محمد الامين ولد الشيخ المعلوم..أديب الظرفاء

اثنين, 2016/03/14 - 23:52
صورة لقوافل كانت تنقل العلم في موريتانيا

تعتبر أرض شنقيط "بلد المليون شاعر" وانطلاقا من هذه "العلامة المسجلة" يقتضي المقام كشف النقاب عن هذا التراث الأدبي الثر، لبلد يتنفس الشعر هواء ويتنسمه عبيرا، وذلك من خلال أشعة أضواء مسلطة على حياة نخبة متخيرة من شعراء هذ القطر الذين مثل إنتاجهم الشعري "الحلقة المفقودة" من الأدب العربي في فترة ردته التاريخية.

السراج وفي هذه النافذة (أدب وتراث) تسلط الضوء على حياة بعض الشعراء الموريتانيين لتنتشل أدبهم من ذاكرة الضياع، ولتغوص في عالمهم الشعري الثري لتنتقي للقارئ الكريم ما رق  وانساب من أدب هؤلاء العمالقة ...فكانت البداية  التي لاتستلزم الترتيب في مستوى الجودة والتصدر بقدر ما تمثل حالة الحيرة التي اصطلح على التعبير عنها بالقول السائر: "تكاثرت الظباء على خداش"..

ولد الشيخ المعلوم..أديب الظرفاء

بين "ذات الرسل" إلى ملتقى الوعساء من آوكار، ولد الشاعر محمد الأمين ولد الشيخ المعلوم سنة 1880 في بيت أدبي وعلمي شهير، تلقى تعليمه الأولي في كنف والده قبل أن ينتقل إلى محظرة العلامة يحي ولد أحمدو فال  لينهل من معينها العلمي وليقرأ فيها دواوين الشعر ولسان العرب وما تيسر من كتب الفقه.

المحطة الأخرى في رحلة ولد الشيخ المعلوم العلمية كانت محظرة سيبويه موريتانيا يحظيه  ولد عبد الودود حيث "طرة البوني"غضة طرية كما أنزلت، وحيث المعارف بشتى صنوفها مزدهرة وقبلة لأجاويد الطلبة.

عاد ولد الشيخ المعلوم وبصمات محظرة يحظيه تلقي بظلالها على شاعريته ومستواه العلمي ليواصل رحلة شائقة مع الشعر "والفتوة " في ظلال القصيد.

عاصر الشاعر أدباء كبارا كانت تربطه بهم علاقات متميزة أمثال: عبد الله السالم ولد حنبل، إبراهيم ولد الشيخ سيدي، أبومدين ولد الشيخ أحمدو، الذيب الكبير الذي شاء القدر أن يدفن هو ومحمد الأمين في مقبرة"البناية" في تخوم شمامة.

محمد الأمين والمقطوعات

يمتاز ديوان ولد الشيخ المعلوم بكثرة المقطوعات فقل أن تجد له قصيدة طويلة إذا استثنينا مديحيته لشيخه يحي ولد أحمدو فال والتي مطلعها:

ألمت بنا بين القلاص الشوازب..سليمى لتأتي بالهموم العوازب

وبعض القصائد الأخرى المتفرقة في الديوان كمعارضته "لقفا".

ومن بين  بنات قريحته الفياضة  ننتقي لكم باقات من غرر مقطوعاته السائرة في غرض الغزل:

الباقة الأولى :

منعمات بني حمدان كل فتى *هالته عينا وجيدا ثم سالفة

تثني الفؤاد على جمر إذا اعتدلت * وإن تثنت تثني القلب ثانية

وكلهن لها قرن بــكل يــــــد*أفنى القرون التي كانت مــنعمــة.

 

الباقة الثانية :

ياقاطعين حبال الوصل من زمن*قطعتم بسيوف الهند أوصـــــالي

لم تعلموا أن  قلبي بعد فرقـتكم*مابين محترق بالنار أو صـــــــال

إن كان"يوسف"أوصى بالجمال لكم* يعقوب والده بالحزن أوصى لي

الباقة الثالثة :

ففاطمة منها إذا نلت لثمة *** فذلك تكريم لوجهي ومنزه

وإن شرف الرحمن من بعد ذا فتى ***  "ببنت علي" كرم الله وجهه

فبت لنفسي جاعلا قرب نفسها *** (وما المرء إلا حيث يجعل نفسه)

محمد الأمين و"ازريكة"

تأثر محمد الأمين بشعر "ازريكة " عند امحمد ولد أحمد يوره وهذا ماجعل الأديب الفقيه حمدا ولد التاه يعد ولد الشيخ المعلوم، وابوه ولد أسياد من رواد مدرسة "ازريكة "في الأدب الموريتاني.

نقرأ لمحمد الأمين  قوله :

ألايا صروف الدهر لاحكُّمو تمشو.. فإن الأمين اليوم بانت له الطرش

فإن تسمعو تمشو وإلافمنــــهم..على عجل ياتيكم "الخنق و"الطرش"

 

ولد الشيخ المعلوم والشاي..

كباب من أبواب التراث الثقافي الموريتاني كان للشاي جزء مقسوم من ديوان محمد الأمين ولد الشيخ المعلوم وفي هذ السياق نقتطف لكم هذه الطائفة من مقطعات أدب الشاي لهذا الشاعر المبدع:

سقيتموني كأسا من كؤوسكم.. ريا الروادف هيفا مالــها مثل

ماهي لولا الذي تحويه من قصر..إلا"سعاد غداة البين إذ رحلوا"

المقتطفة الثانية:

هذا "الأتاي"نفيس طاب مجلسه *** وغاب راعي المنى عنه وحارسه

ظلنا نمارس مانهوى "ومارسنا" *** لم ينتصف والأسى قد مات مارسه!

تلك كانت جولة سريعة في ديوان الشاعر محمد الأمين الذي لم نلبث بين دفتيه بما يعطي صورة متكاملة عن الأغراض التي طرقها وإن كانت تعطي انطباعا أوليا عن شاعريته المتوقدة وأبعاد مخيلته المتعددة، عزاؤنا في ذالك أن: ما لايدرك كله لايترك كله!.