السبحة في المجتمع الموريتاني. .ذكر وتبتل وزينة
الأحد, 19 سبتمبر 2010 21:07

صناعة تقليديةصناعة تقليديةظل الاستخدام الابرز للسبح في المجتمع الموريتاني هو في مجال التعبد وضبط الأوراد من ذكر واستغفار وصلاة على وتسليم على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.. وهي بذلك مظهر إيمان وشعار صلاح وزهد.. وكانت السبح تصنع من خامات بسيطة كالخرز ومنحوتات الخشب.. الخ.

لم يكن المظهر الجمالي حاضرا في تصنيع السبح لكن مع الزمن بدأت خرزات السبح في الصغر وزينت بالحلي والأحجار الكريمة وأصبح من النادر أن تجد سبحة تخلو من ترصيع بالحلى أو تطعيم بألوان زاهية حتى أشبه بعضها عقد الجواهر النظيم لتكون بذلك خاصة سبح النساء أداة للزينة والحلي ويتفنن البعض في صناعتها حين يفصل بين مكونات العقد ببعض الجواهر ومنحوتات المعادن النفيسة ك"العقيق والذهب والفضة"،وتصبح طاقما يكمل حلى عقد الرقبة و"أساوير اليدين والخواتم ..

وفي الاستخدام الاخير خروج تام عن الاهداف المتواخاة من السبح لكن البعض ظل وفيا لاستخدام السبح في الاوراد فقط منتقدا على مستخدميها في الزينة لانه لا وجود لسبح تجمع بين العبادة والزينة فمن أراد التقرب فليتقرب بالأصابع أو السبح المخصصة لهذا الغرض. أما تلك المخصصة للزينة فغالبا ما يتم إيداعها في صناديق الزينة ولاتخرج إلا في مناسبات وأوقات خاصة.

تغير في السلوك..

لكن أشكال المسبحة وأغراضها  أصبحت تأخذ شكلا جديدا ومنحى آخر لدى بعض فئات المجتمع حيث أصبحت غالبية الموريتانيين  شيبا وشبابا نساء ورجالا يستخدمونها على نطاق واسع فتجد الشاب يجعل من محتويات جيبه مسبحة أو يضعها في يمينه أثناء الحديث ،كما هو الحال لدى النساء للائي قد لا يتورعن عن التلويح بسبحهن في الوقت الذي يخضن فيه في حديث عابر كنوع من التسلية واللهو ،لكن اقتناء الشباب الموريتاني للمسبحة لم يعد كما كان لأن السبح اليوم يجب أن تكون وفق نمط خاص يسهل من الاستخدام الايجابي للسبحة في الذكر والاستغفار ولا يغض من البعد الجمالي خاصة بالنسبة للسيدات كما ينبغي أن تكون على شكل أنيق يختلف عن سبح كبار السن وهو ما أصبح يطلق عليه باعة السبح باللهجة الدارجة ( السيمة أولوفايه ) أو (استغفر واتحفل).

سبح ذكر وزينة...

الباعة المختصون في بيع السبح أصبحوا يتفننون في صناعتها فابتكروا منها نوعيات جديدة تناسب أذواق الشباب الذين أصبح طلبهم يتزايد عليها بشكل ملفت، حيث تقول السيدة فاطمة إحدى العاملات في هذا المجال إن الطلب على السبحة يتزايد يوما بعد آخر لكن أذواق المقبلين عليها تختلف، باختلاف الأجناس والأعمار لدى المواطنين، وتشرح السيدة هذا الاختلاف فتقول إن الفتيات يطلبن مسابح منحوتة من الخشب ومطرزة ببعض المجوهرات النفيسة، هذا مع صغر حجم الحبوب وقلة العدد واختلاف الألوان في مكونات المسبحة، أما أمهاتهم فديهم نفس المواصفات مع اختلاف طفيف يتمثل في عدم إلزامية التطريز، أما الشباب فلديهم ذوق آخر وهو تصغير الحجم مع دس بعض الأوراق التي تشبه ورق الورود، فيما يميل كبار السن إلى سبح تتميز بالضخامة نسبيا واللون الموحد غير الأخاذ والغرض عند هؤلاء حسب السيدة هو الجمع بين التعبد واللمسات الجمالية التي لا تغض من قيمة السبحة ولا تنافي الشرع –خاصة بالنسبة للنساء.

دافع ديني..

الشاب عبد الرحمن يرى أن السبب وراء تزايد اقتناء الشباب للمسبحة هو الوازع الديني الذي أصبح يحكم الكثير من الشباب ويدفعهم إلى الازدياد من الذكر والاستغفار وغيرهما من أنواع  الذكر باللسان بعد أن كان المسبحة في مخيلة بعض الشباب تختص بالكبار دون الشباب، خصوصا وأن المسبحة يقول عبد الرحمن عندما تكون لدى المرء تذكره بالذكر والاستغفار وإذا لم تكن لديه فإن الانشغالات الكثيرة تجعله يضيع أوقات كثيرة دون أن يكتسب فيها بعضا من الحسنات الكثيرة التي يجلبها اللسان بأرخص وأسهل الأثمان، أما عن اختيار الشكل فيرى الشاب الثلاثيني أنه لا تعارض بين اللمسات الجمالية التي يطلبها المرء في الدنيا والغرض الوحي التعبدي الذي يطلب النجاة به في الأخرى من باب الأثر القائل إن الله جميل يحب الجمال.

خارج السجال..

وإذا كانت المسبحة تشهد إقبالا متزايدا لدى البعض لأغراض مختلفة فإن بعض الشباب لا تهمه ولا يلقي لها بالا، لا من باب الجمال المحض أو التعبد الخالص ولا الجمع بينهما بل إنها بالنسبة لهؤلاء ممارسات وتقاليد من الماضي لا مكان لها في عصر السرعة والتكنولوجيا وإذا كان لابد من أداة لعد وضبط الاستغفار فلم لا تكون الاصابع أو أي وسيلة آخرى غير السبح التي يذكر مظهر بعضها بالترف والدعة أكثر مما يوحي بالورع والتقوى والزهد في متاع الحياة الدنيا .

السبحة في المجتمع الموريتاني. .ذكر وتبتل وزينة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox