بقلم :سيدى محمد ولد الفالى
من المعلوم عندنا نحن معشر المسلمين أن الوقوع فى أعراض الناس أمر لا يقره الإسلام بل يرفضه ويمقته أشد المقت ، فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه - أو كما قال رسول الله صلى عليه وسلم – فاستباحة أعراض المسلمين بشكل عام أمر خطير لما يترتب عليه من التباغض والتنافر – هذا إذا كانوا أحياء – أما تناول الأموات بما يسوء فهذه مسألة لا يقدم على فعلها إلا من تجرد من كل الأخلاق والقيم ، ورغم ذلك نجد اليوم من يتجرأ ويحاول النيل من أشرف وأرفع رجل عرفه هذا البلد ألا وهو الأستاذ المختار ولد داداه - رحمه الله تعالى- ، ولست هنا بصدد الدفاع عنه لأنى لن أقول عنه إلا ما يعرفه جميع الموريتانيين بل إن سمعته وخصاله الحميدة ملأت الآفاق ، فأقول ببساطة واختصار شديد إنه كان رحمه الله تعالى مناضلا سياسيا بارعا ، استطاع بحنكته ولباقته ، ونضاله الذى لا يكل وحبه وإخلاصه لوطنه ، العمل من أجل تحرير وطنه من نير الاستعمار ، فكان له ما أراد سنة 1960 ، كما هو معروف فكان كفاحه تتويجا للمقاومة الوطنية الباسلة ، ورغم صعوبة الظروف التى اكتنفت أيام الاستقلال الأولى فقد استطاع القائد الراحل ورفاقه من أبناء هذا البلد المخلصين تجاوز كل العقبات ، فأسسوا العاصمة السياسة التى هي عبارة عن صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا مرعى فلم يترك الاستعمار بنى تحتية ولا أي شيء يمكن التأسيس عليه ، لكن الإرادة القوية والتصميم عند هؤلاء كانت أقوى من كل الظروف ، فلم ولم يهنوا بل واصل جهودهم الرامية إلى بناء دولة حديثة ذات سيادة وحاضرة فى كل المحافل الدولية على علاقة وطيدة بمحيطها العربي والإفريقي ، فالرئيس بحنكته ولباقته توطيد علاقاته بمختلف قادة العالم خاصة نظراءه العرب والأفارقة مما مكنه من لعب أدوار مهمة لصالح القضية الفلسطينية – قضية العرب المركزية – كما أنه ساند وبقوة كفاح الأفارقة ضد التمييز العنصري فى جنوب إفريقيا وظل يزاول نشاطه وكفاحه من أجل تثبيت أركان دولته حتى انقلب عليه العسكر سنة 1978 وأدخله السجن وعانى داخله فترة من الزمن تعرض خلال للمرض نتيجة سوء ظروف معتقله وبعد تدهور حالته الصحية تم إطلاق سراحه و نقله إلى فرنسا واستقر فيها ، مع زار دولا عديدة وقدم الدعم والمساندة للطلاب الموريتانيين المتواجدين فى تلك البلادالتي زارها . كما ظل على صلة ببلاده ومهتما بقضاياها دون التورط فى السياسية ومتاهاتها حتى وافاه الأجل رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جناته .
هذا الرجل الذى كرس حياته لخدمة بلده ودعم قضايا أمته العادلة ، نجد اليوم من يتطاول عليه ويحاول النيل منه ، فلم نكن نتوقع أن يطل علينا أي شخص مهما كان موقعه وكيفما كانت توجهاته ويتناول شخصا لم يعد فى عالم الحياة ويجب الإمساك عنه أو ذكره على الأقل بما يعرف عنه من خير ، إلا مفاجأتي شخصيا كانت كبيرة حينما شاهدت السياسي والنائب بدر الدين يتحدث عن المرحوم المختار ولد داداه بالطريقة التى تحدث بها ، فكان جدير به أن ينشغل كالعادة بتلك الأمور لتى ألفها الموريتانيون منه طيلة العقود الماضية ، فنراه فى المعارضة أشرس المعارضين وتارة أخرى من أقرب الموالين فهذا الترحال وهذا التكيف والتأقلم أمور مألوفة ، لكن تناول شخص يجمع الموريتانيون على تقديره واحترامه كالرئيس المختار ومحاولة النيل منه لعمرى لأمر غير مستساغ .