
تصريحات ولد عبد العزيز لا تبشر بحوار جدي، فالمخاوف حول حواره مبررة، ولا يمكن استبعادها باختصار، حيث يخشى الكثيرون أن يمرر ولد عبد العزيز وفريقه العسكري والمدني، عبر هذا الحوار المرتقب تغييرات دستورية لا تخدم التناوب الحقيقي الشفاف، فإما أن يبقى أو يخلف من يحمي مصالحه قبل مصالح الوطن طبعا. "سنيم" في طريقها إلى الدفن لا قدر الله، إن لم تحدث مفاجأة كبيرة، في سعر الحديد على الصعيد الدولي، وذلك غير منتظر عند العارفين بالقطاع قبل أفق 2017 على الأقل، وطبيعة تسيير ولد أوداعه مقززة للجميع، حتى أن الصحافة لم تسلم منه لمجرد دخول جاد في ملفات التسيير الفاشل الاقصائي التمييزي، على مستوى شركة "سنيم" بوجه خاص. ومن الغريب أن يمنح اشتراكات ومعونات للإعلام الخاص، بشكل محدود لفريق المدلسين من هذه الصحافة المتزلفة، وفي المقابل يطالب أقلام حرة من أمثال صمب سي وحنفي ولد الدهاه وغيرهم بملياري أوقية، عبر طلب النيابة التي وصلتها شكواه قبل أشهر. وفي مجال آخر، سفير دولة آسيوية كبيرة، يتحدث سرا قبل انتهاء مأموريته بفترة وجيزة، عن الوضع المأساوي في موريتانيا، قائلا: "المستثمرين المهمين لديكم غادروا وآخرون أحجموا عن الإقبال، لأن القضاء ضعيف ولا توجد باختصار ضمانات للاستثمار في موريتانيا، والضرائب انتقائية وفوضوية، ورئيسكم لا قيمة للوقت عنده، حيث يستدعيني، يقول السفير الآسيوي الكبير، ثم يتأخر عن استقبالي وموعده المحدد بساعتين ونصف، وبالتالي صرت منذ بعض الوقت مضطرا للتأخر عن موعده، كما أننا لا نرى للتنمية مستقبلا في بلد لا يحترم الوقت والمواعيد، فالوقت عندنا هناك هو أساس وعصب التنمية والحياة كلها".اختيار الصينيين، وبشمركة الشركات الصينية بوجه خاص، مثل التي استورد بعض مقربي ولد عبد العزيز "هوند جونغ"، مقابل خصومات ضخمة وجرف المياه الموريتانية، عبر استنزاف الثروة السمكية. أقول اختيار هذه الشركات الصينية الراشية طبعا، أثر على مستثمرين جادين من نفس المنطقة على وجه الخصوص وحرك مثل هذه التصريحات من قبل سفير دولة آسيوية ذات وزن كبير على الصعيد الاقتصادي العالمي، وأبعد في المقابل تقريب الصينيين ومن مستويات وشركات دنيا على وجه العموم، أبعد الاستثمار الآسيوي وغيره لما ذكر من عوامل طاردة أصلا للاستثمار، والتي أشار إليها بدقة السفير المغادر. ولاشك أن بقية السفراء لكل واحد منهم همسته، لأصدقائه الخصوصيين محليا، ولجهته الرسمية التي يمثلها لتصبح موريتانيا في المقابل معزولة من قبل أغلب المستثمرين والجهات الدولية الفاعلة في مجال الاقتصاد والاستثمارات ذات الوزن، ولم يبقى إلا "بشمركة" المستثمرين، الذين يأخذون طبعا أكثر مما يعطون ولا يتعاملون غالبا مع الخزينة العامة وإنما مع النظام رأسا ومافياه، على حساب الدولة والشعب معا، والنظام بالمعنى الضيق خلاف الدولة والشعب بالمعنى الواسع. والنظام الموريتاني عند البعض متهم بالتنسيق مع القاعدة وغيرها ربما، مقابل تأمين الحدود وبقاء النظام، بعيدا عن الزوابع الكبيرة،هذا التأمين الهش المصير والمآل طبعا، إن افترضنا صحة وجود هذا التنسيق الخيانة، لغموض هذا الخبر المروج له على نطاق واسع، وحتى في أوساط البسطاء من المواطنين، لأنه مفزع حيث جعل النظام الموريتاني إلى جانب تهاونه المعروف المزمن فى محاربة المخدرات، متهم أيضا في نظر الكثيرين بالإرهاب، والصلة بالمجموعات المتهمة عند البعض محليا ودوليا بهذا الإرهاب والتهريب بشتى أنواعه. كما أن هذا النظام متهم بالتمييز في منح الصفقات، وشيوع الفساد ورواج الوساطة والمنفعة الضيقة، على حساب أبسط معايير العدل عموما وفي منح الصفقات والمقاولات خصوصا، رغم قسوة شروط هذه المقاولات والمشاريع الرسمية الممنوحة للتاجر العادى نادرا، وقد لا يحصل عليها وقد لا يسلم من إنجازها في العاقبة والمحصلة، إن لم يجد تسهيلات خارقة، قد لا تتوفر غالبا إلا لأقارب الحاكم العسكري الانقلابي المتغلب أو من يدخل في شبكة الحجابة والتبتابة الكبار، وربما أحيانا وسطاء الدعارة على غرار مماثل ولو بنسبة أقل، لنظام القذافي، وقد سجلت حالة على الأقل مثبتة لدينا عين على إثرها رئيس مجلس إدارة جرى إتصال بين حرمه وجهة عليا بكامل معنى الكلمة. هذا جد خطير، نظام إغتصب السلطة والثروة والعرض، اللهم سلم...سلم.... قال الله تعالى: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" وقال تعالى: " وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا". النظام الموريتاني القائم يمارس –وبدون شفقة-سياسة الأرض المحروقة. فرغت الخزائن وجوعت البطون وهربت الأموال وخربت المؤسسات، الضعيفة أصلا، وبقي البلد مرتهنا، في يد عصابة الحكم المغتصب والمال العمومي المسروق، كما بقي مرتهنا ومنذ أمد لدى عصابة المخدرات وعصابات الإرهاب والتهريب المتنوعة، أجل أيضا مرتهن أيضا في يد إحدى دول الخليج، التي منع بسببها أمس حزب موريتاني من نشاط تضامني مع حزب الله اللبناني. وبغض النظر عن موقفنا من هذا الحزب، وذاك المثار حوله الجدل على صعيد الشرق الأوسط بشكل خاص، إلا أن منع هذا الحزب الموريتاني من نشاطه، يؤشر بقوة لارتهان نظام ولد عبد العزيز للنظام السعودي بامتياز، ربما للعب أدوار من قبل النظام الموريتاني لا نصلح لها وليست نظيفة تماما ربما، وقد تكون محصلتها الاسترزاق والمشاريع الورقية للتضليل والإيقاع في المنزلق اليمني والشرق أوسطي عموما، وبكامل تناقضاته لتحويلها على الأقل جزئيا في جانبها السلبي إلى المسرح الموريتاني الموبوء أصلا، والذي يكفيه ما فيه. وفى هذا السياق تأتي ربما "القمة العربية الغريبة"، وربما للإيقاع ببلدنا في فخ قد لا يخرج منه بسهولة، لأننا بإيجاز لا نستطيع على الأقل تأمين الضيوف. فرغم أن هذا البلد فيه بركة وعافية ما، أكل منها الغبن وحرمان الشرفاء والسواد الأعظم من المواطنين بوجه خاص، فلم يبقى من هذه البركة، إلا ما يحمي المظلوم وقد لا يصل الظالم وضيفه نفس المستوى من الحماية، هذا الضيف المرتقب المتجاهل لمأساتنا، وبخطر حقيقي محدق قريب، قد لا نحسد عليه، للأسف البالغ. دولتنا لا تصلح لاستقبال الضيوف الكبار، سماحا، لأننا في ورطة حقيقية متصاعدة خانقة، قد لا يتجاهلها بسهولة صديق مشفق أو بعيد عاقل مدرك لمخاطر هذه المعطيات وغيرها من التحديات الأمنية والسياسية، ذات الطابع الإستعجالي المفزع بحق. وطبعا قد يبقى عبد الفتاح السيسي الرئيس المصري، من اقل الرؤساء حظا للسلامة من الاستهداف بوجه ما، لقوة التيار الإسلامي في بلدنا، والمقترف في حق الشعب المصري وخصوصا أحداث "رابعة والنهضة المروعة، التي حصلت في أول أيام الفطر، بعد شهر رمضان مفعم بالعبادة ورفض الانقلاب وسلب الكرامة والتحايل على صناديق الاقتراع، بعد أن سجن الرئيس الشرعي محمد مرسي وأطلق العنان لصديق الصهاينة ومافياه عبد الفتاح السيسي. اللهم انتقم منه وأبعد فتنته عنا، ولا تمنحه فرصة وطء قدميه أرضنا الطاهرة، وعموما لا داعي للمزيد من الإحراج لسمعة موريتانيا، وأمنيا بوجه خاص هذه المرة، عندما يفرض على بلدنا استقبال ضيوف لا نستطيع توفير حراستهم بوجه مثالي، ولأننا على الأقل نقدر أدبيا الحرمات العربية، وحتى لو كانت رسمية، ظلم أصحابها شعوبهم وخانوا أمانتهم الثقيلة. نعم نتحفظ من هذه القمة، بل ونرفضها، لا رفضا للعروبة ومن يحمل عنوانها، وإنما وعيا منا لخطورة انعكاسات ومفاجآت هذه القمة العربية الغريبة، وخصوصا حين لا قدر الله يحصل أي مكروه لأي مسؤول عربي سام فوق هذه الأرض العربية الإسلامية العريقة. أرض شنقيط أرض المرابطين، أولى وأحرى إن كان هذا المسؤول زعيما عربيا، إن صح الإطلاق، ومهما كانت طبيعة أدائه في بلده أو خارجه. القمة العربية المرتقبة في نواكشوط 25 يوليو2016 –إن كان عزيز وقتها في الحكم- ستكون على الأرجح بأقل تمثيل، لأسباب كثيرة ، من ضمنها طبعا خطورة الإقليم الذي توجد فيه موريتانيا ولو كانت موريتانيا آمنة في حيزها الجغرافي ، إلا أن أطرافا عديدة قد تستغل الفرصة وقد لا نملك القدرة لرد الخطر عن الضيوف "الكبار" المحتملين. كل هذا يتطلب حسابا وحذرا، فالوقاية خير من العلاج، والحل عندي إلغاء هذا الموعد وتأجيله لوقت أنسب، فوضع المنطقة أمنيا ووضعنا الخاص من عدة أوجه لا يتناسب مع نشاط عربي بهذا الحجم، بغض النظر عن طبيعة مثل هذه النشاطات "القمم العربية"، لأنها مجرد حضور كبير وزخم إعلامي كاذب ينتهي ببيان خادع، لا يؤثر في حصار الأقصى أو تحرير فلسطين أو حل الخلافات العربية-العربية الممزقة للصف العربي الشقيق الغالي. وباختصار وعلى ضوء هذه المعطيات المختلفة، بشأن النظام الموريتاني وما تعلق به من تحديات، لا منقذ للبلد إلا حوار جاد شفاف، وبكامل معنى الكلمة، وإن لم يحصل هذا الحوار بهذا الوصف، فالاحتمال الأرجح انقلاب وشيك، لأننا شعب لا يثور، وإن كان لكل قاعدة شذوذ، والحراك السلمي قد لا يؤثر للخروج من الورطة، وبالتالي ستكون النتيجة الرجوع للمؤسسة العسكرية لإجراء عملية داخلية، مهما تم تجميلها بالشعارات ومشاريع الانتقال، فهي في النهاية انقلاب بكلمة واحدة. العسكر يحسبون ويتحينون الفرصة لصالح مصالحهم وطموحاتهم الضيقة، وهم في النهاية مرتهنون للمخططات الخارجية ومنذ 1978 وإلى اليوم، وخصوصا منذ إنقلاب1984 الذي رتب بدقة داخلية وبموافقة صريحة فرنسية، ولأن الخارج عموما وفرنسا خصوصا لها مصالح في البلد والمنطقة تفرض عليها مراقبة الوضع واللجوء للانقلاب وفق توقيت وحساب دقيق أيضا، وكل المؤشرات في الوقت الراهن تؤكد أن أبواب التغيير السياسي السلمي موصدة والثورة مستبعدة وجناح "أهل الشرق" أكثر حظا ويتحرك ربما ويبحث عن دعم واسع داخل المؤسسة العسكرية ولابد له من موافقة فرنسية صريحة، ومؤكدة أكثر من أي وقت مضى. موريتانيا مهددة بانقلاب صريح، واستبدال عزيز بجنرال آخر لتحويل الأمور إلى كذبة المرحلة الانتقالية، ضمن مسلسل عقيم سيزيفي، انقلاب ثم انتقال، وهكذا دواليك تسير القافلة نحو مزيد من التفكك والتمزق قد يهدد موريتانيا بمزيد من المشاكل الجوهرية الحادة، إن لم تتفكك، وهذه المخاطر كلها جادة وليست مستبعدة مطلقا إن لم نبادر جميعا حكاما ومحكومين قبل التدخل من قبل العسكر بموافقة خارجية فرنسية صريحة. أقول، ينبغي أن نبادر إلى حوار جاد قبل فوات الأوان،، وإلا فإن البيان رقم واحد على الأبواب، والرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، وحلفاؤه لا يمكن استبعادهم من لعبة الشطرنج، رغم مساوئ حكمه الجمة، إلا أن النظام الأسوأ في تاريخ البلاد والذي حل من بعده، نظام أهل شيشاوه" الذي طردهم الملك المغربي، ثم وجدوا الفرصة عندنا، دون رادع حتى الآن، أقول هذا النظام الحالي الأكثر نهبا في تاريخ البلاد، والأكثر شحا وتجويعا للجميع وخصوصا المعارضين، هذا النظام أتاح الفرصة لظهور بعض إيجابيات معاوية في نظر الكثيرين وخصوصا في المنطقة الشرقية من البلاد، فلا يستبعد أن يتحالف الإنقلابيون الجدد مع معاوية، ضمن تحالف واسع محلي ودولي "فرنسا، أمريكا، قطر، لتبرير الانقلاب اليقيني الأكيد في نظري، وأكرر إن لم يتعقل الجميع بما فيه عزيز بالدخول في حوار جاد بغض النظر عن التنازلات المؤلمة من قبل مختلف الأطراف وتبقى أوراق "البوكير" والغمار السياسي السلطوي الرهيب صعبة التأويل والتفسير