استضافت جمعية المرأة للثقافة والتربية اليوم في حفل منظم تحت شعار "ربيع الهدى" بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو حيث خصص الجزء الأكبر من الحفل لمحاضرة تحدث فيها عن ما اختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، حيث اختار الله له أشرف الأنساب فجعله خيارا من خيار من خيار، كما اختار لمولده أشرف الأماكن مكة، ولمحياه المدينة المنورة، وجعل قرنه أشرف القرون: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، كما اختار له ربيع الأول شهرا.
وتحدث فضيلة الشيخ عن ربيع الأول، حيث أكد أن شهر ربيع الأول هو من أشرف الشهور، بل إن من ميزاته أن العرب تعتبر لحنا أن تلحق عبارة شهر إلا بشهر الربيع أو شهر رمضان، وسواهما من الشهور يذكر مجردا، فمن اللحن أن يقال "شهر شوال، شهر ذي الحجة..."، وفق الشيخ.
كما تحدث الشيخ عن أهم الأحداث التي ازداد بها شهر الربيع "ربيع الأول" شرفا، حيث فيه ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفيه بدئ بالوحي عبر الرؤيا الصالحة، كما اختاره الله ليكون شهر الهجرة ففي الثالث منه قدم صلى الله عليه وسلم المدينة، وفيه أسس أول مسجد في الإسلام: جامع قباء، كما أسس مسجد الجمعة بالمدينة، والمسجد النبوي الشريف بها.
وقال الشيخ: أسس صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول المسجد أولَما أسسه 60 ذراعا في 80 وتوالت التوسعات بعد ذلك، وقال فيه: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، وأوضح الشيخ أن في ذلك ثلاثة أقوال، هي البسط يوم القيامة ليكون روضة تامة، أو أنه مكان دائم لذكر الله: ومجالس الذكر من رياض الجنة (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)، والقول الثالث أن يكون مكان دفن المسيح بن مريم والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، والمسيح مقطوع أنه من أهل الجنة.
كما استعرض فضيلة الشيخ محمد الحسن قصة المنبر، والذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (منبري على ترعة من ترع الجنة) والترعة _وفق الشيخ_ النهر الصغير في الحديقة، وفيه قال: (منبري على حوضي)، وكان على ثلاث درجات، كان صلى الله عليه وسلم يقف على أعلاها فلما توفي، نزل أبو بكر إلى الدرجة الثانية احتراما له، فلما توفي نزل عمر إلى الدرجة السفلى توقيرا لأبي بكر، فلما توفي عاد عثمان إلى الدرجة الأولى التي كان يخطب منها النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزد في أول خطبة على الحمد فأرتج عليه من البكاء ولم يستطع المواصلة، ثم انتهى إلى الاعتذار من الناس بأنهم بحاجة إلى أمير فعال لا أمير قوال، وإن بقيتُ إلى قابل لتاتينكم الخطب، فكانت _وفق الددو_ أبلغ الخطب.
وتطرق الشيخ إلى دور المسجد، إذ تبعه تأسيس الدولة فكان عاصمتها، فمنبره هو وسيلة الإعلام: (الصلاة جامعة)، وكان مجلسَ القضاء فكان لا يحكم صلى لله عليه وسلم ولا الخلفاءُ من بعده بين متخاصمين إلا في المسجد، وكان مركزَ قيادة الجيش حيث يعقِد فيه صلى الله عليه وسلم الألوية، وكان يأذن للأحباش في التدرب فيه، وكان مركزَ الاستطباب حيث نصبت فيه خيمة لسعد بن معاذ ليطبب فيها، وكان بيت المال ففيه كانت تجمع وتوزع الصدقات على مستحقيها، وفيه كانت المجالس الدستورية حيث بويع فيه الخلفاء الأربعة، وفيه أسس لأول وثيقة عمل مدني عرفت فيما بعد ب"وثيقة المدينة"، وقد نَظَّمت العلاقات بين المهاجرين والأنصار وغيرهما، فكانت بيانا لترتيب الدولة وقانونا.
وبيَّن الشيخ الددو أن الله فضل النبي صلى الله عليه وسلم، بخير الآل، حيث قال الله في أزواجه: ((يا نساء النبيء لستن كأحد من النساء))، وقال صلى الله عليه وسلم: "فاطمة بضعة مني"، وفيها قال: ((سيدة نساء العالمين))، وذكر في السبطين الحسن والحسين أنهما ((سيدا شباب الجنة)).
وخلص الشيخ في حديثه عن شهر الربيع إلى القول: إن المؤكد من مولده ووفاته صلى الله عليه وسلم أنهما كانا يوم الاثنين، منبها إلى أن تاريخ وفاته ليس مجمعا أنه يوم الاثنين لأن ذلك لا يصح، فباحتساب أنه وقف بعرفة يوم الجمعة 9 ذي الحجة، وباحتساب نقصان وتمام الأشهر التي فصلت بين ذي القعدة والاثنين الذي وافق وفاته من ربيع الأول، فإن ذلك الاثنين لا يمكن أن يكون الثاني عشر من ربيع الأول، بل الاحتمالات فيه _حسب نقصان الأشهر وتمامها_ هي ال13، ال14، ال15، أو ال16 مرجحا أن يكون الاثنين الذي توفي فيه هو الرابع عشر.
وعرج في حديثه إلى تكالب الأمم من إيران للروس للآمريكان للنظام "النصيري" للمتطرفين والميليشيات على حلب، مؤكدا أنها تعرضت في تاريخها لأبشع من هذا ودمرت مرارا، فلم تزدد بعد التدمير إلا عزا وسرعةَ نهوض، ضاربا المثال بغزوها من طرف كسرى بعد مولده صلى الله عليه وسلم عقودا من الزمن، فعادت أشب وأقوى بعد توقف الحرب عليها بثلاث سنين فقط، مؤكدا أن ربيع الأول يذكر الأمة عزتها وأنها ستنتصر وأن العاقبة للمتقين.
وشهد الحفل المنظم من طرف جمعية المرأة صباح اليوم 13 دجمبر 2016م، الموافق ل13 ربيع الأول 1438هـ بدار الشباب القديمة بانواكشوط، إلقاءات شعرية ومداخلات من طرف منتسبات الجمعية، ومن أبرزها قصائد للشاعرة زينب بنت عابدين شاعرة الرسول.