُوجَهم والحافِظاتِ والذاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا والذاكِراتِ أعَدَّ اللهَ لَهم مَغْفِرَةً وأجْرًا عَظِيمًا﴾(سورة الأحزاب: ٣٤-٣٥)، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين المبعوث رحمة للعالمين محمد الرسول الأمين القائل في الصحيح عنه: 《 إنما النساء شقائق الرجال 》أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما ، قال الشراح: "أن النساء مثل الرجال في الأحكام"، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه الأكرمين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 

وبعد؛

فالحمد لله الذي خلق البشر من نفس واحدة وخلق منها زوجها في تكامل عجيب دال على بديع الصنع وعظيم القدرة، للدلالة على التساوي في أصل الخلق لكي لا يبغي أحد على أحد، فقال في الكتاب العزيز في فاتحة سورة النساء: ﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثِيرًا ونِساءً﴾ ( النساء:1)، قال العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير: " العبرة بهذا الخلق العجيب الذي أصله واحد".

إن رسالة الإسلام جاءت لإرساء قيم العدل والرحمة والإحسان، وأعطت الحقوق لجميع المكلفين وفق ميزان قسط لا يظلم أحدا، فقد بعث أشرف الأنبياء والمرسلين رحمة للعالمين، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وبين الحقوق والواجبات، وجعل الشرع الحنيف حكما بين الناس، ووضع منهج الفطرة القائم على درء المفاسد وجلب المصالح، وإعطاء كل ذي حق حقه، ومن ذلك حقوق المرأة، إذ لا يخفى ما كانت تتعرض له من غمط الحقوق والظلم البين، الذي قد يختلط دخنه بواقع الأمة في فترات النكوص، إذ حقوق المرأة في الإسلام محفوظة مكفولة، ولعل المرأة في الصدر الأول كانت الأسوة والقدوة في ذلك، إذ الناظر إلى سير أعلام القرون المزكاة؛ يجد عجبا. 

إن الناطر إلى حقائق الدين القويم يجد حقوق المرأة مكفولة في كل الجوانب وعلى كل المستويات، وقد لا يعوزه الدليل الواضح على أمر الشارع الحكيم بالعدل وتحريم الظلم وغمط الحقوق، إلا أن البون الشاسع بين التأصيل الشرعي والتنزيل العملي، قد يكون من أسباب تراجع العناية بحقوق المرأة، ولا يخفى أنه يحدث للناس بقدر ما أحدثوا، لذلك كان لزاما أن نبحث عن مصدر ضعف تنفيذ القوانين وكذا عجز النصوص القانونية عن مواكبة ما يعن من مشاكل الحياة المتجددة، المتعلقة بحقوق المرأة في التقاضي ورفع الشكاة، ولنا في المجادلة المثال والقدوة، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى الله والله يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إنَّ الله سُمَيْعٌ بَصِيرُ﴾ (المجادلة:1)، قال العلامة ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير: " افتتحت آيات أحكام الظهار بذكر سبب نزولها تنويها بالمرأة التي وجهت شكواها إلى الله تعالى بأنها لم تقصر في طلب العدل في حقها وحق بنيها، ولم ترض بعُنْجُهُيّة زوجها وابتداره إلى ما ينثر عِقدَ عائلته دون تبصر أو رويّة، وتعليما لنساء الأمة الإسلامية، ورجالها واجب الذود عن مصالحها"، وما فعلته خولة بنت مالك بن ثعلبة الأنصارية مع زوجها أوس بن الصامت فيه فتح لباب رفع المظالم عن كل امرأة، والنصوص كثيرة من الكتاب العظيم والسنة المطهرة تؤيد ذلك.

( قصة المجادلة خولة بنت مالك بن ثعلبة مع زوجها أوس بن الصامت رضي الله عنهما ).

إن المرأة في الإسلام تأوي إلى ركن شديد؛ قواعده أصول التشريع، وفروعه؛ تراث زاهر للأمة، يمكن أن تنهل من معينه كل مسلمة، أرادت أن تقتفي أثر الصالحات، من تفقه في الدين، ومعرفة للحقوق، من معالم ناصعة مبثوثة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وأما رد الشبهات، ونصرة منهج الفطرة والعفاف والطهر، فلا يكون إلا بتعاهد تلك القواعد والمقاصد الدالة على حفظ حقوق المرأة وتمكينها منها كاملة غير منقوصة، وفق ميزان الشرع الحنيف. 

وأما تنزلها في وقائع الوثائق الناظمة لتلك الحقوق فهو حاصل في وثيقة حقوق المرأة الصادرة عن منظمة التعاون الإسلامي وتم إقرارها من قبل مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ولنا في " عهد المرأة في الإسلام "، ذي المرجعية الشرعية غنية عن استيراد ما يخالف خصوصيتنا وسر تميزنا، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فلا ينبغي أن نتخلى عن أسباب النصر والعزة.

لقد أكدت الشريعة الإسلامية على أن حقوق المرأة مكفولة بشكل تام لا يقبل الانتقاص، وأولتها أهمية ومكانة كبيرة في سياق كيان الأسرة والمجتمع، وضمنت لها الرعاية والعناية والتعليم وأوصت بها، ووفرت لها الأمان والحماية بالنصوص القطعية الصريحة والأحكام الوافية الكافية، أما ما يتعارض مع ذلك من الممارسات فليس من الدين في شيء والشرع منه براء، ومرده إلى غياب التوعية والجهل بأحكام الشرع، وتمايز الممارسة لبعد الشقة.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

 

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب.