![أحمدو ولد محمد فال ولد أبيه مستشار جهوي عن مقاطعة الطينطان /حزب الإنصاف](https://essirage.net/sites/files/7b7c8326-c068-48db-8409-187c805ac7a8.jpeg)
قبل البدأ في سرد الملامح التي على أساسها يطرح هذا التساؤل المحيّر على لسان كل أبناء الطينطان الغيورون على تميزها وحضورها الدائم في المشهد السياسي الوطني. لابأس بعرض بسيط عن تاريخ المقاطعة السياسي في كل مراحل الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلد.
ظلت مقاطعة الطينطان عبر التاريخ إحدى أهم القلاع السياسية بالمشهد السياسي الوطني، ولاشك أن ذلك يعود بالأساس إلى دور النقاش السياسي المحلي فيها عن طريق نخبة سياسية واعية بحدود التنافس السياسي في تعارض الطموحات الشخصية وقدسية المصلحة العمومية للمقاطعة والحرص على مركزة حضورها في المشهد السياسي الوطني.
لقد عبّر أبناء المجال الجغرافي لمنطقة أفله قديما عن مستوى عاليا من السياسية التشاركية حتى في حياة الترحال ما قبل الدولة الوطنية في تعايش نادر خلال رحلة الانتجاع السنوية من آوكار الحوظ شمالا إلى جلماي بلحداده جنوبا.
ومع بدايات الدولة الوطنية كان التنفاس السياسي على مستوى المقاطعة نخبوي وتقدمي جدا ففي التنافس الذي حصل على مقعد أمين عام حزب الشعب في المقاطعة بين أحمدو ولد امحمد ولد عبداللّ والسياسية الفريدة الكبرة بنت أبيه خير مثال على ذلك.
كما كان لتحالف المجموعة المحسوبة على ضواحي الطينطان قبل ذلك ضد مرشح حزب الشعب في تامشكط رسالة بالغة الدلالة لرفض خطة "الترحال السياسي" التي كانت قيادة حزب الشعب تخطط لها آنذاك بتقديم شخص من خارج ساكنة "الحوض" ( ول القرابي ) لتمثيل الحزب باسم مجموعات أفله في تامشكط وقد وجهت المجموعة صفعة قوية للنظام الحاكم حينها بالنجاح الكاسح ضد خيار حزب الشعب في يوم انتخابي ساخن كان لمكاتب فرگان "لمكيفي وتنكار واركيز أفله " دور حاسم فيه.
وقد فهم الزعيم المختار ولد داداه الدرس وتصرف كرجل دولة حيث فتح بابه لاستقبال أحد قيادات التحالف -الزعيم التقليدي محمد المختار ولد عبدي ولد مولود رحمه الله - ليستمع منه شخصيا بدل الاعتماد فقط على رأي المجموعة المحسوبة على الحكومة آنذاك والتي كانت تفتقر لأهم أساسيات الأدبيات السياسية وهي احترام المجموعات المحلية وعدم تجاوزها في تقرير مصيرها.
حضور الطينطان في المشهد السياسي الوطني كان بارزا كذلك مع مراحل الحكم العسكري الصِّرف الذي بدأ من 1978 وحتى 1984 حيث منحت المقاطعة أعلى مرتبة في هرم المؤسسة العسكرية وهي قيادة أركان الجيش بقيادة العقيد الوطني أحمدو ولد عبد اللّ رحمه الله وهو تمثيل يعبر عن مكانة المقاطعة في المشهد السياسي الوطني آنذاك.
لقد ازدهر حضور الطينطان سياسيا على المستوى الوطني مع التعددية الديمقراطية ونظام الحزب الجمهوري الذي جسد السياسية المحلية اللاموسمية، حيث تربعت المقاطعة على رئاسة البرلمان وحصلت كذلك على إدارة ديوان رئيس الجمهورية، وكان حضورها الاقتصادي محل تقدير واشادة من هرم السلطة حيث قرر الوزير الأول آنذاك النزول في الطينطان خلال زيارة تنموية للولاية وعندما اعترض البعض على ذلك كان رده بأن الأرقام الاقتصادية تؤكد أن الطينطان هي عاصمة الحوض الغربي الاقتصادية ولاشك أن الفضل في ذلك يعود لرجالات السياسية المحلية عندنا في تلك المرحلة، وحرصهم على وجودها في الصدارة الوطنية.
ومع مرحلة ما بعد النظام الطائعي أي عشرية نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز فقد كان حضور الطينطان متدرج من تسيير أهم وزارة سيادية إلى رئاسة الوزراء.
أما اليوم فيبدو أننا اكتفينا بالمواكبة السياسية للمواسم الانتخابية والزيارات الرسمية دون أن يترتب على ذلك أي تقييم ولا تحيين للساحة السياسية بالمقاطعة فمنذ انتخابات 2023 لم تشهد المقاطعة أي تعيين يذكر سوى المحافظة على ما كان قائما، وهو ما يعني سياسيا وجود قطيعة مع المركز فبعد كل مرحلة انتخابية تكون هناك قراءة شاملة للمشهد السياسي الوطني.
كما أن رئيس الجمهورية الذي زار الولاية أكثر من مرة لم يزر الطينطان إلا عندما كان مرشحا لأول مرة 2019 مع العلم أن الطينطان هي أول مقاطعة يُعقد فيها مجلس الوزراء خارج العاصمة حيث عُقد في مدينة "عين فربه " أيام الحقبة الداداهية، وكانت زيارات "ول الطائع " تشمل البلديات وأحيانا يتوقف في بعض القرى ليستمع من المواطنين مباشرة.
لذا ونحن نطالع اليوم أصوات السكان للتعبير عن معاناتهم في مركز المدينة من انقطاع الكهرباء والماء وفي الأحياء التي تجاوزها مشروع الكهربة كآگني المگسم وعرفات ومشكل المدارس فيها، وكذلك في قرى أخرى كدقفگ ..إلخ
كل ذلك عبر الوسائط الاجتماعية أو عبر منتخبين عن دوائر وطنية أخرى، لابد أنه يتبادر للاذهان حالة الفراغ التي تعيشها المقاطعة سياسيا في العهد الغزواني وانقطاع الصلة بين القمة والقاعدة.
فهل نحن أمام موت الوجاهة وتحمل المسؤوليات العمومية التي هي أساس الدور السياسي للنخبة مع العلم أننا تجاوزنا مرحلة تصنيف المقاطعة كمعقل من معاقل المعارضة منذ سنوات، حيث اكتسح الحزب الحاكم المقاطعة ولم "تحصل المعارضة" في آخر انتخابات محلية إلا على "بلدية واحدة" - أو مُنحت لها على الأصح بطريقة غريبة ومكشوفة - أما أحزاب الأغلبية فقد حصلت على بلديتين من بلديات المقاطعة الستة، وكان بإمكان الحزب الحاكم الحصول على عمد كل بلديات المقاطعة لو التزم الجميع بمبدأ الانضباط الحزبي، كما حصلت لائحة الجهة على نسبة مرتفعة ب 7686 صوتا على الرغم من هيمنة عاصمة الولاية لعيون على الأرقام الأولى من اللائحة من 1 إلى 4 وانتماء قيادات اللوائح المنافسة لنا بقوة لمقاطعة الطينطان ( تواصل والإصلاح )
النسبة التي حصلت عليها لائحة الجهة كانت مساوية للنسبة التي حصل عليها رئيس الجمهورية بالمقاطعة في انتخابات 2024 حيث كل قوى الأغلبية مجتمعة على خيار انتخابي واحد!.
أحمدو ولد محمد فال ولد أبيه
مستشار جهوي عن مقاطعة الطينطان /حزب الإنصاف