
صدر كتاب "هذا بيان لسكان هذه الصحراء" للشاعر والروائي المختار السالم، وهو أول كتاب سياسي للمؤلف، الذي أصدر أكثر من عشرين كتابا أدبيا في الشعر والسرد.
وحمل الكتاب على غلافه عناوين فرعية: "أيها الصحراويون أو "البيظان" لقد دقّتْ ساعة المصارحة" و"إليكم جميعاً في موريتانيا والمملكة والجزائر وتونس وليبيا والشتات أتحدّث".
ويقع الكتاب، الصادر في باريس عن منشورات الشاعرة خديجة عبد الحي، في 87 صفحة من الحجم المتوسط.
يتناول الكتاب، عبر 17 فصلا مرقما، قضايا جوهرية تتعلق بالهوية والانتماء والوحدة في منطقة الصحراء الكبرى، ويُعد بمثابة نداء فكري وسياسي موجه إلى سكان الصحراء الناطقين بالحسانية، أو ما يُعرف بـ”البيظان”، في موريتانيا، المغرب، الجزائر، ليبيا، تونس، إضافة إلى أبناء الجاليات في الشتات.
في هذا البيان، يوجّه المختار السالم نقدًا حادًا إلى الدولة القُطرية التي وصفها بالإرث الاستعماري الهش، معتبراً أنها تفتقر إلى الجذور التاريخية والثقافية الحقيقية. كما يدعو إلى قيام وحدة مغاربية مبنية على الهوية الصحراوية المشتركة، محذرًا من خطورة الانقسامات الداخلية التي تُضعف المجتمعات الصحراوية وتُهدد مستقبلها.
والمختار السالم فائز بجائزة الدولة التقديرية عن روايته "الدابة".
وجاء في مستهل كتاب "هذا بيان لسكان هذه الصحراء": "لدى الناطقين بالعربية الحسانية أو الصحراويين كما يسمون جغرافياً أو "البيظان" كما يسمون اجتماعيا بوصلتهم، لديهم في هذه الصحراء المترامية الأطراف إبرتهم المغناطيسية التي لا تخطئ أبداً. وعُمْر هذه البوصلة هو عمر خبرتهم بهذه الرمال والتلال. هذه المفازة، الأدغال، القفار المهيبة؛ بكرًا كانت أو ثَــيّباً، فهي ولودة بالتّيهِ والضّياع، لكن ليس على ذلك الملثّم الجسور الذي طالما افترش روحَهَ جسراً لتستمرّ الحياة بالعبور في هذه الأرضِ!
تلك البوصلة لم تكن إلا شجرة الطّلح، إذ لا ينبت الطلّح في هذه الصحراء إلا مائلاً إلى جهة الجنوب، ومن تحديد جهة يمكن بسهولة تحديد باقي الجهات. هكذا كانوا في هذه البلاد حين تهبّ العاصفة مثلا أو ينتشر الغمام والضباب فهم لا يفزعون من الضياع، لأنّ أول شجرة طلح يصادفونها سوف تدلّهم على معرفة جهتهم، ومن طريقة انحنائها تحديداً.
لكن ذلك في التعامل مع القفر بغيلانهِ وغوائلهِ وغدره ومصاعبهِ. فماذا عن تعاملهم مع السياسة؟
إن الحروف التالية ليست استبصاراً، فالصحراء برغم أنها مُنجبة الأنبياء، فهي بارعة في اقتلاع كلّ عين زرقاء.
إنني أرى أهل الصحراء أو "البيظان" في موريتانيا وفي المغرب والجزائر وفي الشتات الآن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التحديق في "الطلح" ولو لم يكن نضيدًا. فالمفازةُ تزدادُ خطرا، والخياراتُ تقتربُ من تجسير النّهاياتِ نحو ما لا تحمد عقباه".