الرهان على الشعوب أيها الحكام، لأن ساعتها آتية لا ريب فيها/ محمدو احظانا

أربعاء, 2025/02/05 - 07:20

لم أر في تاريخ البشرية استثناء لمتلازمة: ادعاء الألوهية من الطغاة مع انهيار الامبراطوريات التي يحكمونها. 
ذلك الشعور المروع والمدمر -حسب استنتاجي- يعود إلى ثلاثة عوامل:
1- سكرة القوة المطلقة:
 التي يدعي زعماء الامبراطوريات وأباطرتها، أنهم يملكونها فهم أقوى بها من القدر ذاته. ولذلك يتصرفون وكأنهم آلهة: ودستورهم دستور معروف:
((من أشد منا قوة؟!).

2- سكرة استحلاء الظلم والطغيان: وهذه السكرة تقود نخب الامبراطوريات الحاكمة إلى هواية الجور على الجميع، أقوياء وضعفاء.

3- سكرة الغرور
وهي أخت توأم لسكرة القوة ومكملة لها. وفلسفتها أن القوة الحالية للامبراطورية القوية الظالمة قوة أبدية، مطلقة. ومن مشتقاتها المصطلحات: سادة إلى الأبد. مسيطرون إلى الأبد. أقوياء إلى الأبد. محتلون إلى الأبد، مخوفون إلى الأبد..

هذه السكرات الثلاث تظهر في التوهج الأخير للامبراطوريات الغاشمة. لكنها سكرات عنفوان تتحول فجاءة إلى سكرات موت متطاول أو مفاجئ. وهو قادم لا محالة كما يؤكد استقراء التاريخ العام للأمم.
ولم تتوقع امبراطورية طريقة سقوطها قط، بل يأتيها الخراب من حيث لا تحتسب. فطرائق الزوال محجوبة عن الزائلين، لأنهم لو علموا بها لتفادوها.

وثمة مواقف لدى الأمم المستضعفة من سكرات الامبراطوريات الطاغية تتفاوت في النجاعة.
وقد أثبت التاريخ الإنساني أن الأمم المستهدفة ابتدعت طرقا عديدة ومناهج مختلفة لاستيعاب سطوة هذه السكرات، تدور أساسا حول:
1- طريق الجبن والاستسلام.
وهو أسوأ الطرق وأعوجها وأخطرها، لأنه يؤدي إلى سحق المستسلمين الخانعين تحت جزمات الامبراطوريات. 
لأن الجبن لم ينقذ شعبا في التاريخ أبدا من الهلاك والاستعباد؛ فهذا الخيار الجبان و إن بدا أسهل في البداية فإنه باهظ التكلفة ماديا ومعنويا، خاسرا جدا في النهاية.
2- تبني منهج الشجاعة والصمود المادي والرمزي في وجه طغاة الامبراطوريات الغاشمين.
وهذا الخيار يتطلب الوعي بأن الطغاة ليسو آلهة، ولاهم بقدر محتوم، وأن سكراتهم عرضية مؤقتة لابقاء لها، وأن سطوتهم جولة وتزول.
هذا الخيار يبدأ خاسرا وينتهي رابحا جدا، ماديا ومعنويا.

موجبه أن طغاة العالم اليوم ليسو آلهة، ولاهم خالدون، فلتتماسكوا ياقادة النخب السياسية الحاكمة، واعلموا أن لا ملجأ في خيار الاستسلام والاستخذاء. فكونوا رجالا واختاروا إحدى مواجهتين لاثالثة لهما: 

-  مواجهة مشاريع الطغيان وسكراته.
- أو مواجهة شعوبكم.
ولن تكون المواجهة الثانية أقل ضراوة ولا خطورة على على العروش من المواجهة الأولى.
أنظروا أمام أقدامكم أولا ياحكام، ولا تكونوا مثل طاليس اليوناني الذي سقط في حفرة عميقة لأنه كان يمشي وهو يراقب نجوم السماء.
المستقبل للشعوب فراهنوا عليها أيها الحكام، لأن ساعة الشعوب آتية لاريب فيها.