
حدثت نكبة سيول الطينطان الأخيرة منذ أكثر من ثماني سنوات (أغسطس 2007)، ولا يزال إعمار المدينة وعوداً على ألسنة المسؤولين الحكوميين، مع أن جهات أجنبية تبرعت من أجله بعشرات الملايين من الدولارات. في حين نرى كيف أنبَتَت السلطات الحاكمة مدينة الشامي كالفِطر "في رمشة عين"، بخطط وأموال وطنية، عندما كانت تلك هي رغبة الحاكم. على الرغم من أن عدد عمال سلسلة المحلات التجارية لأحد الوزراء الحاليين في مدينة الطينطان أكثر من جميع ساكنة تلك المدينة.
ومع أن مواطننا في الداخل تعوّد على عدم زيارته من قبل مسؤوليه إلا في وجه استحقاق انتخابي أو خلال التحضير لإحدى زيارات رئيس الدولة، إلا أنه يزور في هذه الأيام مدينة الطينطان وزير الداخلية ووزير الإسكان والعمران ومفوض الأمن الغذائي، وغيرهم من أبناء المقاطعة من المسؤولين الحكوميين، للتأكيد على أن "الطينطان تحظى بمكانة متميزة لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز"، على حد تعبير وزير الداخلية.
يا سادة، يا مسؤولين.. لم يطرأ علينا جديد سوى بعض هياكل حيطان لمشاريع مقرات رسمية لن تغني، إذا اكتملت أصلاً، من جوع وعطش المواطن شيئاً. فالمقاطعة التي يمتد طولها على أكثر من 150 كلم لا يزال سكانها يضطرون في إسعاف مرضاهم إلى مدينة لعيون أو كيفه، وليس حادث ابن الرئيس وصحبه -رحمهم الله- منا ببعيد. ثم إننا لا نفهم كيف تتحدثون لنا عن تنمية اقتصادية و"مدينة عصرية" ونحن عطاش، لا يدري أحدنا هل يرسل أبناءه صباحاً إلى المدرسة أم يحتفظ بهم لجلب الماء، وجميع محاولات تخفيف تلك المعاناة، بحفر بعض الآبار، من بعض رجال الأعمال الخيّرين يرفض النظام الحاكم، وبتوجيه منكم أنتم مسؤولي المدينة، الترخيص لها لأن هؤلاء لا يوالونكم سياسياً؛ والنزاعات العقارية التي خلفها إعادة تخطيطهم للمدينة كثيرة قائمة، باتت تهدد السلم الأهلي للسكان.. وغير ذلك من حالنا الذي تعرفون كثير.
ولكنّ أبناء المقاطعة يعلمون أنكم لم تأتوا أصلاً ل "التفقد والاطلاع"، وإنما للتشويش على أنشطة مبرمجة لغريمكم السياسي في المدينة، وبالتالي سيتركون الواقع يرد على كل وعد جديد (قديم) تطلقونه بالقول: ذلك وعدٌ مكذوب.
ونحن من خلف هذا الواقع المنكوب نكرر مع ابن مطروح:
وقل لهم إن ازمعوا عودة .. لأخذ ثأر أو لقصد قبيح
دار ابن لقمان على حالها .. والقيد باقٍ و"الطواشي صبيح"