صورة غلاف الكتابصدر عن مؤسسة "تقنية المعلومات والنشر" (ITP) بنواكشوط قبل أسابيع كتاب موريتاني جديد هو "نزهة المعاني في علمي البيان والمعاني" وهو نظم للعلامة سيدي عبد الله بن القاضي المعروف بابن رازﮔـه بتحقيق وتعليق الدكتور جمال ولد الحسن، قدم له ونشره الأستاذ محمد محفوظ ولد أحمد الذي سبق أن حقق ونشر عددا من مخطوطات وكتب التراث الموريتاني المتداولة.

ويعتبر هذا الكتاب الجديد إضافة نادرة ومهمة في مجال العلوم اللغوية/العقلية إلى المكتبة الموريتانية، وهو مجال ظل ضيقا ومحصورا في النخبة عالية التعليم، سواء في المناهج التدريسية المحظرية أو في مجال التأليف والنشر.

تصدر الكتاب تقديم للناشر تحدث فيه عن شخصية الدكتور جمال بن الحسن الفريدة في عبقريتها وصفاتها الخلقية، وعن مكانته العلمية ودوره في ريادة الثقافة الموريتانية العصرية، سواء من خلال التدريس الأكاديمي المتميز، او من خلال البحث والتحقيق في ثقافة هذا البلد وتراثه الأدبي والعلمي.

وألمح الناشر في هذا التقديم إلى المصادفة بين هجرة جمال إلى الخارج وانحطاط مستوى التعليم، ولاسيما التعليم في المؤسسات الجامعية التي كان المحقق من الأساتذة المتألقين فيها أيام عزها. كما تطرق إلى استمرار عطاء الدكتور جمال بعد هجرته حيث كرس جهده في الغربة للبحث العلمي وتحقيق التراث الموريتاني بالذات، قبل أن يتحدث عن ظروف كتابته لهذا التحقيق, ثم الرزية الكبرى بوفاته سنة 2001 م.

الكتاب هو تحقيق علمي وشرح توضيحي لمنظومة العلامة سيدي عبد الله بن القاضي المعروف بابن رازﮔـه العلوي المتوفى سنة 1143 هجرية في علمي البيان والمعاني.

ولهذا النظم أهمية خاصة ودلالات تاريخية وعلمية هامة، فهو من ناحية لم يكن متداولا بل كان نادر الوجود حتى عده البعض في مؤلفات ابن رازﮔـه الضائعة، إلى أن اكتشف  الدكتور جمال ولد الحسن رحمه الله نسخة وحيدة منه في مكتبة المخطوطات الصحراوية بمدينة تنبكتو في أژواد (مالي) سنة 2000م وعكف على تصحيحها وتحقيقها. وهذا المصنف الفريد هو نظم لمحتوى كتاب "تلخيص المفتاح" لجلال الدين القزويني الدمشقي المتوفى سنة 739هـ.

أما الدلالة العلمية لهذا النظم فهي أن ظهوره في فترة ابن رازﮔـه تعني أن اللغة العربية وأدبها وفنونها كانت قد انتشرت ونضجت في هذه البلاد قبل القرن 12 للهجرة. ذلك أن موضوع هذا النظم هو من العلوم العقلية والأدبية العربية الزائدة على معرفة اللغة ونحوها وصرفها.. بل هو توسع معرفي وترف لغوي في هذا المجال؛ في حين أن بعض الباحثين يعتبر عصر ابن رازﮔـه عصر فتوة اللغة العربية وبدء نشأة الشعر العربي الفصيح في القطر الموريتاني عموما.

قام الدكتور جمال ولد الحسن بتصحيح وتحقيق هذا النظم  قبل أن يضع عليه تعليقات تناولت أوله وآخره بالشرح والشواهد، ثم توَّجه بتوضيح مختصر من كتاب تلخيص القزويني بما يقابل كل بيت من النظم بدلالة ترقيم الأبيات.

وقد كاد هذا الكتاب أن يضيع ويختفي هو الآخر بعد وفاة الدكتور جمال ولد الحسن رحمه الله سنة 2001 ، إلى قام الكاتب والناشر الأستاذ محمد محفوظ بن أحمد بمتابعته وإعداده ونشره في طبعة عصرية أنيقة ظهرت مؤخرا.

وذكر الناشر في معرض تقديمه للكتاب أنه استعان بتسويدات المحقق وبكتاب القزويني نفسه لتصحيح المادة المرقونة التي تركها المؤلف، ثم أضاف في الجزء الثاني، الذي هو توضيح النظم بما يقابله من نص التلخيص، أضاف الناشر في الهامش ما تركه المحقق اختصارا من نص كتاب القزويني؛ وهي إضافات مهمة لأنها في معظمها نصوص وشواهد توضيحية تتناسب مع صنيع المحقق في شرحه لطرفي النظم، وتجعل جزءا من هذا التوضيح المختصر بمثابة شرح لما تجاوزه المحقق من وسط النظم، في الجزء الأول من الكتاب، فكانت هذه الإضافات وغيرها من اللمسات الفنية والملاحظات بمثابة تحقيق على التحقيق الأكبر الذي هو أيضا شرح للنظم.

أما الأبواب العلمية الرئيسية في الكتاب فهي: مبحث علم المعاني وما يتضمنه من أحوال الإسناد ومتعلقات الفعل والقصر وأنواع الإنشاء والوصل والفصل والإيجاز والإطناب. ثم مبحث علم البيان، ومبحث علم البديع والمحسنات اللفظية والمحسنات المعنوية. ثم فصلٌ في الكلام على السرقات الشعرية وما يتصل بها، وفصلٌ في المواضيع التي ينبغي للبليغ التأنق فيها.

يقع الكتاب في 208 صفحات من الحجم المتوسط، ويتزين غلافه الأخير بنبذة مركزة عن حياة المحقق العلامة الدكتور جمال ولد الحسن، كما تضمن تقديمُ الناشر تعريفا مختصرا بالناظم العلامة سيدي عبد الله بن القاضي المشهور بابن رازﮔـة.

.