من روائع الحِلم و كظم الغيظ:

خميس, 2016/03/17 - 11:30

تـذاكر جماعـة فيمـا بينهم أخبـار معـن بن زائدة الشيباني ووفـرة حـلمـه ولين جانبه وأطـالوا في ذلك , فقـام أعـرابي وآلى على نفسه أن يغضبه فقـالوا: إن قـدرت على إغضابه فلك مـائة بعـير فانطلق الأعـرابي إلى بيته وعـمد إلى شـاة له فسـلخها, ثم ارتدى بجلدها جاعـلاً باطنه ظـاهـراً, ثم دخل على معن بصورته تلك, ووقف أمامه كالخليع تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء, ثم قال:
أتذكر إذْ لحافُك جـلد شـاة *** وإذ نعـلاك من جـلد البعير
قال معن: أذكـر ذلك ولا أنسـاه يا أخا العـرب
فقال الأعـرابي:
فسبحـان الذي أعطاك ملكاً *** وعلمك الجلوس على السرير
فقـال معن: سـبحانه وتعـالى
قال الأعـرابي:
فلست مسلّمـاً ما عشت حـياً *** على معن بتسـليم الأمـير
قال معن: إن سـلمت رددنا عليك السـلام وإن تركت فلا ضير عليك.
فقال الأعـرابي:
سأرحل عن بـلاد أنت فيهـا*** ولو جـار الزمان على الفقير
فقـال معن: إن أقمت بيننا فعلى الرحب والسعة وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن:
فجد لي يا بن ناقصةٍ بمـال*** فإني قد عـزمت على المسير
فقال معن: أعطـوه ألف دينار, فأخـذها وقـال:
قليل ما أتيت به وإنـي *** لأطمع منك بالمـال الكـثير
فثن فقد أتاك الملك عفـواً *** بلا عقـل ولا رأي مـنير
فقال معن: أعطوه ألفاً ثانية.
فتقـدم الأعـرابي وقبل يديه ورجليه وقال:
سألت اللهَ أن يبقيك ذخراً *** فما لَكَ في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال حقا ً*** وفيض يديك كالبحـرالغزير
قال معن: أعطيناه على هجوه ألفين فأعطـوه على مدحنا أربعة آلاف , فقال الأعرابي: جُعلتُ فداك, ما فعلتُ ذلك إلا لمائة بعير جُعلتْ على إغضابك.
فقال معن: لا خـوف عليك, ثم أمـر له بمائتي بعير..
نصفها للرهان والنصف الآخر له
فانصـرف الأعرابي داعياً شـاكراً..

 

الأستاذ الولي ولد طه