الأساتذة المحولون .. يوميات أستاذ بين الاعتصام والاعتقال (تقرير)
الثلاثاء, 25 ديسمبر 2012 17:19

سييدي ولد سيدي أحمدسييدي ولد سيدي أحمديواصل أستاذ الفلسفة المتمرس سييدي ولد سيد أحمد إقامته في نزل غير مريح بمفوضية لكصر لليوم الثالث، يقول رفاقه إن ذنبه الوحيد هو الاحتجاج ضد قرار تحويله التعسفي من بوتلميت إلى باسكنو عقابا له على المشاركة في الإضرابين الأخيرين لأساتذة التعليم الثانوي خلال العام المنصرم.

 

استحق سيدي رفقة زملائه الخمسة المحولين من بوتلميت، علامة ترقيمية لا تتجاوز 5 /20 من قبل المدير الجهوي للتعليم في الترارزة، محمد السالك ولد الطالب.

 

سييدي مناضل بعثي مؤمن بأفكار القومية العربية، مؤمنا بأن الموت خير للمرء من الذل والدناءة، يجمعه الاعتقال مع رفيقه الأستاذ افاربا تمبورا الناشط السياسي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في سيبلبابي، إضافة إلى تيكورة ولد تيكوره أستاذ التاريخ الذي لا يؤمن بالتوجهات السياسية ولا الانتماء للأحزاب السياسية.

إلى جانب سييدي في معتقله 16 أستاذا آخرين لا يزالون رهن الاعتقال منذ صباح الأحد المنصرم لأنهم احتجوا ضد ولد باهية، في مكتبه، وبالتالي قررت السلطات الأمنية إطالة أمد اعتقالهم أكثر من ذي قبل، وفي المقابل قررت الشرطة الإنهاء القسري للاعتصام المفتوح الذي استمر قرابة ثلاثة أشهر في مباني وزارة التعليم دون أي تجاوب من الوزير ولد باهية وأمينه العام ولد باهيني مع مطالب الأساتذة.

ضاق ولد باهية ذرعا بجدال سييدي ولد سيدي أحمد في آخر لقاءاتهما، حين أصر ولد باهية على أن المجموعة المحولة هي 108 وأن 40 منها قد التحقوا بأماكن عملهم،فيما بقي 20 فقط، ليسائل سييدي دكتور الرياضيات ولد باهية أين أخفى
" الأربعين الباقية"، ولهذا قرر الاستعانة بصديق للإجابة على ذلك السؤال ولم يكن الصديق هذه المرة غير الشرطة، التي تحتفظ بسييدي ورفاقه منذ صباح الأحد المنصرم

 

عقاب عام

 

الطفل محمد ولد سيبويه في انتظار والده الأستاذ المعتقليرى الأمين العام للنقابة المستقلة الأستاذ محمدن ولد الرباني أن جذور الأزمة الحالية تعود إلى مطلع العام الدراسي الحالي حينما قرر ولد باهية عقاب 108 أستاذا بناء على تقارير طلبها من المديريين الجهويين.

ووفق ولد الرباني فقد رفضت كل نقابات التعليم الثانوي التوقيع على المذكرة العقابية، لكن ولد باهية لم يعر أي اهتمام للقضية وأمر بتعليق المذكرة.

انفجار الأزمة لم يمنع ولد باهية من رفض كل الحلول التي تقدم بها الوسطاء، كما لم يمنع الأساتذة أيضا من مواصلة ما يعتبرونه الحق المشروع في النضال.

وكانت نقابة المحامين الموريتانيين قد راسلت ولد باهية بما اعتبرته الخرق القانوني لحق الإضراب، وطالبته بالتراجع عن القرار " العقابي".

ومنذ ثلاثة أشهر توزعت يوميات الأساتذة المحولين بين مكاتب الوزير ومطاردته أنى اتجه، وبين مفوضيات نواكشوط وخيمة الاعتصام ومسجد الوزارة وأشجارها.

 

قطع الأرزاق

ويقول الأساتذة إن الوزير ولد باهية يشرف بشكل شخصي على عقابهم ولا يكل ذلك إلا مساعديه، حيث طلب منذ اليوم الأول إمداده بلائحة الذين لم يستجيبوا لقرار التحويل، ليحيل لائحة بأسمائهم إلى وزارة المالية من أجل تعليق رواتبهم.

ويضيف هؤلاء إن الوزير تغافل عن أكثر من 500 أستاذ ومعلم " مسيبين " في الوزارة،كما رفعت ذلك تقارير مصلحة الأشخاص بداية العام الدراسي الحالي.

ويواصل الأساتذة المعتصمون صبرهم بدون رواتب للشهر الثالث على التوالي وسط رفض قاطع منهم للتوجه إلى " المنافي " الجديدة، وفق تعبير عدد منهم.

وكانت الوزارة قد انتهجت سياسة العقاب الاقتصادي للأساتذة منذ العام المنصرم حيث قطعت علاوات كل الذين شاركوا في الإضرابين الأخيرين كما اقتطعت راتب شهر الإضراب كاملا.

ووفق أدبيات أساتذة التعليم الثانوي فإن الراتب الشهري الذين يحصلون عليه من الوزارة " لا يسمن ولا يغني من جوع" فكيف إذا تم اقتطاعه بشكل كامل.

ووفق الأساتذة، فقد بدأت البنوك تضغط على الأساتذة المقترضين من أجل تسديد الدفعات الشهرية، بعد أن توالى انقطاع الرواتب منذ ثلاثة أشهر، وهو ما يفتح باب أزمة جديدة.

الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأساتذة، دفعت الأستاذ كي مامادو إلى البكاء، مؤكدا في حوار مع الأمين العام لوزارة التهذيب أحمد ولد باهيني أن " المذكرة التي وقع عليها قطعت أرزاق أسر وتسبب في حالات طلاق".

 

انتقام سياسي

الشرطة والأساتذة شركاء في قطاع التعليممصادر رفيعة في وزارة الدولة للتهذيب قالت للسراج إن وزير الدولة أحمد ولد باهية سوق عقابه لأساتذة التعليم الثانوي باعتباره جزء من حملة السلطة ضد معارضيها، ووفق المصادر فإن ولد باهية أقنع الرئيس محمد ولد عبد العزيز بأن العقاب المذكور يتعلق بأشخاص محددين محسوبين على حزب تواصل، ولهذا حصل على الضوء الأخضر لذات الغرض.

ويقول الأساتذة إن عدد المنتسبين إلى تواصل من بين المجموعة المتضررة قد لا يتجاوز 10 أشخاص أغلبهم رضخ أغلبهم للتحويلات التعسفية، وغادروا إل حيث حولهم ولد باهية.

واعترف وزير الدولة للتهذيب في آخر لقاءاته مع مناديب المحولين بأنهم " غير سياسيين" مضيفا" لكن المعارضة تستغل قضيتكم".

الأساتذة تحت الشجرةوكان الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد ألمح هو الآخر إلى الجانب السياسي في قضية الأساتذة خلال لقائه التلفزيوني قبل أسابيع، عندما قال " إن الأساتذة يتهمون الوزارة بأنهم حولتهم عقابا على مواقفهم السياسية، وعليهم هم أيضا أن لا يسيسوا القضية.

 

الأمن : راع وسجان

 

آخر حلقات الاتصال بين وزارة الدولة للتهذيب والأساتذة المحولين تعسفيا كانت عبر وساطة من إدارة للأمن، حيث قرر المدير الجهوي للأمن في نواكشوط رعاية مفاوضات بين الطرفين، حضرها لأول مرة مستشار الوزير الدكتور ازيد بيه ولد محمد محمود الذي اعتبره مناديب الأساتذة " شاهد خير وحاضرا إيجابيا".

لكن المفاوضات وئدت في مهدها بعد أن رفض ولد باهية العرض الذي تقدم به الأساتذة، وطلب منهم الانتقال الفوري إلى حيث حولهم قبل أي حوار.

ثم كانت الخطوة الموالية، هي الاعتقال والنقل إلى ثلاث مفوضيات رئيسية في نواكشوط.

وفيما تتعقد العلاقة بين وزارة للدولة للتهذيب والأساتذة، وينتهي الحال بإغلاق الأمين العام للوزارة بابه عليه، واعتماد نافذة صغيرة يتلقى منها مراسلاته الإدارية، يقول الأساتذة إن بابا كبيرا لا يزال مفتوحا أمامهم، وهو باب الدعاء..

لكن ولد باهية يرد عليهم بكل ثقة .. بأن دعاء المظلوم لن يصل إليه.

 

  الأساتذة المحولون .. يوميات أستاذ بين الاعتصام والاعتقال (تقرير)

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox