
دأب الغزاة منذ فجر التاريخ على تطبيق سياسة الأرض المحروقة والعمل على إبادة سكان البلدان التي يغزونها أو على الأقل طمس وإلغاء هويتهم الثقافية والهدف الأساسي لهذا النهج هو ردع السكان الضحايا عن المقاومة أو التفكير فيها ليتمكن المحتلون- المستخربون- من نهب خيرات الشعوب التي احتلوا أرضها.
وهذا النهج اتبعه الرجل الأبيض في غزوه لبلدان الشعوب الأخرى في كل القارات وكان للبلاد العربية والإسلامية النصيب الأوفر من عمليات التدمير والإبادة التي مارسها الرجل الأبيض على مر التاريخ.
وليست حرب الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال مع التحالف الأمريكي الغربي على غزة بعد السابع من أكتوبر 2023 سوى حلقة أخرى ضمن سلسلة التطهير العرقي وتهجير أو إبادة السكان الأصليين التي مارسها الأروبيون ضد العرب والمسلمين وضد غيرهم على مدى قرون طويلة.
لكن الغريب ليس أن يظهر الرجل الأبيض بهذا المستوى غير المسبوق من التوحش واعمال الإبادة بحق الأطفال والنساء والعزل في شريط صغير من الأرض محاصر منذ حوالي 20 سنة بعد ان احتل واستبيح منذ يونيو 1967، إنما الغريب هو ان ينبري كتاب وإعلاميون "عرب" لتوبيخ ولوم الضحية وتحميلها آثام جرائم الاحتلال ليمنحوا بذلك صك براءة مجانا للغزاة المحتلين.
ولا ينفع هؤلاء دموع التماسيح التي يتظاهرون بانهم يذرفونها على أطفال غزة ونسائها.
فالمحتل قتل الغزيين وأهل فلسطين عموما عشرات المرات قبل السابع من أكتوبر كما هي عادة الغزاة المعتدين في كل العصور وسنورد هنا نماذج من أعمال الغزاة وإبادتهم للمدنيين خاصة من الأطفال والنساء دون مراعاة لأي قيم أو أبعاد إنسانية أو أخلاقية..
الغزو الأوروبي لأمريكا الشمالية
تشير بعض الدراسات إلى أن عدد السكان الأصليين في أمريكا الشمالية كان يقدر عام 1500م بما يتراوح بين 10- 100 مليون نسمة بمن فيهم الهنود الحمر .
ومنذ قدوم الأروبيين تناقصت أعداد الهنود الحمر بسبب المجازر والحروب والمجاعات حتى وصل عددهم إلى أقل من ربع مليون مع انتهاء الحرب الأمريكية الهندية في القرن التاسع عشر اي ان القوات الأوروبية ذبحت ما يمثل 95% من السكان الأصليين فيما يعرف اليوم بالولايات المتحدة.
غير أن بعض الباحثين يقدر عدد القتلى في الامريكيتين ب 300 مليون شخص.
جرائم الصليبيين
حسب بعض التقديرات فإن عدد الضحايا الذين قضوا في الحروب الصليبية يتراوح بين مليون إلى حوالي 3 مليون شخص.
مجازر الصليبيين في القدس
ذكر " غوستاف لوبون " في كتابه " الحضارة العربية " - نقلا عن روايات رهبان ومؤرخين رافقوا الحملة الصليبية على القدس - ما حدث حين دخول الصليبيين للمدينة المقدسة من مجازر دموية لا تدل إلا على حقد أسود متأصل في نفوس ووجدان الصليبيين. قال الراهب " روبرت " أحد الصليبيين - المتعصبين وهو شاهد عيان لما حدث في بيت المقدس - واصفا سلوك قومه ص325 : ( كان قومنا يجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل ، وذلك كاللبؤات التي خطفت صغـارها ! كانوا يذبحـون الأولاد والشباب، ويقطعونهم إربا إربا ، وكانوا يشنقون أناسا كثيرين بحبل واحد بغيـة السرعة، وكان قومنا يقبضـون كل شيء يجدونه فيبقرون بطون الموتى ليخرجوا منها قطعا ذهبية !!! فيا للشره وحب الذهب، وكانت الدماء تسيل كالأنهار في طرق المدينة المغطاة بالجثث ) .
وقال كاهن أبوس ( ريموند داجميل ) شامتا ص326-327:
(حدث ما هو عجيب بين العرب عندما استولى قومنا على أسوار القـدس وبروجها ، فقـد قطعت رؤوس بعضهم ، فكان هذا أقل ما يمكن أن يصيبهم، وبقرت بطون بعضهم ؛ فكانوا يضطرون إلى القذف بأنفسهم من أعلى الأسوار، وحرق بعضهم في النـار ؛ فكان ذلك بعد عذاب طويل، وكـان لا يرى في شوارع القدس وميادينها سوى أكداس من رؤوس العرب وأيديهم وأرجلهم، فلا يمر المرء إلا على جثث قتلاهم، ولكن كل هذا لم يكن سوى بعض ما نالوا ) .
وقال واصفا مذبحة مسجد عمر:
لقد أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان، وكانت جثث القتلى تعوم في الساحة هنا وهناك، وكانت الأيدي المبتورة تسبح كأنها تريد أن تتصل بجثث غريبة عنها. ولم يكتف الفرسان الصليبيون الأتقياء (!) بذلك فعقدوا مؤتمرا أجمعوا فيه على إبادة جميع سكان القدس من المسلمين واليهود و خوارج النصارى - الذين كان عددهـم ستين ألفا - فأفنوهم عن بكرة أبيهم في ثمانية أيام، و لم يستبقـوا منهم امرأة و لا ولدا و لا شيخا).
وفي ص396 يقول : ( و عمل الصليبيون مثل ذلك في مدن المسلمين التي اجتاحوها : ففي المعرة قتلوا جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين في الجوامع و المختبئين في السراديب، فأهلكوا صبرا ما يزيد على مائة ألف إنسان - في أكثر الروايات - و كانت المعرة من أعظم مدن الشام بعدد السكان بعد أن فر إليها الناس بعد سقوط أنطاكية و غيرها بيد الصليبيين).
استباحة التتار لبغداد
اختلف المؤرخون في عدد من قتلوا في بغداد على يد التتار، فقدر بعضهم بأن العدد يتراوح بين 800 ألف و2 مليون، فيما رجح الذهبي في كتابه «تاريخ الإسلام» أن القتلى كانوا 800 ألف نسمة.
ووفقا لمقال منشور في الجزيرة نت يقول المؤرخ العراقي طه خضر عبيد عن تفاصيل
مأساة اجتياح جيش المغول لبغداد يوم الأربعاء 9 صفر 656هـ الموافق 14 فبراير 1258م:
إن عدد قتلى سكان بغداد على يد المغول بلغ أكثر من مليون، حتى أن مؤرخ المغول "رشيد الدين الهمذاني" ذكر أنهم 800 ألف قتيل من خيرة الرجال والنساء والعلماء والأدباء، لا بل إن بعض الناس اختفوا في الآبار وماتوا فيها، وكانت المذابح بالجملة، فكانت تقتل العائلة كلها دفعة واحدة، وكبار السن لم يسلموا منهم، وكان همهم أيضا قتل الأطفال.
ونوه إلى أن المغول استخدموا كل الطرق الوحشية في قتل وتعذيب وإهانة سكان بغداد، وكان همهم سلب الناس حليهم وسرقتها. ومن أغرب ما يروى أن أحد جنود المغول شاهد امرأة مخمرة ابتلعت لؤلؤة لتخفيها، فقام ببقر بطنها لإخراج اللؤلؤة، وانتشر ذلك بين جنودهم، فزهقت أرواح النساء، خاصة الحوامل ظنا منهم أنها مملوءة بالجواهر، بل إن الناس ظنوا أن الساعة قد قامت، حتى إن المؤرخ ابن الأثير يقول "لو قال قائل إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا".
الاستعمار - الاستخراب- في العصر الحديث
من جرائم الفرنسيين
الشائع عند الناس أن الجزائر تعرف بأنها أرض المليون شهيد (1.5 مليون) لكن هذا العدد يتعلق فقط بالشهداء الذين سقطوا خلال الثورة الجزائرية التي اندلعت في فاتح نوفمبر 1954.
وعن العدد الإجمالي للشهداء الذين سقطوا في الجزائر منذ بداية الاحتلال الفرنسي سنة 1830
فقد ذكرت «الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان»، بمناسبة مرور 54 سنة على استقلال البلاد، أن عدد الجزائريين الذين قتلهم الاستعمار الفرنسي من بداية الاحتلال عام 1830 إلى 1962، يفوق 9 ملايين شهيد.
وقالت الرابطة في تقرير تناول جرائم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، إن «شهداءنا منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين تجاوزوا المليون ونصف المليون، لأن عددهم فاق 9 ملايين استنادًا إلى الأرشيف الفرنسي الخاص بفترة الاحتلال، وإلى كتابات مؤرخين فرنسيين، من بينهم المؤرخ اليساري جاك جوركي الذي يخبرنا بأن فرنسا قتلت 10 ملايين خلال الحقبة الاستعمارية. كما ذكر الباحث في التاريخ، الجزائري محمد الحسن زغيدي أن عدد الشهداء يفوق 9 ملايين».
من تفاصيل جرائم فرنسا في الجزائر
جماجم المقاومين
تحتفظ فرنسا إلى اليوم بـ 18 ألف جمجمة محفوظة في متحف "الإنسان" بباريس، منها 500 فقط تم التعرف على هويات أصحابها، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام فرنسية عام 2016.
وفي يوليو 2020 استعادت الجزائر 24 جمجمة تعود لقادة من مقاومة الجزائر (قبل اندلاع ثورة نوفمبر 1954)، قتلوا ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي منتصف القرن التاسع عشر.
وتقول السلطات الجزائرية إن المفاوضات متواصلة لاسترجاع جماجم أخرى، وتؤكد أن فرنسا وضعت قانونا يجعل من هذه الرفات محمية ضمن التراث الفرنسي.
مجزرة 8 مايو
كانت أكبر وأبشع مجزرة ترتكبها فرنسا في يوم واحد، حيث خرج مئات الآلاف من الجزائريين في 8 مايو 1945، للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ولمطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها بمنحهم الاستقلال.
لكن القوات الفرنسية استخدمت الرصاص الحي فقتلت 45 ألفا من المتظاهرين العزل.
جريمة نهر السين
في 17 أكتوبر 1957، خرج حوالي 60 ألف جزائري في فرنسا للتظاهر ضد استعمار بلدهم.
وواجهت السلطات الفرنسية المحتجين بالرصاص الحي وألقت الكثير منهم في نهر السين، وبلغت الحصيلة 1500 قتيل، و800 مفقود، إضافة إلى آلاف المعتقلين.
تجارب نووية
أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية 17 تجربة نووية تحت وفوق الصحراء الجزائرية خلال الفترة 1960- 1966.
وتسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة؛ بسبب الإشعاعات النووية التي لا تزال تلوث المكان حتى اليوم.
وما زالت السلطات الجزائرية تطالب فرنسا بتسليمها خرائط دفن نفايات هذه التجارب لحماية السكان من إشعاعاتها لكن باريس تماطل في ذلك.
وقد ذكرت المحامية الجزائرية السيدة فاطمة الزهراء بن براهم أن "أول ما استعمل السلاح النووي كان في الجزائر في 13 فبراير 1960" كما كان أول استعمال "للسلاح الكيمياوي من قبل المستعمر الفرنسي ضد المدنيين الجزائريين في معركة الأغواط في سنة 1852 (بقيادة الجنرال بيليسيي) باستعمال غاز الكلوروفورم المحظور دوليا".
جاء ذلك خلال مداخلتها في "منتدى الذاكرة" الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد تحت عنوان "جرائم الاستعمار الفرنسي إبادة شعب : من استعمال المواد الكيمياوية إلى التفجيرات النووية" بمناسبة إحياء الذكرى الـ169 لإبادة سكان الأغواط باستعمال المواد الكيمياوية من 21 نوفمبر إلى 4 ديسمبر.
جرائم الفرنسيين في تشاد
ارتكبت قوات الاستعمار - الاستخراب- الفرنسي في تشاد عام 1917، مجزرة مروعة استشهد فيها أكثر من 400 من العلماء والفقهاء وزعماء المسلمين المحليين، إذ تم قطع رقابهم بالسواطير. وقد مهدت المجزرة الطريق أمام المستعمر الفرنسي للاستبداد بالمنطقة، ومحاولة القضاء على الدين الإسلامي واللغة العربية، وسلخ الناس من هويتهم، وإضعاف مقومات وحدتهم وقوتهم.
جرائم الإيطاليين في ليبيا
عانت ليبيا معاناة قاسية من الاستعمار الإيطالي خلال الفترة 1911- 1943 وقد أدت "سياسات الإبادة الجماعية" التي اتبعها نظام بينيتو موسوليني إلى مقتل 150 ألف مدني ليبي، كما يقول البروفيسور يولديلول تشيلاتي درار، من جامعة ماتشيراتا.
أما تفاصيل الاجرام الإيطالي في ليبيا فهي مؤلمة.
يؤكد الدكتور علي عبد اللطيف حميدة في مقدمة كتابه «الإبادة الجماعية في ليبيا» أن ما يعرفه العرب عن المقاومة الليبية للاستعمار الإيطالي يرتبط فقط بشخصية شيخ الشهداء عمر المختار، وتحديدا طريقة إعدامه العلنية، إذ أراد الفاشيون الإيطاليون إخماد روح المقاومة بالإرهاب العلني لأحد أهم قادة المقاومة في المنطقة الشرقية، وبالطبع فإن القراء العرب يتذكرون هذا المشهد الدموي، وبالذات بعد مشاهدة فيلم المخرج السوري الأمريكي الراحل مصطفى العقاد «أسد الصحراء». وهذا الفيلم بلا شك عمل فني مبدع ومهم، ولكننا، بحسب حميدة، ننسى أو لا نعرف الأحداث الدموية الأخرى، وبالذات معسكرات الاعتقال الستة عشر خاصة معتقلات الموت الأربعة الجماعية، والتي لم يكن عمر المختار معتقلا بها، ويعني حميدة 110 آلاف طفل ورجل وامرأة اعتقلوا في الفترة ما بين 1929 وحتى عام 1934 ومات أغلبهم جوعا ومرضا في هذه المعتقلات، أي: ما بين 60 إلى 70 ألفا.
ويقول الدكتور علي : «كانت السياسة الإيطالية عازمة منذ البداية على إبادة السكان. عندما زرت المعتقلات ومنطقة الجبل الأخضر، أدركت سبب اختيار الفاشيين لصحراء سرت لاحتجاز السكان المقاومين في شرق ليبيا، فهي صحراء بلا شجر ولا ماء، وهي أرض بعيدة جدا عن موطن الناس في الجبال، والوديان، والغابات، ونجوع شمال برقة. إنه أيضا مكان يمكن فيه بسهولة حبس الأشخاص المعتقلين وسجنهم وكان الهروب منه مستحيلًا. كانت المسافة طويلة، واضطر الناس إلى المضي سيرا على الأقدام والسفر في سفن قديمة متهالكة ولم يحصلوا على الماء أو الطعام أو الدواء، والأسوأ من ذلك أنه في كثير من الحالات حُرقت حبوبهم وأطعمتهم أو صودرت. وكانت الضربة الأكثر تدميرا للناس هي خسارة ماشيتهم التي بلغ عددها 600 ألف في عام 1929».
ويؤكد حميدة أن تدمير الماشية هو عامل رئيس وراء الإبادة الجماعية وموت ما لا يقل عن 60 ألفا في المعتقلات في عام 1934.
إثيوبيا
وفقا لما اعلنته الحكومة الإثيوبية، فقد أدى الغزو الإيطالي للبلاد إلى مقتل ووفاة ما يقارب 400 الف مواطن أثيوبي.
مجازر ألمانيا في إفريقيا
في ناميبيا مات ما بين 24- 100 ألف من الهيريرو، و10 آلاف من الناما، وعدد غير معروف من البوشمن في الإبادة الجماعية التي ارتكبتها ألمانيا مع مطلع القرن العشرين.
وفي تنزانيا
طالب السفير التنزاني ببرلين،
عبد الله بوسي، الحكومة الألمانية بتعويضات حتى يمكن "للألمان أخيرا تحمل المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان في الحقبة الاستعمارية وأن يأخذوا ما حصل في بلادنا في الماضي على محمل الجد".
جاء حديث السفير ضمن حوار تم في سنة 2021 مع صحيفة "تاغس شبيغل" الصادرة في برلين، ذكر فيه ان الألمان قتلوا 250 ألف شخص من التنزانيين خلال الفترة 1905 - 1907 .
ولبريطانيا جرائمها
في كينيا
ذكرت لجنة حقوق الإنسان الكينية أن 90 ألف كيني أُعدموا وعذبوا أو شُوهوا خلال الحملة التي شنتها بريطانيا ضد انتفاضة الماو ماو في كينيا خلال الفترة 1952- 1960، كما أودع 160 ألفا في معسكرات الاعتقال في ظروف قاسية.
وفي الهند
تسببت الإمبراطورية البريطانية في مقتل 100 مليون هندي خلال 40 عاماً فقط اي ما بين 1880 - 1920.
وفي عام 1943 مات 4 ملايين بنجالي عندما ارسل تشيرشل الطعام إلى الجنود البريطانيين في دول أخرى بينما يعاني البنجاليون من المجاعة، وعلق على ذلك بقوله: "أكره الهنود".
جرائم البلجيكيين في الكونجو
اتبع المحتلون البلجيكيون منهج قطع أيدي الكونغوليين وأطرافهم، بما في ذلك الأطفال، لزيادة إرهاب السكان وإخضاعهم.
وكان على الجنود إذا أرادوا أن يثبتوا لضباطهم أنهم لم "يهدروا رصاصاتهم على الحيوانات" أن يحضروا تلك الأطراف معهم. وفي بعض الحالات، يمكن للجندي تقصير مدة خدمته من خلال جلب عدد أكبر من الايادي لذلك فقدت الكونغو في غضون بضعة عقود ما يصل إلى نصف عدد سكانها الذي كان يبلغ 20 مليون إنسان.
الغزو والاحتلال في عصر " القوانين الدولية"
كانت الإمبراطوريات في العصور الغابرة تتبع قانون الغاب حيث يعتدي القوي على الضعيف، لكن الغريب ان يستمر النهج نفسه بعد تطور التشريعات والقوانين الدولية التي تعترف بسيادة الدول وتمنع انتهاكها وبعد تاسيس المنظمات الدولية التي تسهر- نظريا- على حماية استقلال الدول لكن الغربيين وظفوا تلك القوانين والمنظمات الدولية لخدمة أهدافهم وإذا لم تسعفهم تلك القوانين وتدعمهم المنظمات التي أسسوها في عدوانهم على الشعوب الأخرى فانهم يضربون بها عرض الحائط ليطبقوا قانون الغاب الذي كان سائدا في العصور السابقة.
الاحتلال الأمريكي للعراق
كانت ذريعته امريكا وتابعتها بريطانيا في الغزو هي زعم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، فاحتلوا دولة مستقلة وفككوا جيشها واستباحوا الأعراض وسفكوا الدماء ونهبوا الخيرات وقد نتج عن هذا الاحتلال خسائر بشرية قدرت بمليون قتيل ومصاب وملايين المشردين، وخسائر مادية تقدر بتريليونات الدولارات وانزلاق البلاد في حروب اهلية دامية.
هذه الأرقام الفلكية التي مرت معنا من عدد قتلى وضحايا الغزاة والمحتلين إنما تؤكد طبيعة المستعمرين- المستخربين- في عشقهم للقتل والتدمير والإبادة ومع ذلك لا يتورعون عن الحديث عن احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان وهم اول من يكفر بكل ذلك اذا كان يعارض أهدافهم.
فلا غرابة في أن نرى المحتلين يمارسون الإبادة الجماعية بحق الأطفال والنساء والشيوخ في غزة وقد جاء الغربيون مهرولين يمدونهم بأحدث الأسلحة الفتاكة مع دعم سخي بوسائل التكنلوجيا الحديثة فضلا عن الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي والإعلامي لتسويغ جرائمهم وتقديمها للعالم "حقا في الدفاع عن النفس".. إنه الحلف نفسه ينقذ قلعته الاستخرابية الأمامية فيرعاها ويدعمها ويجرم اي انتقاد يوجه إليها مهما كان بسيطا.. لأن أصحاب هذا الحلف احترفوا قتل الشعوب وإبادتها وهذه مجرد حلقة أخرى من مسلسلاتهم الدموية.
وقد أتقنت قلعتهم هذه - دولة الاحتلال- مهمتها التي كلفت بها منذ زرعت في هذه الأرض المباركة.
فحسب تقرير حكومي فلسطيني صادر في مايو 2024، فإن نحو 134 ألف فلسطيني وعربي قتلوا في فلسطين منذ "النكبة" عام 1948، إلى جانب تسجيل نحو مليون حالة اعتقال منذ "نكسة" عام 1967.
إن المأساة التي نشاهدها اليوم في غزة ما هي إلا نسخة طبق الأصل لجرائم الصليبيين في القدس والشام عموما وجرائم التتار في بغداد وجرائم الفرنسيين في الجزائر وجرائم الإيطاليين في ليبيا وجرائم الامريكيين في العراق مع فروق كثيرة من اوضحها أن ما يحصل في غزة من مأساة يشاهده العالم على الهواء مباشرة وينفذه اكبر واقوى تحالف دولي في العالم ضد شعب اعزل محاصر في بقعة جغرافية ضيقة مع خذلان واضح من بعض ذوي القربى.
فمهما تطور الفكر وزاد الوعي وارتفع الصوت بادعاء حماية حقوق الإنسان واحترام القوانين الدولية يبقى قانون الغاب هو المسيطر حيث يسحق القوي الضعيف كما يشاهد العالم في غزة بالصوت والصورة.. لأن القوي محمي والضحية لا سند له بل هو " المجرم" في عيون المسيطرين المهيمنين على العالم اليوم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين