
هو العلامة الشاعر المنطقي حمداً بن سيدِ بن التاه بن محمذن بن أحمد بن العاقل، مد الله في عمره، ولد سنة ١٩٣٣م، درس القرآن الكريم على القارئ المشهور سيدِ ابن والد، وأخذ العلم عن خاليه القاضي محمذن "اميي"، والقاضي حامد ابني ببها وعن العلامة محمد عالي بن محنض والعلامة گراي ابن أحمد يورَ. وقد تقلد حمدا وظائف هامة في البلد منها إدارة التوجيه الإسلامي، ووزارة الشؤون الإسلامية، وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى، والأمانة العامة لرابطة علماء موريتانيا، وعضوية المجلس الأعلى للفتوى والمظالم.
وقد حضر الكثير من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، ولقي التكريم في تلك الملتقيات، وما فتئ الأستاذ حمدا يلقي دروسا علمية ويدير مجالس أدبية في منزله، وله محاضرات في مختلف الفنون ألقاها في المساجد والمراكز العلمية والثقافية وهي مسجلة في الإعلام المرئي والمسموع، وهو من أبرز علماء البلد اليوم. ومن مؤلفاته: اختصار موافقات الشاطبي، وجدولة مختصر خليل، ونظم الثقلاء، وأربعون حديثا في فقه قضايا معاصرة، وجدولة المنطق، وجدولة علم البلاغة والأصول، وتلخيص الخلاصة، وتلخيص الإتقان في علوم القرآن،ونظم في أحكام المساجد، ومنظومة المستجدات الفقهية.
وللأستاذ حمدا ديوان شعر يتميز بالسلاسة وقرب المأخذ مع الجودة، ولك كشاهد على ذلك قوله بعد رؤيا رآها بالنبي صلى الله عليه وسلم:
ادخل بذاتك عالم الأكوان :: وانظر جمال فتى بني عدنان
انظر لهذا الوجه فهو صحيفة :: كتبت عليه حقائق العرفان.
وللأستاذ حمداً في أمر الفتح على شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي بن حَمَّ حفظه الله ورعاه وقد حدثني الشيخ حمدا أنه رأى قبل هذه الأبيات في ما يرى النائم عمودا من النور ممتدا من الشيخ علي الرضا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارا ببعض الأشراف، والأبيات هي:
الحمد لله الذي أظهرا :: نور الرضا من نور خير الورى
قطب حوى ما قد حوى يافعا :: فعمر المحرابَ والمنبرا
له على ما قد حوى شاهد :: يرد من يابى ومن أنكرا
لا تعجبوا يا قوم من أمره :: ليس الأسنُّ دائما أكبرا
والحمد لله الذي اختارنا :: لنصره بين الورى معشرا
وفي نفس الأمر يقول شقيقه الأستاذ الفقيه ببها ولد التاه "بَبَّ":
زرت الرضا لرتبة فاخرهْ :: في هذه الدنيا وفي الآخرهْ
قطب سما من دوحة قد سمت :: وأشرقت أنواره الزاهرهْ
قد خصه الله بما خصه :: من حكمة قدْسية باهرهْ
بحر علوم نوره ساطع :: غطمطم أمواجه زاخرهْ
يرشدني إن قدت في برجه :: سفينة في يمه ماخرهْ
لا أختشي من ساحر ماكر :: كلا ولا كاهنة ساخرهْ
كلا ولا من حاسد جاحد :: أو ناقم كلا ولا ساحرهْ
من زاره يحظى بنيل المنى :: وبالعطايا الجمة النادرهْ
ومن جيد شعر الأستاذ حمدا ولد التاه قوله في رثاء الشريف العارف والقطب الصالح سيد محمد "حَمَّ " بن محمد بن عابدين بن اباه الشريف بن سيد محمد الشريف الصعيدي:
لله ما أزكى وما أطهرا :: حم الشريف العارف الأزهرا
قطب نمته عترة طُهِّرت :: من بضعة من معشر طهرا
من أهل ذاك البيت من أصبحوا :: لكل خير نازل مصدرا
كنا إذا ما مسنا دهرنا :: نجعله الملجأ والمخفرا
نراه في يقينه باسما :: فتالف النفس به أكثرا
كأنني بوجهه واضعا :: لربه جبينه في الثرى
كأنني بوجهه رافعا :: يديه يدعو ربه في البرى
نراه من سجوده دائما :: ختما على جبينه أثرا
يحرك القلب إلى ربه :: إن رجّع التهليل أو كبرا
وتسمع القلوب ترتيله :: فتخشع الآذان مما قرا
إن كان في ذهابه راغبا :: ليلحق الركب الذي هجرا
فنحن من فراقه نالنا :: ما قد ينال النفس مما جرى
والحمد لله لنا بعده :: من زين المحراب والمنبرا
فذاك ناج جلعد بعده :: وذاك شيخ شبله في الشرى
شيخان حازا سره بعده :: فأظهرا السر الذي أظهرا
لا زال ذاك السر في بيتهم :: وزاده من فضله أكبرا
فإنني للازم غرزهمْ :: وإنني لممسك بالعرى
حتى أنال المرتجى بينهم :: إذا أتيت النشر والمحشرا
يا سيد الأنام خذ راحتي :: إلا فإني ضائع في العرا
إن عاقت الأشباح عن رؤيتي :: فهب لعين القلب أن تنظرا
صلى عليك الله ما رنحت :: حمامة ورقاء غب السرى
ومن أرقه وأحسنه قوله في رثاء الإمام العلامة الذي يضرب به المثل في الحلم والتؤدة وسائر محاسن الأخلاق المختار "توتاه" بن أبن بن الاَمانه:
توتاه يا نهر الحيا الرقراق :: فى ذمة الله القديم الباقي
تسعون عاما ثم عام بعدها :: كرستها لمكارم الأخلاق
إن أنس لا انساك في أندائنا :: متهللا بجبينك البراق
فى ساحة المحراب حولك حلقة :: يتأملون بدائع الخلاق
تتلو كتاب الله تجلو حسنه :: بين الطباق وأحرف الإطباق
وتراه يصغي للحديث بقلبه :: ولعله قد شاع فى الآفاق
يعطى البسيط من الأنام مكانة :: حتى يظن على مكان راق
قبس من أخلاق النبوة ساطع :: شاء الغروب فرد للإشراق
بمحمد وبأحمد نسماتها :: أزكى من النسرين فى الأحقاق
تلك السيادة لا سيادة فوقها :: حلت ذويك بأحسن الأطواق
ومن أحسن شعره كذلك رائعته في رثاء الشيخ عبد الله بن الشيخ باب بن الشيخ سيديا:
قالوا نعيت فحطمت أركاني :: وتساقطت من جذعها أغصاني
وتكاثرت فيك الهواجس هاجس :: يبكي وآخر خاشع الأجفان
ما كنت أحسب أن تغادر منزلا :: أكملت فيه الخير بالإحسان
ونسيت أنك ذو طموح ربما :: أداك نحو العالم الروحاني
إن غيبوك عن العيون فقد بقيت مخلدا في عالم الأذهان
وطبعت في أذهاننا صورا بها :: تحيا مع الأفراح الأحزان
في صورة تحيا جبينك ساجد :: متصدع من خشية الرحمان
في صورة تحيا وكفك منفق :: عددا من الفتيات والفتيان
في صورة تحيا وحولك حلقة :: يتدارسون معارف القرآن
ألفيت هالة مجدكم فدخلتها :: ومن الحداثة لم تصل لثمان
فرفعت من شأن البلاد وأهلها :: فدعوك كهف الحائر الولهان
ناديت بالإسلام في إفريقيا :: ورفعته متماسك البنيان
نم ب"السلامة" في ضريحك ءامنا :: فالله يكلؤ جملة الإخوان
لا تخش من أمر الرعية حادثا :: يجري مع الأيام والحدثان
مادام فيهم فتية غذيتهم :: روح الشريعة ملة العدناني
صلى عليه الله جل جلاله :: ما ناح قمري على أفنان
ولقد أجاد العلامة حمدا حين قال في رثاء أحمدُّ بن المختار:
وداعا يا بن زائدة الأيادي :: ويا معن العشيرة والبلاد
وداعا للفتوة يوم ولت :: تشاركها السماحة فى الحداد
على الفيّاض أحمد يوم ولَّى :: وأضحى الجوُّ يرفل فى السواد
وداعا للسيادة والمعالى :: وإنفاق الطريف مع التلاد
فسل عنه القبيلة إن ألمت :: ملمات الحوادث والعوادي
سيخبرك العفاة بما حباهم :: وهذي الحال شاهدة تنادي
وإنا والقلوب بها جراح :: لنفخر بالبنين على الأعادي
أباة قد تغذوا من أبي :: كرام قد تربوا من جواد
ولا زالت من الرحمات تترى :: هتون من مداليج الغوادي
على قبر تضمنه وفاحت :: له النفحات تحمل عرف جاد
صلاة الله يشفعها سلام :: على خير البرية خير هاد
وله مساجلات أدبية مشهورة مع صديقه العلامة محمد سالم ولد عدود في برنامج رمضانيات الشهير.
وقد حظيت قبل هذه الترجمة بمجلس طيب من الأستاذ حمدًا تحدث خلاله عن دراسته ومرائيه ورؤاه وأنظامه وأشعاره وسير السلف الصالح وعن مجالس تدريس شيخه العلامة محمد عالي بن محنض وأنشد أبياتا من رائعته في رثائه:
وتهتك حرمة المشهور جهرا :: وتنتشر الجهالة في العباد
وتبكي النون رافعة يديها :: لأسرار ذهبن من البلاد
لفقد الشيخ قدوتنا جميعا :: إذا ما السائلون أتوا بدادِ
وقلَّب راحتيه بكل فن :: وبيَّن في انعكاس واطراد
محمد عال عالم كل فن :: ومحيي العلم في ظلم الدآدي
جزاه الله أحسن ما يجازى :: إمام قد تولى في جهاد ..
وخاطبنا في نهاية ذلك المجلس الممتع بقوله: "واصلوا مع هذا وربوا الأجيال".
وهذه قصيدة الأستاذ حمدًا التي ألقيت في الندوة المذكورة سابقا وهي في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الإسراء والمعراج:
خذني المراسل ليلة الإسراء :: كيما أحدث ساكني البطحاء
هذا البراق مقدم لمحمد :: صلى عليه مكون الأشياء
ياتي به الروح الأمين محمدا :: تبدو عليه علامة استحياء
هذي بلاد القدس في حفلاتها :: والرسل فيها حلقة للرائي
في المسجد الأقصى وقفت أمامهم :: رمزا لتلك الرتبة العلياء
والرسل بين مرحب بنبوة :: وأخوة من أكرم الأبناء
ومضى يتابع في السما إسراءه :: كيما يلبي دعوة الإسراء
والموكب النبوي أصبح هيبة :: وسكينة تسري إلى أجزاء
ما ذا أقول السر أصبح غامضا :: والذات بين تخوف ورجاء
يدعوك عنهُ نحوه في ليلة :: أكرم بتلك الليلة الغراء.
وهذه ترجمة لوالده العلامة سيد بن التاه:
هو العلامة الورع سيدِ بن المختار أمُّ "التاه" بن محمذن بن أحمد بن محمد العاقل، ولد سنة ١٢٩٢هـ، قال الدكتور يحي بن البراء في كتابه "المجموعة الكبرى في الفتاوى" مترجما له : "فقيه ومدرس وقاض من قبيلة أولاد ديمان (أهل المختار أگد عثمان). درس على والده وعلى عميه: سيد الأمين، ومحمد فال ابني محمذن بن أحمد بن محمد العاقل، وعلى البراء بن بگي ثم رحل إلى شرق البلاد وربما يكون حضر بعض دروس محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني. وممن أخذ عنه گراي بن أحمد يورَ، ومحمد بن عمر بن أبنُ عبدم، وأخوه ببكر،وحامد بن محمد فال بن محمذن. له من المؤلفات: نظم في وفيات علماء المذهب المالكي، ومكتوب في طعمية العلك، ورسالة في الضاد، ومكتوب في الجيم، وديوان شعر، ومجموعة من الفتاوى الفقهية. وهو دفين المدرومغربي المذرذره". انتهى من المجموعة الكبرى.
وقد أخبرني الأستاذ الفقيه ببَّها ابن التاه أن سبب رحلة والده سيد إلى الشرق هو غزو الإستعمار للمنطقة،وأنه مكث في رحلته عدة سنوات يتعلم فيها العلم ويعلمه، وذلك أولا في محظرة أهل الشيخ القاضي الإجيجبيين المعروفة ب"الصفره والكحله"، ثم في محظرة العلامة محمد الامين بن أحمد زيدان الجكني، وورد عليه يوما في غربته تلك السيد سيد أحمد ولد بوبكر سيرَ فسأله عن سبب تغربه فعلله بوجود الإستعمار في منطقته، فقال له سيد أحمد: إن كنت هنا بسبب الإستعمار فإنه قد عم جميع المناطق بما فيها محلك هذا، وإن كان لطلب العلم فإن عميك العالمين الصالحين ببها وعبد الله ما يزالان على قيد الحياة، وأهدى له قطيعا من البقر فأهدى منه لشيخه وفرق الباقي في طلاب المحظرة، وقفل راجعا إلى أهله وهم يومئذ بالمدروم ففرحوا بهفرحا شديدا.
وروى لي الأستاذ الأديب الثقة امحمد بن شماد بن امحمد بن أحمد يوره عن جدته مريم بنت التاه أن أخاها سيدِ أخبرها حين هم بالذهاب بأنه سمع هاتفا يخاطبه: "ما لهذا خلقت"، فأجمع أمره على السفر، وأن سيد كتب رسالة إلى أمه بعد سفره هذا ضمن فيها قول الشاعر:
أيا من لست أنساهُ :: ولا في البعد أقلاهُ
لك الله على ذاك :: لك الله لك اللهُ
وهذا البيت شاهد أورده شراح الألفية عند قول ابن مالك:
وما من التوكيد لفظي يجي :: مكررا كقولك ادرجي ادرجِي
ومما كتب لها مضمنا في رسالته تلك:
سأطلب علما أو أموت ببلدة :: يقل بها ذرف الدموع على قبري
إذا نلت علما عشت في الناس سيدا :: وإن مت قال الناس بالغ في العذر
ألا إنما الخسران أن لياليا :: تمر بلا نفع وتحسب من عمري
وعُرف سيد بن التاه بشغفه بطلب العلم وهمته في تحصيله ولو كلفه ذلك بعد الشقة واحتمال المكاره، وقد غلب نفسه على ذلك كما في نظم التاريخ للعلامة المختار ولد المحبوبي عند ذكر عام ١٣٦٢هــ:
وفيه موت العالم ابن التاهِ :: سيدِ التقيِّ الكاملِ الأواهِ
من في طلاب العلم نفسه غلبْ :: حتى حوى العلم ونال ما طلبْ.
وممن أخذ عنه سيد بن التاه كذلك ابن عمه العلامة الشاعر امحمد بن أحمد يورَ، وخاله العلامة القاضي الشاعر المؤلف البراء بن بگي الفاضلي (ت: ١٣٣٦ هـ ).
وكان والده المختار امُّ "التاه" عالما صالحا ذا كرامات، ومن ذلك أنه كان يوما يقرأ المصحف في خيمة شقيقه سيد الأمين "خيمة الطلبه" فإذا برائحة الدهن تنبعث من أطراف تلك الخيمة، ثم ما لبث أن وجد تلك الرائحة دانية منه فنظر في يده فإذا بالدهن قد عم الخنصر من يده اليمنى ولاصق أغلب البنصر، فمسح بيده ساتر الخيمة فبقي أثرها فيه، وأول له هذا بأن اثنين من صغار ولده ستغلب عليهما الروحانية، وما زال أثر يده في محل قراءته من مصحفه الموجود اليوم عند العالم الصالح الإمام محمد باب بن سيد باب بن امحمد بن أحمد يوره، كما أخبرني الأستاذ امحمد بن شماد.
وللتاه من الولد: محمذن "النم" وسيد أحمد أمهما فاطم فال بنت بزيد الفاضلية، ثم سيدِ وببكر وصفيَّ ومريم أمهم امنيان بنت بگي الفاضلية. وقد غلب على سيد بن التاه في بادئ أمره الحال الروحاني إلا أن عمه وشيخه ببها رباه بعلم الظاهر وخاصة النحو، وكان ذا تعلق بببها يستشيره في أموره وياخذ منه العلم ويحتذي به في العمل، وقد سمى ولده البكر باسمه تفاؤلا وقال في ذلك:
إني تفاءلت بأن ببها :: بببها وأهله تشبها
وكل نكتة عليها نبها :: في الكتب ببها لها تنبها
ويروى أنه جاءه يوما وهو يضمر استشارته في زواجه من زيدٌ بنت اسلامَ بن أبي فقرأ ببها نظما للعلامة امحمد بن أحمد يور نظم به من تسمى بسعد من الأنصار:
سعود الانصار انسبن لزيد :: خيثمة عبادة عبيد
عثمان والربيع معْ معاذ :: هم سبعة جعلتهم معاذي.
