المؤمن المخلص لا يصنع شيئا ابتغاء أن يذكره الناس في محياه أو في مماته، وإن كان حُسن الذكر جائزة معجلة لمن يقومون بالحق، ويقيمون الناس عليه.
إنهم قد يلقون العنت والإنكار أول أمرهم، ثم لا يلبث الغبار المثار أن ينجاب والفضل المنكور أن يثبت، ثم تثوب الحياة إلى رشدها وتُرد الحقوق إلى آلها.
كان الصحابي الجليل خوات بن جبير الأوسي الأنصاري في الجاهلية شاعرا غزلا مغرما بالنساء، وقد ذاع صيته بذلك بين العرب حتى إن إحدى مغامراته في ذلك المضمار أصبحت قصة مروية ومثلا سيارا وهي قصته مع بائعة السمن التي عرفت بالمثل: أشغل من ذات النحيين.
لئن كان المستضعفون من المسلمين قد واجهوا صنوف العذاب الحسي والجسدي الخارج عن الطوق، فإن إخوانهم من علية المجتمع المكي واجهوا هم كذلك صنوفا من العذاب المعنوي والنفسي لا تقل ألما عما واجهه المستضعفون، وفي مقدمة تلك العذابات التهجير عن الأوطان وانقطاع علائق الرحم
كان لبيد بن ربيعة من فحول الشعراء العرب معدودا في الطبقات الأُول منهم؛ ووصفه النابغة الذبياني مرة بأنه أشعر العرب
قرض لبيد الشعر وهو فتى يافع واستطاع في تلك السن أن يغير قلب ملك الحيرة النعمان بن المنذر على نديمه الربيع بن زياد بأبيات شعر قليلة، في قصة معروفة كان فيها تنافس بين قومه وقوم الربيع
من الظواهر التي لفتت انتباه دارسي السيرة النبوية الانقسام الذي وقع في مجتمع المدينة بين جيلين: جيل الشيوخ الذين كثر فيهم النفاق أو تأخر الإسلام وجيل الشباب الذي سارع أغلبه إلى دخول الإسلام والانفعال بقيمه الجديدة وتجسيدها في أمثلة تمشي على الأرض