
يا نفس صبرا حل ما يتوقع
و الصبر عن جزع الجهالة يردع
بفراق سيدنا و قدوتنا أبي
أنس أتاك اليوم خطب مفظع
تتفطر الأكباد منه في الحشا
و تكاد تنثر من لظاه الأضلع
يذكى بدقات القلوب جحيمها
و تحاول الإطفاء منه الأدمع
و الصبر عدتنا و قوتنا التي
نلقى الخطوب بها فلا نتضعضع
و رضى بحكم الله فهو إلهنا
إنا له و إليه حقا نرجع
أصفي روحي هل تحس بحالنا
بعد الفراق فما نكابد مفزع
أنى عجلت و كنت قد عودتني
منك المشورة لست دوني تقطع
ما ساء منك تصرف من قبل ذا
بل كان فعلك لي يسر و ينفع
و سقيتني صرف المحبة خالصا
لا شوب فيه و ليس فيه تصنع
و أذقتني طعم الأخوة صافيا
عذب المذاق و ريحه يتضوع
كنا به كابني نويرة برهة
حتى رحلت و ذاك خطب مفجع
ما سرت وحدك بل رحلت بموكب
لجب تقدمه خصال أربع
علم و فهم ثاقب و فتوة
و سماحة أنواؤها لا تقلع
معها المروءة و الشجاعة و التقى
و الصدق و الخلق الكريم الأرفع
و الحمل للأعباء دون تضجر
و تواضع مع عزة لا تقدع
و تهلل الوجه الصبيح إذا أتى
ضيف يفاكه و القرى متنوع
و تتابع الأنساك يحسب نفلها
فرضا يحق عليك و هو تطوع
أبدعت فكرا ناضجا في دعوة
أسلوبها لبق عصي طيع
و قفوت والدك الكريم بمهيع
قد شقه يا نعم ذاك المهيع
و بما به الأم الكريمة أرضعت
من صالح يا نعم تلك المرضع
و قد استقمت على الطريق مواصلا
سير السواني لا يحدك موقع
حتى رحلت و كل ثاو في الورى
لو طال منه المكث سوف يودع
و رحلت في الشهر الحرام إلى البقي
ع مجاورا يا نعم ذاك الموضع
سفر يليق بمستواك له ظلل
ت على المدى متأهبا تتطلع
نم في جوار المصطفى و صحابه
و اهنأ بذاك فنعم ذاك المضجع
بوئت في الفردوس أكرم منزل
ترقى ترتل ما تشاء فترفع
و عليك رضوان الإله و رحمة
منها يخار لك المكان الأوسع
و جزاك عنا الله خير جزائه
و لنا الجنان بفضل ربي تجمع
نعم العزاء لنا البنون و أمهم
و الدرتان بهم يجف المدمع
فهم على النهج القويم و كلهم
نجم بأوساط المجرة يطلع
و الإخوة الغر الكرام و شيختا
نا كلهم يزدان منه الموقع
بعلومهم و حلومهم و فهوهم
و غنائهم فالقول فيهم أوسع
و لآل آمنة الكرام مكانة
عليا فذي بركاتهم لا تنزع
فالله يرفع قدرهم و يعزهم
و يديم ما أعطاهم و يوسع
و على النبي و آله و صحابه
أزكى الصلاة لها سلام يتبع
الشيخ محمد الحسن الددو