
لئن كان المستضعفون من المسلمين قد واجهوا صنوف العذاب الحسي والجسدي الخارج عن الطوق، فإن إخوانهم من علية المجتمع المكي واجهوا هم كذلك صنوفا من العذاب المعنوي والنفسي لا تقل ألما عما واجهه المستضعفون، وفي مقدمة تلك العذابات التهجير عن الأوطان وانقطاع علائق الرحم
ولدت أم المؤمنين رملة رضي الله عنها في بنت الإمارة، أبوها أبو سفيان سيد قريش وأمها هند بنت عتبة أعز نساء مكة وجدها عتبة بن ربيعة من سادات قريش، وما كان يخطر في بال أحد من أهل مكة أن هذه الأميرة المدللة ستُخرج من مكة منفية أبدا، لكن هذا ما كان تخيله مستحيلا تحول إلى وقع، والأغرب أن أهلها الذين كانوا يفترض أن يحموها هم من تسبب بخروجها من وطنها فارة بدينها.
خرجت الفتاة المكية رملة من بطحاء مكة مقتحمة البراري وراكبة البحار إلى أرض الحبشة البعيدة وأهلها الغرباء عليها.
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من رملة أثناء إقامتها في أرض الحبشة، ووقع الزواج ثم استمر الزوجان فترة دون أن يلتقيا لأن كلا منهما في مكان هجرته البعيد من مكان الآخر والبعيد أيضا عن موطنهما الأصلي، و ما كان يخطر ببال أحد أن يُمنع زوجان من ذؤابة بني عبد مناف من إقامة زفافهما في مكة قبل انقسام أهلها إلى صفوة مؤمنة وملأ كافر