إنصافاً للحق ووفاء بالعدل .. نعم الشيخ وجدي غنيم متطرف |
الخميس, 23 فبراير 2012 00:24 |
بسم الله الرحمن الرحيم
المختار ولد آمين موريتانيا ما يزال ربنا سبحانه وتعالى يقيض - بين الفينة والأخرى - لهذا الدين ومنهجه الحق وقائعَ وأحداثا تصحح المسار ، وتقوم الأوَد ، وتضع السائرين على متن الجادة كلما التبس الأمر أو اختل الميزان . ومعلومٌ أن من ملامح منهج الإسلام الحق الوسطيِّ إيضاحَ الخط الفاصل بين قدسية المبادئ – وهي نفسها درجات – وبين مكانة الأشخاص الذين إنما يحصلون عليها بقدر قربهم من تلك المبادئ . ومن مقتضى ذلك أن يستحق الأشخاص من الحب والتقدير ما لا يكون على حساب حب وتقدير المنهج المطلوب من الجميع السير عليه ، ويُصيغ ابن القيم هذا المبدأ بعبارته الرائقة في المدارج : "شيخ الإسلام حبيب إلينا ، والحق أحب إلينا منه". كما أن من ملامح المنهج الوسطي أن الحي – مهما علمنا انتهاجه الحق – يبقى معرضا طول حياته للانحراف يمنة ويسرة ، وفي هذا قال ابن مسعود رضي الله عنه : "من كان مستنا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة" . ومن ملامح المنهج الحق أن تقويم الأشخاص أو بيان انحرافهم يجب ألاَّ يتجاوز – موضوعاً وأسلوباً - (المسائل) المنتقدة عليهم ، دون ما سواها من أمور قابلة للاختلاف ، فضلا عن القضايا الشخصية للمنتقَد . ومن ملامح هذا المنهج الوسطي أن تخطئة العلماء والدعاة – إن أخطؤوا – واجب شرعي على حملة المنهج الوسطي ، وإن لم يكونوا على مرتبة المنتقَدين علماً أو عملا ؛ درءاً لمفسدتين كبريين : أولاهما : تشويه مبادئ الإسلام وحقائقه وترك الناس – محبين وخصوما – أمام تصوير فلان للدين على أنه صميم الدين ، فيفهمه المحبون خطأ ، ويستلمه المبغضون أسلحة للتهجم على الدعوة والدعاة . وثانيتهما : فتح المجال لقليلي العلم ، ومعوجّي الفهم ، وأعداء الدعوة ، وخصوم التدين للرد على هذا المخطئ ، وتصوروا – بعد ذلك – كم سيكون التجني والظلم والتشويه ! وقد عشنا بقلوبنا سنوات عديدة مع داعية إسلامي مأساةً شخصية قاسية حرم فيها من وطنه ، وحكم عليه فيه حكما جائرا قاسياً ، أعقبه أن تقاذفته دول العالم بلداً بلداً دون أن يجد من بينها بقعة يعيش فيها بكرامة الإنسان ، حتى تلك التي تحوي جمعيات لحماية القطط والكلاب !! ذلكم هو شيخنا الحبيب ، الداعية الضليع ، والخطيب المصقع ، والفكاهي الظريف ، والشجاع الجريء في الحق ، ومن لا تأخذه في الله لومة لائم : فضيلة الشيخ الدكتور وجدي غنيم ، حفظه الله ورعاه ووفقه وثبته ، ونفع به الإسلام آماداً وأزمنة . ولما انجلت عن تونس الخضراء ظلمات الجور والطغيان - وكانت القضية الأولى لنظامها الجديد الحريةَ وكرامة الإنسان - تكرم هذا الشيخ الجليل بزيارة دعوية لربوعها الطاهرة خرج شعب تونس الأبيُّ فيها إكراما للضيف الكبير ، وحبا في الدعوة ، وشوقاً للدين ، وتشوفاً للحرية ، ونصرةً للمظلوم . وتفضل الشيخ بإلقاء عدد من الدروس والمحاضرات والخطب أيقظت الغافلين ، وذكرت الناسين ، وعلمت الجاهلين ، لولا ما شابها من كلمات قليلة ، وما أعلن فيها من مواقف – صورت على أنها الدين نفسه – ساءت المحبين ، واستفزت الخصوم ، ووضعت في أيدي أعداء الدعوة والتدين أسلحة كانوا في أمس الحاجة لها ، فمعركة الحق شابة ، والطريق شائك ، والتركة ثقيلة . ولن أحتاج إلى ذكر عبارات من تلك المحاضرات بقدر ما يهمني التركيز على نقد أصول احتواها كلامه – حفظه الله – في بعض تلك الدروس : · فمن ذلك تضخيمه لنفسه ولمستواه العلمي – في أكثر من مناسبة – وتبريره ذلك بما يحمل من مؤهلات يذكر منها (إجازة القرآن الكريم برواية حفص – عالية القراءات – تمهيدي ماجستير – ماجستير – دكتوراه) هكذا يعددها الشيخ ! ولا شك أن حفظ القرآن – نص القرآن بدون تفسير – مفخرة عظيمة ، وهي أولى خطوات العلم ، ولكنها لا تذكر في المؤهلات العلمية في جانب الفهم والفقه والاستنباط وتنزيل الأحكام ، فكم يحفظه – بهذا المعنى – من أطفال المسلمين في المشارق والمغارب ؟! وما قيل حفظ نص القرآن يقال عن القراءات ، وما "عالية القراءات" التي يذكرها شيخنا سوى "ثقافة عامة" في قصيدة الإمام الشاطبي ، دون أن يصحبها توجيه أو تفسير ، ويكفي أنها – عند المصريين - أقل من الثانوية العامة بمراحل ! وأما الدراسة الأكاديمية للماجستير ثم الدكتوراه فكانت في جامعة Graduate Theological Foundation بالولايات المتحدة الأمريكية ، وبعض تلك الفترة كان شيخنا داخل سجنه المظلم ، فأي فقه تلقاه في ذلك الظرف الغريب ؟! وأسارع لأؤكد ما قلته سابقاً من أن الشيخ وجدي غنيم عالم جليل ، وداعية أصيل ، ولكن بثنيه الركب لدى العلماء ، وبالمتون العلمية التي يحفظها ، وبقراءاته الواسعة في الأمهات ، وهي المؤهلات الحقيقية للعلم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام !! · التبس على الشيخ الجليل – في أكثر من مناسبة – فهمه للدين بما هو مقتضى نصوص الدين ، وكم ادعى أن فهمه في القضية الفلانية ليس فهما ، بل هو نص القرآن أو السنة ، وفي كثير من تلك الحالات لا يكون الأمر كذلك ، كقضية الديمقراطية مثلا ، بل ربما أومأ كلامه – انطلاقا من ذلك الخلط – إلى أن مخالفه في تلك القضايا كافر ، أو ليس بمسلم ! · لم يراع الشيخ حفظه الله الأوضاع الراهنة – عالميا وتونسيا – وادعى أن مراعاة ذلك "سياسة" وأنه هو ليس سياسيا ، بل عالم دين ، ولا يلزمه عندئذ مراعاة تلك الاعتبارات! وهو أمر غريب من عالم يفترض فيه غير ذلك . أخيرا : أحب أن أختم بملاحظتين : أ – أن الشيخ يُلتمس له العذر في هذه المواقف بشدة المطاردة التي تعرض لها سنوات طويلة في سبيل الله لم تسمح له بالتفكير الكافي ، ولا بالتثبت والتريث ، فضلا عما توجبه من حالة نفسية غير متزنة . ب – أنه لا يحق لأعداء الخطاب الدعوى والعمل الإسلامي تحميل مقالتي هذه غير محملها ، ولا أن يستخدموها سلاحاً للنيل من الشيخ ، فتراب نعل الدكتور وجدي غنيم – ذاهبا جائيا في سبيل الدعوة إلى الله – خير عند المؤمنين وأحب إلى المخلصين من كل أعداء التدين والعمل الإسلامي مجتمعين . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .
|