هبة الرئيس والوظائف الصورية

اثنين, 2016/03/14 - 12:00
أحمد أبو المعالي

في مقابلة مع الأخ والزميل عبد المجيد ولد إبراهيم  أثار الدكتورالشيخ ولد  الزين عضو المجلس الإسلامي الأعلى  قضية مهمة وحساسة ،وكان شجاعا وصادقا في الحديث عن المؤسسات الدينية الرسمية في البلاد وعن عدم  أدائها الأدوار المنوطة بها وهو من باب وشهد شاهد من أهلهاثم إنه  اعتراف يستحق التحية والتقدير

والمعروف أن العاملين في مثل هذه المؤسسات العلمية قدوة لسواهم وحملة لهذا الشرع الكريم وحجة الله على عباده لما يحملونه من إرث النبوة الذي أخذوا منه  بحظ وافر ...فطوبى لهم بذلك

ومع ما في الاعتراف من الصراحة والشجاعة إلا أنه يطرح سؤالا كبيرا حول شرعية المؤسسات والوظائف الصورية سيما إن حملت مسميات ذات مفردات دينية

فهؤلاء العاملون في هذه المؤسسات يخضعون لقانون معين ولديهم برامج محددة وأهداف معينة يجب عليهم تنفيذها ومن المشكل أن يعترف هؤلاء أنهم لا يقومون بالأمانة ولا يرعونها حق رعايتها ..لكن لنفترض أن الاعتراف بداية التصحيح.

وتبلغ الإثارة قمتها  في المقابلة عند ما برر استلام رواتب لايقدم ذووها أي خدمة للمجتمع ولا يؤدون الوظائف  الموكلة إليهم والتي على أساسها تم انتقاؤهم وتعيينهم ,,وبأداء تلك المهام استحقوا جزءا من مال الله الذي استخلف عليه ولاة الأمور.إذ برر ذلك بالقول إنها عطايا وهبات السلطان يجوز قبولها..

والواقع أن هذا التبرير يتضمن إطلاقا يحتاج مراجعة علمية  وتمحيصا دقيقا  وتدقيقا فقهيا وحينها لا يستقيم عوده ولا يزكى شهوده.

فصرف أموال المسلمين للأفراد لا يخلو  من مسألتين إما أن يؤدوا الأدوار المنوطة بهم  والمهام الموكلة إليهم مما يقومون به من مصالح الشعب فيستلمون جزءا من هذا المال (الرواتب) مقابل قيامهم ببعض المصالح الكبرى للوطن وإما أن يقوم بهم من الحاجة –حسب التعبير الفقهي- ما يوجب  على الجهات المعنية سدها إن كانوا في شدة الفاقةوالعوز  شأنهم شأن كل الضعفاء والمحتاجين في الأمة .

وفي حالة السادة الأجلاء إن انعدمت الصفتان فقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز في غير هاتين الحالتين تخصيص أحد بشيء من المال العام من دون المسلمين  وقد علل الفقهاء ذلك بكونه لاتوجد مصلحة في إعطاء غير المستحقين كما هو منصوص في الكتب مبثوث في المصادر

وحري بالسادة الأجلاء الذين يتولون التوقيع عن رب العالمين أن يتحروا الحلال  في الكسب وأن يكونوا قدوة للناس في التعفف عن المال العام إن فقدوا الأحقية في ذلك

وفي الحالة ألأخرى عليهم  توضيح الحكم الشرعي فيما يستلمون من رواتب شهرية مقابل مسميات وظيفية  معينة  يفترض أن تقدم خدمة للأمة ..أو عليهم أن يتجنبوا الخوض في الحديث عن التعفف عن المال العام ،أو وعظ الناس وإرشادهم إلى عدم مد الأيدي لما لايحل من المال عاما أوخاصا.. فحجة هبة السلطان شعار سهل لكل من يتخوض في المال العام ولو اتكأنا عليها  لأخذ من شاء  ما شاء تحت تلك اليافطة ولا يمكن لأي عاقل أو ذي حظ من العلم أن يقر ذلك أو يبصم عليه

والسادة الفقهاء أدرى بأن خطورة المال العام  أشد من الخاص لأنه بالاستحواذ عليه وأخذه دون وجه حق يكون "الآخذ" قد اعتدى على كل فرد له الحق في ذلك بخلاف المال الخاص الذي لايتجاوز ذمة واحدة..فهل  سيستجيب  أصحاب الفضيلة  لظواهر النصوص والنقول التي تمنع عطاء من لا يملك لمن لايستحق ..أم سيجنحون للتأويل ولي أعناق بعض النصوص والأحداث التاريخية .؟

.أختم بهذا الحديث  الذي يعرف سادتي الأجلاء عظيم ما وعد به

(إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار(

أحمد أبو المعالي