شخصيات 2012.. ولد باهية ..رجل لصناعة الأزمات
الثلاثاء, 01 يناير 2013 15:24

أحمد ولد باهيةيحمل شهادة عليا في الرياضيات، ويقول طلابه السابقون الذين يحتج عدد منهم أمام مكتبه بشكل يومي – رفضا لما يعتبرونه التحويلات التعسفية – إنه أستاذ رياضيات متمكن، وعن نفسه يقول الرجل " إن أهم إيجابيته، أنه لا يكذب أبدا".

لكن لقطاعات أخرى كثيرة في وزارات التعليم، آراء أخرى تقول إن الرجل لا يكذب فقط في وعوده بشأن التعليم وتطوير حاجياته، وإنما يجد متعته الأكثر في إحداث الأزمات وتوليدها، ودمجها وإعادة دمجها في أزمة جديدة قابلة للانشطار إلى أزمات صغيرة.

وهو فوق ذلك مغرم جدا بأن يظل اسما متداولا في الإعلام، ولسوء الحظ لم تحمل الرجل موجة الإنجازات إلى الواجهة، وإنما كان الإخفاق أول سائق وحاد بالرجل إلى القمة

بحسب خصومه فإن للرجل المقرب جدا من الرئيس محمد ولد عبد العزيز حظوتين عند ساكن القصر متى تمتع بها المسؤول نجا من أي عقاب وأمن أية مساءلة.

أما الأول فرحم ماسة إلى الرجل، والرئيس يؤمن بمبدإ "خيركم خيركم لأهله" وأنا قال خصومه – يعني نفسه صادقا – وأنا خيري لأهلي.

أما الثانية، فهي ولع الرئيس بكل من شغل مساحة من الإعلام، إذ لا يمكث المسؤول في حكمه إلا قدر بقدر ما يثير من الجدل ويفتح من أبواب النقد، وبحسب فلسفة الرئيس، فلا  نقد إلا من المعارضة، وما سلط النقد على رجل من الحكومة، إلا بسبب وفائه للرئيس.

ورغم تعقيد هذه المتتالية فإن معية أستاذ الفلسفة أحمد ولد باهيني ستساعد الوزير أحمد ولد باهية على فك طلاسم المطلوب، والظفر بالمرغوب من ود الرئيس المحبوب

رجل رياضيا ت

بين هذا وذاك، لا يختلف ولد باهية عن أغلب الوزراء في تاريخ الميلاد، فهو أحد مواليد نهاية العام، وربما أيضا في آخر دقائق العام 1962، في إحدى القرى التابعة لأطار، لأب عسكري سابق.

أخذ ولد باهية طريقه السريعة في مجال الرياضيات، وكان أحد طلابها النجباء، يتحدث زملاؤه عن عبقريته في حل المعادلات الرياضيات وتتبع الدوال الهندسية، ويتحدثون أيضا عن مستوى كبير من البساطة والطرافة، التي تصل حد ا"لكوميدية".

حصل ولد باهية شهادة الباكلوريا في الرياضيات سنة 1982، وانتقل في سلك التعليم الثانوي من أستاذ مساعد في العام 1984، إلى أستاذ سلك ثان في العام 1987، ربما عانى ولد باهية من ضآلة راتب أستاذ التعليم الثانوي، فحتى سقوط الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع كانت رواتب الأساتذة لا تصل إلى 40 ألف أوقية.

سريعا غادر ولد باهية عالم التعليم الثانوي، إلى المغرب حيث حصل دكتاتوراه السلك الثالث في الرياضيات، في المغرب التقى الدكتور باهية بالسيدة "باهية" ليبدآ رحلة زواج سعيد بين موريتاني طريف جدا ومغربية مؤمنة بحقوقها السيادية.

ترقى ولد باهية في سلك التعليم العالي منذ العام 1989، ليصل إلى رتبة أستاذ تعليم عالي من الدرجة الرابعة، وهنالك انفتح للرجل باب أمل جديد مع انتهاء مأمورية الرئيس السابق للجامعة محمد ولد سيديا ولد خباز، حيث ترأس ولد باهية لجنة لاختيار رئيس جديد للجامعة، باعبتاره أحد أقدم الأساتذة، وأعلاهم رتبة علمية، وفيما اشتد السباق بين المدير الحالي للديوان الرئاسي اسلكو ولد ازيدبيه، والعميد السابق لكلية العلوم والتقينات أحمد ولد حوبه.

لكن ولد باهية لم يسلم من اتهامات له بتصعيد زميله ولد ازيدبيه إلى رئاسة الجامعة، وذلك بعد اعتماد اللغة العربية معيارا تقدم به على منافسه ولد حوبه... ولم ينس ازيد بيه لولد باهية ذلك الفضل..

بسرعة ترقى ولد باهية في سلك القرار السيادي في جامعة نواكشوط، حيث شغل منصب الأمين العام بالإنابة، بعد تقاعد الأمين العام السابق لجامعة نواكشوط، ليترقى بعد ذلك إلى منصب مستشار مكلف بالأساتذة، ليقود بذلك حملة تصفية الأساتذة العقدويين والمعارين إلى الجامعة، من قطاعات التعليم الثانوي والأساسي وبالأخص المحسوبين سياسيا أو اجتماعيا على الرئيس السابق محمد ولد خباز.

بسرعة أعاد الرجل العشرات من الأساتذة إلى منازلهم الأولى، قبل أن يدخل في مواجهة قوية مع الأستاذ أحمد معلوم ولد أعمر، ولا يزال ولد باهية بعد أكثر من خمس سنوات مصرا على حرمان الرجل مما يعتقد أنه حقوقه المشروعة، رغم أنه حصل قبل ذلك على سنتين من الإنصاف أثناء فترة الوزير السابق أحمد ولد اباه.

احتج ولد أعمر، وكسر زجاج سيارة الوزير ولد باهية، إلا أن ذلك لم يكسر شيئا من صمود ولد باهية على الظلم، وفق ما يقول الأستاذ المحامي أحمد معلوم.

ترقى ولد باهية بعد ذلك إلى مستشار فني لرئيس الجامعة، وخلال تلك الفترة الأصعب بالنسبة لرئيس الجامعة في علاقته مع الطلاب وفي علاقته أيضا مع وزيرة التعليم حينها الأستاذة نبغوها بنت حابة.

لسنوات طويلة ظل ولد باهية ينظر إلى بنت حابة وأقاربها باعتبارهم عقبة كأداء أمام مسيرته الوظيفية، ومن أجل ذلك كاتب الرئيس محمد ولد عبد العزيز بشكل واضح من أجل إطلاق يده لإبعادهم عن " التعليم الذي أفسدوه".

 

رجل للأزمات

 

ولأن اسلكو ولد ازيد بيه لم ينس فضل ولد باهية عليه، فقد سارع باقتراحه وزيرا للتعليم العالي، عندما طلبت ذلك رئاسة الجمهورية، ليترقى بعد ذلك إلى منصب وزير دولة – بناء على آخر وصايا ونصائح زين العابدين بن علي.

وترقى ولد باهية، ليواصل تأزيم قطاع التعليم، كانت السنة الأولى حربا ضروسا مع المقتصدين، الذين أمر بإسقاط كل الترقيات التي حصلوها سابقا، ليدخلوا في اعتصام مفتوح لأكثر من سنة كاملة، مارس خلالها ولد باهية هوايته المفضلة – قطع الرواتب – ضدهم، قبل أن يرضخ أخيرا أمام إصرارهم، ويعلن عن ترتيب إداري يسمح لهم بالاحتفاظ بترقياتهم السابقة،في مناصب جديدة، لكن الطريف أن ولد باهية شن حربا على مجموعة من الموظفين المسنين الذين ينظرون إلى التقاعد وقد اقتربت سنواته، وحان أوانه، ولو انتظر لتخلص منهم بدون حرب.

 

أزمات ولد باهية لم تنته مع المقتصدين، ليتوجه لاحقا إلى أساتذة التعليم الثانوي، ويجد ولد باهية نفسه في صراع شخصي جدا مع نقيب الأساتذة محمدن ولد الرباني، يجعل منه دائما مادة للسخرية والتنكيت تخفي استياء وزير الدولة وعجزه عن ترويض الرجل الذي يقود لسنوات نقابة الأساتذة، ورغم أن ولد باهية يتمتع بجيش كبير من نقابات التعليم الثانوي والأساسي وحتى العالي تدين له بالولاء الكبير، وتحصل مقابل ذلك على مستوى من التعيينات الخافتة، إلا أنها لم تستطع مغالبة النقابة التي يقودها ولد الرباني وبالتالي قرر ولد باهية تحويل الصراع إلى مرحلة أكثر عنفا.

التحويل التعسفي.

بحسب معلومات السراج فإن ولد باهية، رفقة مساعده المطيع مدير مصلحة الامتحانات محمد ولد اوليد، عكفت على وضع تصور لعقاب الأساتذة المضربين، وكان المعيار الأول للعقاب

المشاركة في الإضرابين الأخيرين الذين دعت لهما النقابة المستقلة، وبعد مخاطبة الإدارات الجهوية للتعليم، التي رفضت أربع منها المشاركة في المشروع العقابي، أعد ولد باهية رفقة مساعده ولد اوليد لائحة المعاقبين، قبل أن يلغي لائحة التحويلات التي أعدها مديرا التعليم الثانوي والأشخاص، ليختار 108 أستاذا، اعتقد ولد باهية أنهم وقود الإضراب وأنهم مجموعة من " الإسلاميين".

كانت المذكرة هدية العام بالنسبة لولد باهية، ليدخل في صراع مفتوح مع المجموعة المتضررة، بدأ برفضه الحوار مع النقابة المستقلة، وثنى برفض رسالة نقابة المحامين، وثلث برفض دعوة نقابات التعليم الثانوي مجتمعة إلى التراجع، وكان قراره الرابع، رفض وساطة آباء التلاميذ، ثم رفض وساطة نواب برلمانيين، ووزراء سابقين.

ودخل الأساتذة في اعتصام مفتوح، وفي لحظات ضعف قليلة، كان ولد باهية يعلن عن رغبته في الحل، لكن مساعده ولد اوليد يؤكد له أن الرجوع عن القرار يعني مزيدا من استعداء الأساتذة.

آخر حلقات العلاقة بين الوزير والأساتذة كانت في آخر أيام العام المنصرم 2012، حيث تكشف الوزير عن شخص غاضب، وجه عبارات نابية لبعض مستشاريه ووصفهم بالفشل وسوء الإدارة، قبل أن يعلن أنه" إمرسهم" من أجل إقالة بعضهم.

طلب ولد باهية من أعضاء ديوانه قبل أيام استشارة قانونية حول الفصل الجماعي للمجموعة الرافضة للمذكرة رقم 0174، لكنهم نصحوه بأن الفصل الجماعي عمل غير قانوني، وفي المقابل نصحهم – هو – وحذرهم من أي تضامن مع الأساتذة، مؤكدا أن من يتضامن معهم، عليه تحمل مسؤولية ذلك.

 

أسد في مكتب

يوجه ولد باهية بين الحين والآخر عبارات قوية لمستشاريه،كما حصل قبل أيام خلال لقائه مع الأساتذة، وفي المقابل يحيط نفسه بثلة قليلة من أنصاره المقربين، أبرزهم الأمين العام للوزارة، أحمد ولد باهيني، ومدير الامتحانات.

ويبقى الثلاثي المذكور سلاح ولد باهية في مواجهة أزماته المتعاقبة.

 

 

رجل بسيط

على الصعيد الشخصي يعرف ولد باهية بأنه رجل بسيط، قد يتكشف عن عاصفة من العقد والتأزيم، يهتم بالطرافة، والنكت ويبث على أمواج متعددة، وله يوم شؤم، ينظر فيه إلى الوزارة وما فيها باعتباره بعض "الخور" وأيام سعد أخرى يرى فيها التعليم جنة وأن على نواب توشيحه وتكريمه لأنه نال ثقة رئيس الجمهورية، وفوق ذلك أنجز ما دعي له.

لكن رئيس الجمهورية في مرات غاضبة لا يصدق ولد باهية، بل ينسبه إلى الكذب والمغالطة،كما حصل في زيارتهما إلى الجامعة الجديدة، التي لا تزال حيطانا وأسوارا معطلة، رغم تأكيد ولد باهية أنها ستكون جاهزة للدراسة مطلع العام الدراسي 2012-2013.

كان ولد باهية في سعيه للخروج إلى عالم الأضواء، قد توسل بالأدب الشعبي الذي يبدع فيه ويقدره، جعل منه مدائح لوزير النفط السابق زيدان ولد احيمده، الذي اختاره مستشارا في شركة المحروقات، قبل أن يبعده مديرها السابق أبو بكر ولد المرواني إبعادا، عاد منه إلى مستوى من التقريب بوساطة من النائب المعارض يعقوب ولد امين، كما يقول الأخير وينفي ولد باهية.

 

ولد باهية ..رجل من أهم شخصيات العام 2012، فطوال هذا العام سكن الرجل الإعلام، بقوة، وفي أغلب الأحيان، ظل يترنح من خبر أزمة إلى تقرير عن فساد إلى خبر أزمة..ليكون بذلك رجلا لصناعة الأزمات.

 

شخصيات 2012.. ولد باهية ..رجل لصناعة الأزمات

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox