ولد جدو : ألفت ثلاثين كتابا من بينها الكشف الوافي عن جرائم القذافي (مقابلة) |
الخميس, 09 أكتوبر 2014 12:03 |
يتحدث الأديب والشاعر الفقيه محمدو سالم ولد جدو عن الأدب والفقه والتاريخ وتعايشهما في شخصية رجل يعتبر اليوم أحد أهم مرجعيات اللغة والفقه في هذا البلد، يتحدث الشاعر محمد سالم ولد جدو في مقابلته مع السراج عن طفولته وعن مسيرته العلمية وعن مكتبه تآليفه الوافرة التي تمثل شجرة معرفية تتواصل فيها أرحام المعارف والعلوم.
نص المقابلة
السراج : لنستعد مع الشاعر الأستاذ محمدُّ سالم ابن جدُّ خطواته الأولى في مدارج الصبا؛ أين وكيف مرت تلك الفترة المؤثرة جدا من حياة كل إنسان، وماذا تتذكر من أبرز ملامحها وطرائفها؟ م سالم ولد جدو: كانت في المنطقة الفاصلة – أو الواصلة- بين العريه وبين إگيدي، بين قوم توطنوا تلك الأرض منذ قرون كما تشهد به قبور أسلافهم الأقدمين؛ ويبدو أن بعض طباعهم جاء من موقعهم الجغرافي. في ذي القعدة 1382 (إبريل 1963) ولد طفل كان أبوه في ريعان شبابه، وأمه قد أنافت على الأربعين دون أن يعيش لها ابن ذكر، ومن عادة المجتمع أن يكون الوحيد مدللا أو زينة أو شيئا من هذا القبيل؛ خصوصا إذا كان ذا أخوات، لكن هذا لم يحدث للطفل الذي كنته نتيجة بُعد نظر الوالدة وحكمتها رحمها الله؛ فقد رعيت وحلبت وحملت الماء والحطب وأغرت الفتل، ومارست كل ما يمكن أن أمارسه، وهو ما خلف لدي موهبتين قد لا تدخلان في مجال هذا الحديث أحمد الله عليهما: تعدد المهارات اليدوية، وانعدام العقد النفسية من ممارستها. كان المحيط الذي نشأت فيه بمثابة مكتبة مجسدة في الناس والأحاديث اليومية والسلوك وغير ذلك كما تبين لي من بعد؛ لذا تعلمت بشكل تلقائي من منشئي دون قصد، وربما أفادني في ذلك امتياز ذاكرتي التي كانت تعي الأشياء بتفاصيلها الدقيقة التي قد لا تعني شيئا، فما أزال إلى اليوم أتذكر أشياء رأيتها أو سمعتها في صغري دون أن أفهمها وقت ذاك فأفهما الآن أو أفهم بعضها بطريقة تشبه الاجترار في الأجهزة الهضمية لبعض الحيوان. أما أبرز ملامح تلك الفترة فهي الثراء الثقافي والمادي، والتمسك الشديد بالموروث من عادات كان معظمها حميدا وإن كان بعضها غير مستمد من الشرع الحنيف كالتحرج من إبداء الشعور نحو الزوج والولد والأقارب الأدنين، وازدراء الفخر والتمدح، والتفسير السيئ لمدح الشخص في حضوره، والتجنب المتبادل بين الأصهار، وتجنب المباشرة في التعبير غالبا والاكتفاء بدل ذلك بالإيماءات والتلميحات.. إلخ. من طرائف تلك الفترة أني كنت مولعا بقطة لي وبكيت عليها حين ماتت، وفي عامي الخامس وهبت أمي إحدى صديقاتها بعض مقتنياتي فرأيته في بيت هذه واختلسته وخرجت به ممسكا إياه خلف ظهري دون أن أفهم أن ظهري كان إلى القوم وأني لا أخفيه إلا عن نفسي! وفي الفترة ذاتها كان لي فنجان (كار) من الحديد المغشى، وكان نوعه يسمى "الجير" وأثناء لعبي مع أقراني ملأت فنجاني ماء وسألت نفسي: هل سيبقى الماء فيه لو رميته في الهواء؟ ولاستبدال الشك باليقين رميت الفنجان إلى أعلى فانسكب الماء على وجهي وارتد الفنجان إليّ وترك حَرْفُه تذكارا على جبيني خلت أثره اختفى حتى تراجع خط الشعر منذ سنوات استجابة لتقدم عمري فظهرت براءة الاختراع المسجلة في عين المكان والزمان!
السراج : تصنفون ضمن المرجعيات اللغوية والفقهية، وتتمعون بثراء معرفي واسع، ماذا عن دراستكم المحظرية والعصرية ومشايخكم؟
م. سالم ولد جدو هذا فأل أعتز به، وأتمنى من الله أن أكون كما وصفتم، وعموما فنشأتي كانت في محيط علمي – كما أسلفت- وقد درست على العديد من العلماء من بينهم أمي التي كانت الأستاذ الأول والأهم في حياتي، فقد أخذت عنها أغلب نص القرآن الكريم وجانبا من السيرة النبوية واللغة والأدب بشقيه.. وغير ذلك. كما استفدت الكثير من أبي حفظه الله، وإن كنت لا أتذكر أني درست عليه متنا أو موضوعا بذاته، ودرست على مشايخ آخرين - رحم الله الموتى منهم وحفظ الأحياء- من بينهم خالي الشيخ محمدٍ بن الشيخ بابَ خيّْ، الذي درست عليه الكفاف وبعض أشعار الستة الجاهليين وبعض شعر امحمد ابن الطلبه، واستفدت الكثير من مجالسته بحكم الآصرة، ومن المطالعة له أحيانا بعدما ضعف بصره في عاميه الأخيرين، وإن كان تواضعه الجم وأخلاقه الحميدة واقتداؤه بالسنة أهم ما أثر فيّ وحاولت التأسي به. والمختار السالم بن علي (الغطمطم) وهو خال أمي وابن عمة أبي، ودرست عليه مواضيع مختلفة ورويت جانبا من إنتاجه الأدبي الغزير فصيحا وشعبيا. ومحمدٍ ابن انبتْ الذي أعدت عليه حفظ نص القرآن العظيم كاملا برواية ورش عن نافع قبيل بلوغي (وهو من أقاربي). ومحمد عبد الله بن احمياده (وداهي) وعليه درست النحو وأنساب العرب وبعض أشعار الستة الجاهليين. وبداه ابن البوصيري الذي أخذت عنه أول إجازة أنالها في حياتي، وكانت في قراءة نافع بروايتيها (قالون وورش) ودرست عليه مصطلح الحديث من خلال طلعة الأنوار لسيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم. ومحمد سالم بن عبد الودود، ولم أدرس عليه بالمعنى المألوف؛ وإنما استفدت الكثير من مخالطته وتكرر مجالسته. وهو شخص أستبعد أن تلقاه دون أن تستفيد منه شيئا! ونافع بن حبيب بن الزايد؛ وعليه درست التصريف وبعض النحو وبعض الفقه. ومحمدٍ (الطفيل) ابن الواثق، وعليه درست بعض النحو وبعض الفقه أيضا (وهو من أقاربي). ومحمد يحيى بن الشيخ الحسين، وعليه درست قواعد الفقه وأصوله، وبعض الفقه ذاته كالقضاء وما يتعلق به من حدود ودماء.. وغير ذلك. ومحمدْ عبدَ الله بن عبدِ الله، وعليه درست القراءات السبع وأجازني فيها بأسانيد متصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم. هؤلاء من أبرز مشايخي وأخشى أن أكون قد نسيت البعض.. "وبالطول قد ينسى الفتى شيخ علمه". ومن أهم أساتذتي الحياة ذاتها والناس بأنواعهم؛ فقد استفدت من الأشرار العبرة ومن الأخيار الأسوة. ويسعدني – ولو أن السؤال لا يتعلق بهذا- أن من طلابي من بلغوا شأوا عاليا في داخل البلاد وخارجها بفضل الله ثم بجِدِّهم لا بجهدي القاصر؛ من بينهم القارئ المعروف خاديل بن محمد عبد الرحمن المدير السابق لإذاعة القرآن الكريم، والشيخ محمد يسلم بن محفوظ نائب إمام الجامع الكبير بالعاصمة (مسجد السعودية). أما دراستي العصرية بالمفهوم التقليدي فغير موجودة تقريبا! لقد ولدت ونشأت في قوم ينأون بأنفسهم عن الدولة الوليدة رغم وقوع العاصمة على حوالي 40 كيلو مترا منهم، ويتمسكون بمقاطعة المدارس، التي توارثوها من عهد فرنسا، وكان أول موظف في العائلة بعد حوالي 15 سنة من الاستقلال؛ لذلك لم أمرر بما قبل المرحلة الجامعية، وإنما خضت مسابقة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية (شعبة الأساتذة) وكتمت ذلك عن أبي وعن جميع من حولي، وانتسبت إليه أربع سنوات حصلت في نهايتها على المتريز في العلوم الشرعية واللغوية دون حضور ذي بال إلى دروس المعهد المذكور الذي كان الذي كان في فترته الذهبية وكان أساتذته نخبة أذكر منهم المشايخ الأفاضل: محمد يحيى بن الشيخ الحسين، ومحمد سالم بن المحبوبي، والناجي بن محمود، ومحمد سالم ابن عبد الودود الذي كان أستاذا زائرا في بعض الفترات. رحم الله الجميع. أما إذا كان المقصود بالدراسة العصرية الاستيعاب والاستفادة والتمثل فقد اكتسبت الكثير من الخبرات والتجارب دون عناء ودون قصد تعلم وإنما هو "استروي".
السراج : كتبتم في تاريخ الأدب الحساني ومدارسه، هل تعتقدون أن بحثكم ذلك سد الثغرات المتناثرة في جدار الأدب الحساني؟
م. سالم ولد جدو : لست في حل من الإجابة ولكن ثمة مؤشرين إيجابيين: الأول عدد الذين انتحلوا مادة الكتاب (البحث) المذكور من رجال الثقافة والأدب في البرامج التلفزيونية والإذاعية وصفحات الصحف والمواقع الألكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي وقاعات المحاضرات؛ فمجازفتهم بهذا الفعل جهرا تنبئ عن تزكية للمادة وأنها تستحق – في نظرهم- التضحية في سبيلها بأغلى ما يحرص عليه العاقل دون شعور بالغبن، أضف إلى ذلك التفاعل والصدى الطيبين اللذين لقيتهما المادة ممن تلقوها عبر أولئك القوم، عفا الله عني وعنهم. الثاني ما ذكره الأستاذ والأديب الكبير محمد فال بن عبد اللطيف – وهو غير ظنين- في تقديمه للطبعة الأولى من الكتاب؛ حيث يقول بالحرف ما يلي: "قرأت منشورات كثيرة عن الأدب الوطني والموروث الشعبي فلم تر عيني مثل ورقات كتبها الأديب الأريب الأستاذ محمدُّ سالم ابن جدُّ حول الحسانية.. ألسنيا وأدبيا. لقد تعرض الكاتب في هذه الورقات لمواضيع تسور عليها قبله كرام كاتبون، فلم يشفوا الغليل؛ وكان في نزعهم ضعف – والله يغفر لهم- أما هو فقد أشبعها بحثا فاستحالت غربا سيضرب منها الواردون الباحثون بعطن. والطريف في هذه الورقات أن صرامة البحث العلمي وجفافه لم يمنعاها من أن تكون طريفة ظريفة ممتعة، يمر عليها القارئ دون توقف، كأنما يلتهم مطعوما لذيذا أو يستمع نغما موسيقيا بديعا، حتى يأتي إلى آخرها ثم يحل مرتحلا إلى أولها عللا بعد نهل". ويختم مقدمته بالقول: "فدونكم - يا أهل الأدب- مأدبة تدعون إليها الجفلى وتستفيدون منها النقرى!". انتهى الاستشهاد. أما أنا فأرجو إعفائي من تقييم عملي بنفسي.
السراج : تمزجون بين تراث تقليدي واسع وبين معرفة واسعة جدا بالمعلوماتية، كيف تتعايش هاتانالمعرفتان؟ م سالم ولد جدو : تتعايشان بينهما ومع غيرهما كما تتعايش في الجسد الواحد مختلف الوظائف المتنوعة إلى حد التناقض، أو كما تتعايش النباتات المختلفة في البقعة الواحدة. وأعتقد أن العقل لا يعاني مشكلة في تباين المعلومات، وأن المعقولات متشابهة في جوهرها مهما اختلفت ظواهرها وتَجَسُّداتها، وكل ما ازداد العمق ازداد التقارب والتشابه، وهذا ما عبر عنه سيبويه بالقول: "من أتقن فنا أداه إلى سائر الفنون".
السراج : سيصدر لكم قريبا كناش الشيخ خليل بتصميم فني رائق، ما قصة هذا الإصدار وما القيمة التي تتوقعون أن يضيفها إلى المكتبة الفقهية والتراثية في موريتانيا؟
م. سالم ولد جدو : هذا إصدار مشترك بيني وبين صديقي الفاضل الأستاذ محمدْ ابن سيدي محمد، عكفنا عليه منذ عامين وقد أصبح نصفه الأول جاهزا الآن تقريبا، وربما كان – أعني النصف الأول- مجلدين ضخمين أو ثلاثة متوسطة الحجم. وقد ارتأينا أن يكون "كناشا" شكلا ومضمونا؛ بمعنى إثرائه من كنانيش كبريات المحاظر ونشره على الشكل المألوف للكنانيش من متن وحواشي وطرر وضعت متمايزة وفي تصميمات واتجاهات شتى، وربطت بعلامات متنوعة. ومعلوم أن الكنانيش من أبرز ملامح المحظرة الموريتانية، وأن الطرر والحواشي بمثابة البصمة الثقافية لسكان هذه البلاد على مختلف المعارف. وفي إعداد دراسة عن المذهب المالكي وضعناها في صدر الكتاب لفت انتباهي العدد الكبير للمؤلفين في فروع الفقه المالكي من علماء بلادنا، وهو ما يتجلى من خلال مقارنة عددهم بغيرهم من المؤلفين ثم النظر إلى نسبة أتباع المذهب المالكي هنا من عددهم الكلي على امتداد العالم الإسلامي.
السراج : ماذا عن مكتبة الأستاذ محمدُّ سالم ابن جدُّ؛ بتعبير آخر: ماذا عن الكتب التي ألفتم أو حققتم: عددها نوعيتها وتخصصاتها؟ م. سالم ولد جدو : لدي ما أظنه يناهز 30 كتابا أو يزيد، نشر حوالي ثلثها حتى الآن. وهي أعمال مختلفة المواضيع والأساليب والأحجام؛ أغلبها من مؤلفاتي، ومنها ما حققته؛ فقد بدأت التأليف قبل العشرين من عمري، حيث وضعت شرحا للخزرجية في علمي العروض، سميته الدرة البهية في فك رموز الخزرجية. وألفت الكشف الوافي عن جرائم القذافي، ثم الجج الغرر في الذب عن أمير المؤمنين عمر، ردا على تداع حر في أحد خطابات القذافي تحامل فيه على عمر رضي الله عنه وتطاول عليه في معرض حديثه عن التاريخ الهجري وما زعمه دواعي لخرقه الإجماع المنعقد على هذا التاريخ واستحداث تاريخ خاص به. ألفت هذه الثلاثة وجمعت شبه ديوان شعري فصيح وآخر شعبي من بواكير أنتاجي الأدبي قبل سنة 1983. أما أعمالي المنشورة حتى الآن فمنها: * ذيل الطاووس بتحقيق وشرح شواهد القاموس، وهو بحث معجمي أدبي في موضوع لا أعلم من تناوله من قبل. * الغطمطم.. شاعر العلماء وعالم الشعراء، وقد طبع مرتين حتى الآن. * الحسانية ألسنيا وأدبيا، وسبق تناول المحتوى في الرد على سؤال لكم. * وجيز العبارة، وهو بحث تأريخي تأصيلي. * نار القِرى في حكم جمعات القرى، وقد تناولت فيه حكم إقامة الجمعة في الحواضر التي تحولت من أحياء بدوية متنقلة إلى منازل مشيدة، منبها على تغير خطابها الشرعي تبعا لتغير حالها، وانتقالها من طور إلى طور. * تحقيق الريان في تفسير القرآن للشيخ محمد بن محمد سالم، وهو عمل ضخم صدرت منه ثلاثة مجلدات حتى الآن، وربما زاد على عشرين مجلدا، وتكتنفه صعوبات جمة من بينها وجود نسخة واحدة غير سليمة أحيانا وبعض محتواها مفقود حتى الآن، وقد لجأت للرجوع إلى مصادر المؤلف – وهي كثيرة، وبعضها نادر- للمقارنة والتحقق سدا للفراغ الناشئ عن عدم تعدد النسخ، وخرّجت أحاديثه ونسبت أشعاره وترجمت أعلامه.. إلى غير ذلك من جزئيات التحقيق العلمي. وأرجو من الله التوفيق. * المرشد الوجيز إلى قراءات الذكر العزيز، ويمتاز بالاختصار وجمع النظائر وعرض كل قراءة على حدة وإبراز الخصائص. * المشعل الوهاج فيما لخير الرسل من مزاج، وهو عبارة عن أرجوزة في مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم- وضحكه وبكائه وما أضحكه أو أبكاه.. إلخ. * عدة مؤلفات أخرى أصل بعضها محاضرات وبحوث ودراسات في مجالات شتى.
السراج :- لكم في الشعر سبح طويل، في قرضه وفي نقده، ما رأيك في الحالة الشعرية السائدة اليوم، وهل تعتقد أن الساحة اليوم تشمل أجيالا شعرية متعددة؟
جواب: أرجو أن لا أكون مثبطا للهمم لو قلت إن التصحر بدأ يغزو الساحة الشعرية ببلادنا، وأخشى على الشعر والشعراء من عوامل مختلفة بعضها خارجي كالانصراف عن الأدب عموما، وبعضها داخلي وربما كان أشد ضررا، من قبيل عدم وجود نقد متحرر من الجاذبيات، وكالتقليد، والإسفاف أحيانا، ونرجسية بعض الشعراء التي وصلت إلى حدود غير صحية ربما فاقمها الإسراف في تدليلهم. أذكر أني حوالي سنة 2011 تم اختياري رئيسا للجنة تحكيم فرع الشعر الفصيح من المسابقة السنوية التي يجريها اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين، وهو ما اقتضى مني – أدبيا- حضور بعض أنشطة مهرجان تلك السنة، ومن أبرز ما لاحظته أنه كان يجري التنويه بمن يصفه عريف النشاط بأنه الشاعر الكبير فلان بن فلان، ويدعوه لتشنيف الآذن فيبرز شاب حديث السن يختال إلى المنصة كالطاوس وفي النهاية يلقي نصا عاديا شكلا ومضمونا! وفي إحدى الجلسات سألت الأستاذ محمد كابر هاشم (رئيس الاتحاد آن ذاك) مداعبا: ما ذا استبقيتم من الأوصاف لهؤلاء عندما يصبحون كبارا فعلا؟! فوافقني الرأي وضحكنا واستمر الحال كما كان!
السراج : التجديد في الأدب الحساني، برأيك هل هو متاح، وما هي حدود التجديد، وهل من نماذج تعتقد أنها حققت التجديد؟ م. سالم ولد جدو : التجديد متاح أبدا من حيث المبدأ، ولعل هذا من المسلمات. ويصعب استباقه برسم حدوده قبل حدوثه، إلا أنه ربما كان أبرز في الأساليب والأخيلة والمواضيع والمفردات، وإن لم يصل إلى البنية العروضية القافوية في نظري. وربما كانت ثمة نماذج أدبية جيدة ولكن لا أذكر شيئا منها الآن؛ علما بأن "عيني طويلة".
السراج : شكرا لكم
|