أزواد حلقة صراع بين المغرب والجزائر ح 2 |
الأحد, 28 سبتمبر 2014 14:04 |
تواصل السراج نشر تحليل مطول عن منطقة أزواد وتأثيرها في القرار السياسي لدول الساحل وأثرها في الأمن والسلم والإرهاب في منطقة الصحراء الكبرى
منذ عقود بنيت العلاقة الخارجية للمغرب والجزائر على التناقض، والتباين ثم على الصراع العميق بين النظامين إلى أبعد الحدود، وخصوصا على رسم ملامح الحدود السياسية للطموح المتناقض.ويمثل إقليم أزواد بالنسبة للبلدين ملفا معقدا أيضا يؤثر بشكل قوي، لعلاقاته بالأقليات العرقية في البلدين، وأيضا لعمق أثره في القضايا الأمنية والسياسية الإقليمية. تهتم الجزائر بملف أزواد لأسباب متعددة ومتداخلة أبرزها - الملف الأمني : لما يمثله أزواد من تهديد للجزائر بشكل دائم، ومتنفس أيضا تدفع إليه القوى الأمنية التنظيمات الجهادية لتبعدها بذلك عن عمق الأراضي الجزائرية، وحيث أن الجزائر تملك حدودا بطول 1330 كلم مع مالي فإن تداخل هذين المعطيين يضيف عامل تعقيد إلى علاقة الجزائر بأزواد. ويذهب خبراء أمنيون في المنطقة إلى أن الجزائر وجدت في صحراء مالي وإقليم أزواد متنفسا لها أبعد عنها – بعض الوقت – التنظيمات المسلحة التي يشكل العنصر الجزائري قيادة وجنودا أكثر مادتها البشرية.
- التداخل الاجتماعي : بين قبائل الطوارق الأزواديين وقبائل الأمازيغ الجزائريين وتقارب المطالب الوطنية بين الطرفين، ولقد سعت الجزائر دائما إلى منع أي تقارب بين القوميتين المناضلتين في أزواد والجزائر، ودفعت في 2011 بخمسة آلاف من جنودها إلى الحدود مع أزواد ولا يخفى أيضا أن الجزائر كانت تنظر بمستوى من الرضى إلى الارتباك الأمني في منطقة أزواد أثناء سيطرة الحركة الوطنية لتحرير أزواد وحركة أنصار الدين على أجزاء كبيرة من شمال مالي وغضت الطرف عن حركة تهريب البضائع والوقود التي نشطت خلال الأشهر الأولى من حكم الجماعات الانفصالية في شمال مالي. - البعد الاقتصادي : يمثل شمال مالي الخاصرة الاقتصادية للجزائر فأغلب ثرواتها الطبيعية تتقاطع مع الشمال المالي كما أن شمال مالي يحتوي على مقدرات اقتصادية هائلة قد تؤدي إلى ضرب الاقتصاد النفطي الجزائري في حالة استقلال أزواد، كما أن الاستقرار في أزواد يعني بالضرورة أيضا استغلال موريتانيا لثرواتها النفطية والغازية في إقليم تاودني المصاقب للجزائر، وهو ما يعني بالضرروة تهديد الاقتصاد الجزائري. ولهذا تأسست مصالح الجزائر على المعارضة التامة لأي استقلال لإقليم أزواد، وفوق ذلك ظلت الجزائر متهمة لسنوات عديدة من جيرانها بتغذية الصراع المسلح في المنطقة والدفع بالتنظيمات السلفية إلى عمق الصحراء بعيدا عن الأرض الجزائرية التي ارتوت لسنوات طويلة بالدم وصهرتها نيران الإرهاب. المغرب ..استغلال الإرث التاريخي ربطت المملكة المغربية علاقات قوية بإقليم أزواد منذ قرون طويلة، حيث مثلت حملة الباشا جؤذر في عهد الملوك السعديين على إقليم تمبكتو المرحلة الأولى للوصاية العلوية على أزواد. ورغم أن هذه الحملة عاثت فسادا في تمبكتو وامتد شررها إلى جنوب موريتانيا قتلا وترويعا، إلا أنها تركت أبعادا عميقة من الولاء بين قبائل أزواد للعرش المغربي، وصداقات قوية بين العرش المغربي وبعض الزعامات الطوارقية، ينضاف إلى ذلك العلاقات الاجتماعية المتداخلة بين الأمازيغ المغاربة والطوارق الأزواديين. لكن هذه العلاقة كانت أعمق بين العنصر الزنجي والعرش المغربي، أكثر من تقاربها مع الطوارق ولقد حاولت المغرب متأخرة جدا الدخول على خط الاهتمام بأزواد عبر مسارين - مسار توطيد العلاقة مع مالي الرسمية : وعبر بعد روحي خاص تمثل في احتضان الأئمة الماليين وإنشاء معهد لتكوين الأئمة الماليين في الرباط، إضافة إلى إقامة مسجد كبير في مالي. - الاهتمام بالملف الأمني : يعود اهتمام المغرب بالملف الأمني لأزواد منذ اعتداءات 16 مارس 2011 حيث أظهرت التحقيقات أن بعض العناصر المتورطة في الهجوم تلقت تدريبا في صحراء مالي قبل أن تنتقل إلى المغرب عبر موريتانيا والسنغال وفق المصادر الأمنية. ينضاف إلى ذلك عامل آخر وهو الصحوة السلفية المتزايدة في المخيمات الصحراوية التي تمثل عامل "فزع دائم " للمخزن المغربي، وخصوصا بعد ظهور أسماء صحراوية وازنة ضمن قيادات التنظيمات المسلحة في المنطقة. وفي ذات الاتجاه تتهم المصالح الأمنية الجزائرية المغرب بالدخول أخيرا على خط الاستغلال الأمني لملف الاستخبارات الأمنية، والوقوف بشكل قوي خلف جماعة التوحيد والجهاد التي نفذت عدة هجومات قوية ضد مصالح أمنية واقتصادية جزائرية، من بينها خطف دبلوماسيين جزائرييين في تمبكتو. وتنقل صحيفة النهار الجزائرية المقربة من الأمن الجزائري عن إرهابيين معتقلين في الجزائر اعترافاتهم بأن المغرب تقف وراء تلك الحركة. ومهما يكن فإن اهتمام البلدين بملف أزواد، سيكون من بين الأسباب الكثيرة التي تؤجل حلحلة ملفي الأمن والاستقلال أو التعايش السلمي في أرض الرجال الزرق |