وأخبرني الأستاذ ببها ابن التاه أن والده سيد رأى في المنام أن جبريل عليه السلام وضعه على جناحه فدار به مرات فحصل له العلم خلال ذلك بولدين يولدان له، وأخبرني أيضا أن العلامة ببها أشار لسيد عن طريق الكشف بزواجه من ابنته لبابة وهي إذ ذاك صبية في المهد. ويروى أن سيد قدم على ببها مرة يزوره لامرأة يرزق منها الولد الصالح من دون أن يعلن له ذلك فأنشد ببها:
لبابة أم بني العباس :: وأم خالد الرضا النبراس
وهذا البيت من نظم بنات الحارث بن هلال لامحمد بن أحمد يوره وأوردته هنا لتمام الفائدة:
هاك بنات الحارث الهلالي :: يلمعن لمع البدر لا الهلال
لبابة أم بني العباس :: وأم خالد الرضا النبراس
لبابة الصغرى وأم الفضل :: لبابة الكبرى فخذ عن نقل
لبابة وأمنا ميمونه :: زوجة طه المصطفى الميمونه
أختهما زينب أي لأم :: بنت خزيمة أشم الشم
عنها المجدع بن جحش قد توِي :: وارتفعت إلى الجناب النبوي
كذا ابنتا عميس اللتان :: هما بنحر الدهر درتان
وبإمام الصحب ثاني اثنين :: وبأبي السبطين ذي القرنين
وأختها لأبوين سلمى :: زوجة حمزة الشهيد الأسمى
أم الجميع هند بنت عوف :: يا ربنا أمن بهن خوف.
وقد أنجب سيد بن التاه من لبابة بنت ببها بولديه ببها وحمدا، وفي رثاء لبابة يقول المختار بن حامد:
إلى ربها سارت لبابة ببها :: لتحمل من جناته جل غبها
تبوأ فيها روضة من رياضها :: تقر بها عينا وتفرح قلبها
تتابع مصا من كؤوس رحيقها :: ومن لبن عذب تتابع عبها
إلى غير هذا من نعيم تحبه :: نحب لها ما تشتهى منه حبها
فنحن به ندعو لها اليوم ربنا :: وكانت به تدعو له الأمس ربها
سلام عليها ما أمر فراقها :: وأبرك لقياها وأنعم قربها
وتبقى رياح النصر من بعدها على :: عشيرتها دأبا تواصل هبها
تثير سجايا من سرور ونعمة :: تفيض على نعم العشيرة صبها
يعيشون منها فى حياة مليئة :: من اليسر والخيرات والعز والبها
ويشبه فيها بَبَّ مختار أمه :: ويشبه حمدا والد الأم ببها
ويحفظ آل الشيخ أحمد هديه :: فبورك فيها أسرة ما ألبها
ولله صيت عم من أوليائها :: وقرائها شرق البلاد وغربها
وتبقى لديمان من النيَّ ثمرة :: ولب كما كانت لبابة ببها.
وقد تزوج سيد قبل لبابة بفاطم فال بنت عبد الله بن محمذ بن أحمد بن العاقل، وامبيريك بنت محمدن بن الشيخ أحمد بن الفالل وزيدٌ بنت اسلام بن أبي ويروى أنه تزوج الأخيرتين بسبب رؤيا رآها بالعلامة الصالح والد بن خالنا فسرها بولدين لهما شأن يجمعانه بوالد، وكان له ذلك بزواجه بلبابة بنت ببها.
للعلامة سيد بن التاه الكثير من الفتاوى والأنظام ومن شعره في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يا سيد العرب العربا وأنجدها :: يوم الوغاء وأحماها وأحمدها
ومن إذا ادكرت يوما محامده :: فخرا يكون ولا فخرا محمدها
ومن دعته بنو كعب لكعبتها :: فكان بالحجر الميمون أسعدها
ويا حبيبا حباه الله منزلة :: من قاب قوسين أو أدنى تقلدها
إني بجاهك يا ذا الجاه منتصر :: إذا حروب العدى سلت مهندها
فأولني منك يا أعلى الورى شرفا :: من العناية أقواها وأوكدها
ولا أزال بخير آمنا فرحا :: تجني يداي من الخيرات أرغدها
عليك أزكى الصلاة والسلام معا :: ما دمت أزكى الورى نفسا وأزهدها.
وله أيضا:
حب الرسول وأبناء الرسول وأزواج الرسول وعميه وأختانه
وحب أصحابه ذخر ومتجر :: لعفو رب ورحماه ورضوانه
ونيل ما أرتجي دنيا وآخرة :: من فضله وأياديه وإحسانه
يا رب صل على طه وعترته :: وصحبه خير أصحاب وإخوانه
وله أيضا:
تقوينا على من قد تقوى :: بغير الله بالله اللطيف
فلا قهرا نخاف لدى قوي :: ولا كيدا نحاذر من ضعيف
وله في زيارة الصالح المشهور حمدًا بن محمد فال بن أحمد بن العاقل وهو الذي سمى باسمه ابنه العلامة حمدًا:
على النجد الميامن للكراع :: سلام ما دعى لله داع
ولا زالت تواصله تحايا :: من الرحمن صيبة البعاع
ويا أهل الكراع بكم أنخنا :: وزرنا لارتفاع وانتفاع
وما تدعو الضرورة كل حين :: إليه من المؤونة والمتاع
ومن أنظام العلامة سيد بن التاه:
أول من هاجر للمدينه :: من صحب طه ينشرون دينه
مصعب والأعمى معا وكانا :: يعلمان أهلها القرآنا
وبعد ذين قد أتى عمار :: بلال سعد صحبة أخيار
ثم أتى عمر في عشرينا :: فأيد الله به ذا الدينا
ثم أتى سيد الاَولينا :: والآخرين مصلحا أمينا
ومعه صاحبه في الغار :: عليه أزكى صلوات الباري
انظر مصابيح الإمام البغوي :: فيما عن الصحاح منها قد روي.
ومنها أيضا :
المحرم الفقير ذو القربى يرى :: أبو حنيفة على من أيسرا
إنفاقه إن لم يكن قد قدرا :: على التكسب بذاك فسرا
وآت ذا القربى وإن شئت ترى :: فغص له في البحر تلف الدررا.
ومنها كذلك:
يعيد ندبا أبدا صبي :: صلى بلا طهر وذا المرضي
وطهره الوضوء والتيمم :: وليس بالغسل لديهم يلزم.
توفي العلامة سيد بن التاه سنة: 1361 هــ وعمره تسع وستون سنة، قال العلامة گراي ولد أحمد يوره :
في "أصسش" وفاة سيد الفائق :: أقرانه بكل وصف رائق
في طاعة الرحمن عمره انقضى :: وعند "طائها وصاد" قد قضى
ويقول العلامة محمد بن أبي مدين في رثائه:
قضى العلم والإكرام للضيف في اللأوى :: غداة أوى المرضي سيد إلى المأوى
إمام بحفظ الدين قد كان مولعا :: فكم ذب عنه بالأدلة من ألوى
وكم رم ما أثأت يد الجهل في الورى :: من العلم ما يملي من الحكم والفتوى
توخى طريق العدل دون سوائها :: كما قد توخاها أبوه ولا غروى
وكان على العلات سمحا مرزءا :: صبورا إذا ما غيره أظهر الشكوى
وكان جزاه الله خير جزائه :: من الأولياء السالمين من الدعوى
سقى الله مثوى ضمه كل رحمة :: وأولاه ما يرضاه في ذلك المثوى
وكان لذاك الآل من بعد فقده :: بعون ولطف صارفين عن البلوى
وبارك في أبناء أحمد كلهم :: ذرى الخمس أرباب الفضائل والتقوى
بجاه الوجيه الهاشمي محمد :: عليه من الله الصلاة كما يهوى.
كتبه محمدن ولد امَّدْ أمين الثقافة بالمنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم.