في ظلال الوحي : "فاقدره لي ثم يسره لي ثم بارك لي فيه"/ إبراهيم أحمد سالم

ثلاثاء, 2024/01/02 - 21:48

" فاقدره لي ويسّره لي ثم بارك لي فيه".

في حديث الاستخارة يبيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم معايير كمال تحصيل الأمور :

١ - القدرة على التحصيل.
٢- اليسر في تحصيلها.
٣- البركة بعد تحصيلها.
أحيانا تطلب المسألة يإلحاح ويكون التركيز على حصولها وتغفل عن مسألة اليُسر ومسألة البركة، وهذه الأسس مهمة في جميع أمورك؛ فكثيرا ما يأتينا مانع من كسل أو عجز أو غيرهما من القدرة على الأشياء، وهذا يرتبط بتحصيل القضية ذاتها، واليُسر يتعلق بطريق تحصيل القضايا؛ فقد يُحصِّل الإنسان المطلوب، ولكن مع شدة وكرب؛ فاليُسر مهم في تسهيل الوسائل، والبركة نحتاجها إذا حصّلنا الشيء بأن يجعل الله فيه بركة وخيرا، هذه المعاني الجليلة جاءت استطرادا في حديث عنوانه موضوع آخر وهو الاستخارة، وهذا يدلّك على منهج تدبّر تستفيد منه كثيرا، وهو أن تتأمّل المعاني التي هي في أطراف الموضوع الرئيسي في الأحاديث النبوية، ومن جهة أخرى يُبيِّن لك هذا الملمح العلاقة الوطيدة بين تعاليم الدين وإصلاح الحياة؛ فالحديث مع أن موضوعه قضية تعبدية " وهي الدعاء" يُوجِّهك إلى ما يُصلح حياتك، وهذه الثنائية نجدها كثيرا في تعليم الوحي قال تعالى : "ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِن أمْرِهِ يُسْرًا" فلم يقل : يجعل له من دينه يسرا بل قال : أمره، والأمر يشمل دينه وتقلبات حياته، وإذا استحضرنا أن الآية في سياق الكلام على الطلاق، وأن الطلاق قد يعتبره البعض فترة ضعف فيدلّك الدين على طريق التغلّب على الضعف.
ويقول تعالى في آية أخرى :
{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكم ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا} لاحظ تعبير " يصلح لكم أعمالكم" والأعمال لها عموم الأمر كما في الآية الأولى.