اثنان لاأقتنع بخطابهما

أربعاء, 2015/08/19 - 11:12
الأستاذ أحمد أبو المعالي

اثنان لا أقتنع بكلامهما ولو دبجوه بأحرف مرصعة بذهب البيان وزبرجد الفصاحة ..ولا تعني لي ردات فعلهما الصاخبة شيئا. ولو –صدفة- كبدت الحقيقة ورأتها –وفعل بالفتح هنا للإصابة فيه. رجل خدم النظام بكل أوتي من جهد وقوة ووقت، وما ملك من سعة معرفة ونشاط سياسي، وعب من معينه ونهل حتى بدت عليه آثار النعمة ..وكان طوع بنان النظام يحركه في كل تجاه ولأهداف مختلفة ينبري للمهام ك"ليث الشرى" حتى إذا أرخى ليل النظام سدوله تجاهه وآذن الوقت بانصرام الحبل، ولفظه النظام لهذا السبب أو ذاك حاص حيصة تشقق منها الصخور الصماء، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ،وأرغى وأزبد وتأوه لحال الوطن البائس وتطاير الشرر من عينيه وطنية وكرامة ، وتأوه بنفس العاشق المحروم لحال لفقير المطحون، واختار من اللغة أكثرها عنفا ومن الكلمات أشدها وقعا وسخطا على "سيئات" النظام كأنه يتغذى ب"عروق القيصوم وغضى القصيم" وانبرى يصارع " التوت" ليزيحه عن " معبوده" السابق كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا.. سمير ..

 

شخصيا أنشد مع محنض ولد أحمد يورة رحمه الله قولته المعروفة "غري بذلك يا خود ابن بيروك" ورجل كان في صدارة المعارضة ، كم وطئ من موطئ يغيظ النظام، وكم نال منه على مرآى ومسمع من الكل ، وصال وجال في سمو المبادئ ونفائس المواقف ومخدرات الشهامة والإباء والوطنية موجها ومرشدا ومنتقصا ومنتقدا، يأنف من أن يرى في مكان لاوجود فيه لهموم ومشاكل الشعب، حتى إذا وجد فرصة العمر للالتحاق بالنظام أو وجد النظام فرصة ذهبية لاقتناصه، تراخت الأعصاب و فترت الهمة، وركض ما أوتي من خفة الريح درك المبادئ التي كان يعلن تشبثه بها وتصبح "الدعوة للفضيلة" كأمس الدابر، ويوشك أن يعقب على كل خطاب للنظام " إن هو إلا وحي يوحى" ولا يجد حرجا في ترديد نفس الخطاب مستبدلا في مقام التمجيد كلمة "المعارضة" بالنظام" وفي مقام الانتقاد يستعيض كلمة "النظام " بالمعارضة ويحلو له " العبهر والجادي" يتصرف بدم بارد..كأن لم تكن بينه وبين "المعارضة أشياء".